جماعات الهوس الديني ومنافحتها عن الأنظمة المستبدة عروة الصادق حينما نستطرد في أذهاننا معاني الرحمة والتقاء والنقاء والإباء والضيم والبسالة والنجدة والمروءة والكرم والشجاعة والأنفة والشهامة والسمتة نجد أننا نستذكر تاريخا باذخا مليئا بالقيم التي هي من مكارم الأخلاق التي أتى لتكميلها وإتمامها على الوجه الأكمل نبي الرحمة الأمي الرحيم محمد صلى الله عليه وسلم. وما من قائل يقول بمكارم الإخلاق وإحقاق كرامة الإنسان والعدالة وعدم انتهاك حرماته إلا واستدل بفيض من النفحات الرحيمة من كتاب الله المنزل على الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم أو ما قال وقام به وفعله صحابته وأقره لهم دون حجر أو زجر، فتجد السلسلة التكريمية لا نهائية النصوص ففي كتاب الله المقروء لم يحجب الله أبصارنا أوأسماعنا أو كليهما عن التزود بالرحمة من نصوصه إذ نجد أنفسنا على الدوام نردد أن بسم الله الرحمن الرحيم ولم يختر لنا الله أن نردد بسم الملك العزيز المنتقم أو الجبار المتكبر أو الوال المتعال أوالضار أو المعز المذل أو غيرها من أسمائه وصفاته جل وعلا، فوق هذا كله جعل لنا كتابا منشورا في البر والبحر والسماء نصوصا رحمانية لا نهائية نراها يموما بعد يوم في الطير لصغاره والشجر بظلاله والشاة ترفع حافرها عن وليدها خشية أن تطأه ، ولكن نجد أنفسنا مغموسوين في التشديد والتضييق على أنفسنا دون إدارك تارة، وعن قصد واستكبار تارة أخرى، فاختار بعضنا أن يجلبب بالنصوص بعد أن قصرها وفصلها حسب هواه فامتطى صهوة الدعوة إلى الله بغير بصيرة، مع أن الله نبهه في سورة يوسف وأرسل على قدوته صلى الله عليه وسلم نصا قطعيا فيه: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ولكن لا سار هؤلاء بنهج الإنكفاء والتطرف والمشادة والغلو وأعموا بصائرهم ونظروا إلى الدين بعين البصر التي لا ترى إلا بعض الحقيقة، فغلفوا قلوبه ورانت بأكلهم أموال السلطان ونبت جسومهم سحتا لأكلهم معه مما يطعمه من قوت الفقراء الذي لم ينبهوه يوما أو يسألوه بأن \"من أين لك هذا؟\" فهم يكفرون ويفسقون ويتهمون بالزندقة ما شاء الله أن يفسقوا ويكفروا ويقبضوا بعد ذلك الأجور وبعضهم من تهدى له القصور ناسيا أو متناسيا موقفه من التحري في القبور، هؤلاء الضلاليون الجدد يملأون هذه الأيام ساحات الأسواق تعرفهم بسيماهم فهم مستقدمون ومستأخرون في أجسادهم تحسبهم براميلاً فارغة من ضخامة بطونهم وكثرة ضجيجهم وشدة ما يحدثون من جلبة، فهم لا يتبعون إلا سنة الضلال المبين فتجدهم أفظاظا غليظي القلوب ومع ذلك يستغربون لانفضاض الناس من حولهم دون أن يدعوا إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة وبالتي هي أحسن بل صارت الموعظة موغظة وجعلوا التي هي أحسن هي الأخشن دون أن يهتموا بأمور المسلمين فتجد أحدهم يعلم علم اليقين أن القلة من المتحلقين حوله في السوق إما شباب عاطلا عن العمل أو مشردين من الذين يجولون الأسواق أو من الذين ضاقت بهم سبل العيش فجاؤا يتسولون لقمة العيش، ويرى بأم عينيه ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات في الأسواق وهو معروضة فقط ينظر إليها الناس بأم أعينهم ولا تطولها إلا أيادي الذي رضيت الإنقاذ عليهم والبشير والمغضوب عليهم من الشعب والذين ضلوا وأضلوا سبيل الرشاد، فجعلوا من منابرهم تزينا لأعمال الحكام ووقوفا بجانب حكم الاستبداد فتجد دهاقلة علماء السوء هؤلاء يزجروننا ويعنفوننا بقوله تعالى في سورة النساء: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ) ويقفون هنا مع كبيرهم البشير \"عمر\" ولا يستذكرون أو تراهم يستغفلون المقارنة بين عمر بن الخطاب وهذا \"الكذاب - النهاب\" وشتان ما بين هذا \"الرقاص\" وعمر العادل الهميم بشؤون الناس، أولم يعلم هؤلاء بأن الله يسمع ويرى؟؟ كيف لهم أن يقولوا بوجوب طاعة ولي الأمر الذي شهد مراجعه العام بفساد أجهزة حكمة ودبجت المواقع الإلكترونية والصحف والمنظمات اتهاماتها له بشهادات موثوقة يعلمها حتى أئمة الضلال لأن كثيرا من الفتاوى الجهادوية التي أسست للتقتيل والتعذيب والجاسوسية كانت تخرج من أفواههم ويؤصلون لها من صميم دين الرحمة بعد \"تقييفها\" حسب الحوجة، فكل هؤلاء صموا آذاننا في المساجد بالدعاء والإبتهال والإجهاش بالبكاء على من قتلوا في غزةفلسطين بل بعضهم سير المواكب التنديدية وهي من البدع التي لا يحرمونا إلا على المعارضين لأنها خروج على ولي الأمر، بل من المساجد صاروا يحركونها ويبتكرون لها الهتافات ويرددونها، غاضين الطرف تماما عن ما يحدث في دارفور من انتهاك وتقتيل وسحق واغتصاب يومي أتت به حتى اللجنة التي كونها أمير الراقصين هذا - لجنة دفع الله- مع ذلك قلنا دارفور بعيدة جدا وغزة أقرب إلى الإسلام والانسانية منها لذلك لم يستذكر هؤلاء المضلون الحديث عن جزء من ألف جزء مما حدث في دارفور، ولكن هذه الانتهاكات انتقلت إلى قمة البيت المصون الآمن الذي يحرس كرامة البلاد والعباد ويوفر لهم الأمن ليعبدوا رب هذا البيت، فاغتصبت صفية في غرفاته وغلفوا عليها أبوابه وهتكوا شرفها وانتهكت كرامتها بعد أن عذبوها وضربوها، وارتقت هامة الذين ارتكبوا هذا الجرم، ولا أستبعد ترقيتهم لرتبة \"المشير\"!!. كل هذا وعلماء الضلال الذين أفتوا بتحريم الإيجار لأعضاء الحركة الشعبية، وحرموا التصويت للمرأة في انتخابات إبريل الماضية، وفسقوا من قال بحق تقرير المصير، وزندقوا من قال بموالاة الحركة الشعبية، وخونوا من يشايع الجنوبيين ولا يبايع عُمَرَهُم هذا. هذه الأشكال القميئة أبلغ ما يمكن وصفها به هو المفردات التي انتقاها الطاغية القذافي في وصف شعب ليبيا العظيم والتي أستطيع أن أخطها هنا فأترك للقارئ استذكارها ونعت هؤلاء بها والإضافة عليها ما شاء الله، فهؤلاء الضلاليون يرون بأم أعينهم إرادة الله تنتصر للحق وتحقق قوله تعالى في سورة آل عمران: ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، هل هذه الكوكبة من الضلاليين الجدد تغافلت وظنت ظن السوء بأن إرادة الشعوب معزولة وليست من إرادة الله، أم تغافوا عن ظلم الحكام وغضوا الطرف عن انتهاكاتهم حتى صاروا لا يرون إلا ما يرى الحاكم ولا يؤمنون بأن في الظلم شرك عظيم، وعن أي طاعة ولي أمر يتحدث هؤلاء؟؟ ليأتوا إلينا بأنموذح عُمَري حقيقي تعميري وليس بهذ الأنموذج المزيف التدميري على شاكلة عمر المدمر، فكل البغال تتعثر والعربات في شارع الستين تتكسر وتظل الأُسر المكلومة تبكي وتتأثر وحفنة الضلال المضلة بالكذب تتدثر. أما آن لهؤلاء أن يجاهدوا في أنفسهم أعظم جهاد ويمنعوها من التزلف لبلاط الحكام ومساجدهم \"المكيفة\" ولحاهم المزيفة؟؟ أما آن لهم أن يعلنوا الجهاد حقا وصدقا بقول كلمة الحق أمام سلطان غاشم جبار مستبد عنيد؟؟ أما آن لهم أن يصدروا تلك البيانات التي تدين وتندد بقتل الأطفال والشيوخ والعزل والنساء وإهلاك الحرث والنسل في دارفور واستشراء الفساد والإفساد والإستبداد؟؟ هذا أو أن يعلنوا الجهاد علينا ويريحونا من أنفسنا لأنا كفرنا بما عندهم من تدليس و\"دغمسة\" وتدجين وتعليب للنصوص وخنوع وقنوع وركون لملذات الدنيا وزخارف الحكام التي زينوا بها بيوتهم فوق هذا الكفر كفرنا بمشروع التقتيل والاغتصاب والتنكيل والتعذيب والتشريد، نعم أيها الضلاليون إنا كافرون كافرون.. فقط آمنا بأن الله حق رحمن رحيم بعث لنا أرحم خلق الله أجمعين أمرنا بقوله :( انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا ولا صغير ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا ( إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ). فيا هاؤلاء هل أنتم منتهو؟؟ سأظل ألتمس العذر لهم إلى أن يجف وينضب ذلك الثدي الذي تقتات منه أجسادهم، وسنناصحهم وننافعهم وندافهم بالتي هي أحسن، وننافح بالرحمانية المحمدية القرآنية، فإما انصلح حالهم كما حدث لكثير من جماعات الهوس الديني، وانخرطوا في الصف الوسطي وتركوا مشاددة الدين، ويسروا مقاصده دون تعسير وبنوا معانيه كاملة دون بتر أو تكسير. فكل مؤمن مجبول على حب الخير ومسكون بإنسانية ومفطور على الإسلام وقيمه السمحاء ولكن شياطين الجن تسول له وتستذله وتزين له أنه يحسن صنعا، فوق ذلك شياطين الإنس التي فاقت مكر الشياطين الجنية وابتكرت أقبح الحيل للتأصيل للفساد والاستبداد، فيا من يتسمون بأهل القبلة قد فرقتم الأمة وفصلتم أهل الإيمان وطردتم ثلث سكان السودان بمن فيهم من المسلمين إلى بلد آخر بأقاويلكم وفتاويكم، هذا وإن لم ترعووا فإن المشروع النهضوي سيتجاوزكم ويعاملكم تعامل البعير الأجرب، وستتخطفكم أيادي الناس تريد النيل منكم وتقطيع لحاكم الكاذبة، فلا انتهيتم وعن فساد الحكام والتزلف لهم انتأيتم؟؟.