حديث المدينة ملعوبة..!! عثمان ميرغني بصراحة.. تجدني أعترف أنّ الحكومة أثبتت أنّها أذكى من الصحافة..إذ ظللت أراقب ولأكثر من أسبوع (اللعبة الذكية) التي مررت بها الحكومة الكرة من تحت أرجل الصحافة والصحفيين.. وكأنّي بها تضحك – الحكومة - ملء شدقيها على سطحية الصحافة.. وخفّة عقلها. تصريح بسيط (ملعوب بذكاء) عن رواتب الدستوريين.. أطلق في الهواء.. ومقارنة بين رواتب الوزير والوالي والرئاسة.. ثمّ انهمرت الصحف كلها والأعمدة والتعليقات.. معارك ولا معارك كتائب القذافي مع الثوّار.. راجمات ومدافع ثقيلة.. ولم ينتبه أحد للتمريرة الذكيّة. وعملاً بمقولة إخواننا المصريين (هات من الآخر).. فهآنذا اتبرّع لكم (من الآخر) بأصل وفصل الحكاية..!! الحكاية وما فيها.. أنّ الحكومة لاحظت في الفترة الأخيرة أنّ الصحافة صارت تتبارى وتتنافس في كشف الفساد أو على الأقل في قرع طبول الحرب ( ولو كانت جوفاء) ضد الفساد.. وكثر اللغط والهمس والجهر.. والرزاز يتطاير يمنة ويسرى.. و(اللي ما يشتري.. يتفرج).. وأدركت الحكومة أنّ (العيار اللي مايصيبش.. يدوش).. فاستخدمت نظرية (اللحمة.. والكلاب) وهي نظرية شهيرة في علم السياسة.. وتفترض النظرية أنّ الكلاب إذا حاصرتك.. فأفضل طريقة للتخلّص منها إلقاء قطعة لحم بعيداً.. فتعوي وهي تتعارك عليها بعيداً عنك.. ورمت الحكومة بقطعة اللحم.. (مُرتّبات الدستوريين)..!!! وهي ليست قطعة لحم.. بل عظم جاف يابس فاقد الجدوى.. من قال لكم أنّ الفساد في المُرتبات؟ ومن قال لكم أنّ (بعض كبار الموظفين) في حاجة أصلاًً لمُرتباتهم.. أحد أصدقائي.. وهو موظف كبير.. وشفاف لأقصى درجة قال لي بكل صراحة.. أنّه لم يصرف مرتبات عام 2010 (كلها) إلا في نهاية السنة دفعة واحدة.. سألته وكيف تمارس الحياة بلا مرتب.. فقال لي بكل صراحة.. أنّ ما يقبضه من أموال.. في الشهر الواحد أكثر من عشرة أضعاف مرتبه.. وهو في الأصل ليس في حاجة للمرتب.. (لعبة المرتبات) انطلت على صحافتنا.. و(دورت فيها) كأنّما المشكلة أصلاًً في المرتبات.. ثمّ اتضح من واقع الأرقام أنّ غالبية الدستوريين يجوز في حقهم أن يكونوا أحد مصارف الزكاة.. لبؤس المرتبات التي نشرت في الصحف مقارنة بوظائفهم الدستورية الخطيرة.. وبدلاً من إحساس الشعب بالغبن من مرتبات الدستوريين.. يكاد يعلن حملة تبرعات لإنقاذ الدستوريين من شظف العيش وضيق المرتبات .. والذي فات على الصحافة.. في (لعبة المرتبات) أنّ المرتبات بند مكتوب.. ومحسوب.. بينما الفساد أول أعراضه أن يقول المسؤول بكل فزع - تماماً كما يفعل عادل إمام في مسرحية شاهد ما شفش حاجة - (أنا اسمي مكتوب؟؟). لا تضيّعوا وقتكم في مرتبات الدستوريين.. الحكاية (ملعوبة)!! التيار