*(عن كثب) نقد خطاب المعارضة المغيرة حسين [email protected] يتأخر خطاب المعارضة السودانية عن خطاب سلطة نظام الانقاذ القائم أصلا على التشويش السياسى وعلى اختلاق الأحداث السياسية اليومية والتصريحات المفاجئة والمرتبكة الصادرة عن قوى عديدة ورموز متنفذة فى جسم الانقاذ ، حكومة وحزبا ، هذا الجسم الذى يبدو متماسكا فى ظاهريته غير أن باطنه يمور بالتشقق واختلاف الرؤى والمصالح ، والصراع المكبوت بين أجنحته ، صقورا وحمائما ، و متنفعين كثر . يحاول الخطاب المعارض ملاحقة سياسة الانقاذ بالنقد والتقريع وكشف سوءاتها التى لا ولن تنقضى مما يجعله خطابا يتعامل بمبدأ ردود الأفعال والحراك المستهلك والمرهق دون أن يتأسس على خلفية منهجية عميقة وواضحة ذات فعالية تبتكر الفعل السياسى وتقذف به فى المشهد السياسى السودانى المتأزم والقابل للانفجار فى أية لحظة ، ليس لفجائية الفعل السياسى للانقاذ وحسب ، لكن أيضا لخمول الخطاب المعارض ودونيته. مايقرّب بين المعارضين السياسيين للانقاذ ليس عداوتها أو المصلحة المشتركة فى زوالها بصورة أو باخرى لكن هى تلك العبرة المستخلصة من فشل الانقاذ نفسها فى أدارة شأن العباد و البلاد وفق رؤيتها الشمولية و منهجها الاستبدادى و قبضتها الامنية الشرسة و مصادرتها المطلقة للحقيقة و الوطن و استقطاعها لترابه و بناء الحواجز القبائلية بين مجتمعاته .. أخيرا و ليس اخرا فسادها و افسادها لكل شىء . اذا فان الطريق مسدود أمام حلحلة المشكلات السودانية المزمنة والشائكة فى غياب وتغييب الديمقراطية الحقة وخطابها التعددى الذى يسمح بمشاركة جميع الأغيار سواء بسواء . ان فشل الخطاب المعارض فى تقديم نفسه للمجتمع السودانى ، بطريقة صحيحة مطلوبة ، كبديل ديمقراطى ناجع ، يستطيع الاجابة عن كل الأسئلة المطروحة ، سياسيا واجتماعيا هو نتاج لفشل المعارضة فى بناء حاضنة فكرية وثقافية مستوحاة من جدلية التغيير وضرورته الحتمية كشرط وجودى وانى معا يجنب المجتمع وحركيته السكون والانكفاء والموات . . يجنب المجتمع التاكل والانقسامات التى تعصف وتنذر بزوال المجتمع برمته . بناء خطاب معارض متجاوز يتأسس أول ما يتأسس على هدى اليمقراطية وروح العصرنة والحداثة مستصحبا القيم السودانية الكلية و النبيلة التى لاتزال تحوّم فى و تحلق حول افق مجتمعتا و لمّا تنطفىء بعد رغم ماتعرض له هذا المجتمع من سحل مقصود فى اخلاقه و قيمه العليا و محاولة ابدال وتوطين قيم اخرى هشه و راضخة تسهل من عملية انقياد المجتمع بكامله للسلطة. يحمل مصطلح معارض / معارضة كثير من الدلالات السالبة فى الذهنيه الجمعية السودانية و يقرا مصحوبا بالتخريب و الارتزاق و التامر و الوقوع فى فخ العمالة للاجنبى و اللاوطنية ،كل ذلك جراء ما تمارسه السلطة و اعلامها المزيف و التلفيقى من تشويه قصدى و اهتزاز متعمد لصورة المعارضة و ابعادها عن دورها المنوط كونها حكومة موازية تمتلك كامل الحق و الشرعية فى الكشف عن طروحاتها الفكرية و برامجها الساسية و الاجتماعية المغايرة و البديلة . وكونها من زاوية اخرى احدى بنايات المجتمع المدنى و الياته التى تملأ الفراغ ما بين السلطة و المجتمع . ان تنادى الديمقلراطيين السودانيين ، بجميع خلفياتهم السياسية و تياراتهم الفكرية ، حول كتابة و ابتدار مشروع للخطاب الديمقراطى المتجاوز و الحداثوى الان و ليس الغد ، يبقى ضرورة و طنية ملحة لامناص من خوض تجربتها خصوصا بعد حراك تسونامى التغيير الذى يجتاح منطقة الشرق الاوسط هذه الايام ليمحو عهودا مظلمة و طويلة للديكتاتوريات و حكومات الحزب الواحد المؤدلجة ، المتسلطة و الفاسدة و يقيم على أنقاضها حكما ديمقراطيا مدنيا يتأسس على العدالة الاجتماعية و التعددية الثقافية و السياسية و مع كمون ثورة التغيير السودانية الحتمية التى تتطلع لاحداث ثقب تنفجر من خلاله ، متى ما أكتملت شروطها ، فى وجه طغمة الانقاذ فسيعمل الخطاب الديمقراطى على توجيه هذه الثورة و يجنبها الانزلاق و الوطن بالضرورة ، السقوط فى مهاوى الصوملة أو الحالة الليبية .