من مذكرة عائدة: كلاب مستوردة - 3 بدأت في متابعة مسيرة العودة بإدخال أبنائي المدارس.. و كان من أصعب الأمور فتح المنزل و استخراج أشياء عفى عليها الزمان..ومن الامور التي انصح بها و الاخوات (خاصة) عدم تخزين كثير من الملابس و الملايات و الستائر لان الزمن يتغير و الموديلات تصبح أضحوكة.. في زحمة الترتيب و التخطيط و التصفيات ظهرت ((الكلاب)) و طبعا ليست الكلاب العادية (كلاب الحلة ناس بوبي و جريس و بلوتو) بل كلاب لها قلعة و شنة و رنة..فدب الذعر في نفوس أبنائي خاصة ان والدهم لم يعد معنا في بادئ الأمر..و بدأ القلق و توالت الاحداث متتالية الكلاب هجمت – الكلاب قضت على فلان و مزقت جسد طفل – الكلاب تسلقت سور فلان...الخ عشت رعبا رغم وجودنا في البيت الكبير و اغلقت ابواب الغرف على أبنائي و عندما يخرج احدهم اتصل و اسأل : هل وجدت كلبا في الطريق؟ فيجيبون أحيانا ب (لا) و أحيانا ب (نعم) لزيادة جرعة الحنان و أتفاجأ بانه عنى كلبا عاديا..و تناقل الناس الأخبار...الكلاب مستوردة من الخارج بل مدربة في الداخل..و أنا أهمهم لماذا تزامن وجود هذه الكلاب مع عودتي للوطن؟! و كالعادة بدأت المعارضة المنزلية التي ترفض العودة في النقة (اها يا ماما جينا السودان و تقولي لينا ما تطلعوا الشارع و في السعودية قلتي لينا لمن تمشوا السودان اطلعوا زي ما دايرين) أجبت بحزم : طبعا يا أولاد..ده شئ عارض و سوف يزول...وكمان لازم تعيشوا مغامرات عشان لمن ترجعوا تحكوا لأصحابكم في الغربة مغامراتكم مع الكلاب..أما الكبار الذين يشمتون من عودتنا يقولون: والله معليش عدت للوطن و جاءت مشكلة الكلاب..فأرد بتهكم واضح: طبعا الكلاب دي جابها واحد مخصوص ما عايزني اجي السودان استقر ربما حسدا في استقراري أو عدم قدرة على احتمال فراقي.. وفي يوم ما خرجت في المساء لاحضار ابني الاكبر الذي تأخر..وكان الشارع مظلما و انا اسير بكل زهو أمثل دور الاب و الأم معا..فجأة ظهر كلب في الشارع فما كان مني الا أن أطلقت صرخة داوية و بكل ما املك من قوة (يا ناس انا الجابني السودان شنو؟) و الحمد لله لم يسمع تلك الصرخة الا رب العالمين ..أما ذلك الكلب فقد اتضح انه كلب عادي (كلب ناس كلثوم بنت السره) ودمتم.... سطور من هامش المفكرة: أحبتي في الغربة..في زمن تتبدل الاشياء شكلا و معنا و تظل اخوتكم اجمل ثوابت العمر.. المشتاقة/ منال محمد الحسن من ارض المحنة