حديث المدينة أكل السوسة.. والعافية....!! عثمان ميرغني أعلنت الحكومة عزمها تصفية شركاتها.. وفرح الناس.. ولم يطل الانتظار حتى أتبعت القول بالفعل.. وصدرت قائمة من (22) شركة.. ثم اتبعتها الحكومة ب(5) شركات أخرى.. وقلنا هذا دليل صدق وجدية. لكن هل للحكومة أكثر من وجه.. حملت بعض الصحف إعلانات حكومية لطباعة الكتاب المدرسي.. الكمية المطلوبة (6) ملايين من الكتب.. وطلبت الحكومة من المطابع المؤهلة التنافس على العطاء.. وتقدمت المطابع التجارية بعروضها.. وانتظروا نتيجة العطاء.. فكانت المفاجأة الكبرى.. الحكومة فازت بعطاء الحكومة.. كيف؟؟ سأقول لكم. فازت بالعطاء مطابع العملة.. ربما تسول لأحدكم (الشطارة) أن يقول.. مطابع العملة ليست من الشركات التي يمكن تصفيتها أو خصخصتها.. فهي تطبع العملة.. ولا يمكن للقطاع الخاص أن يطبع العملة.. وبذلك يحق لها بعد طباعة العملة أن تنافس في سوق الله أكبر مثلها والمطابع الأخرى.. وهنا تكمن المفاجأة الثانية. مطابع العملة مقسمة داخلياً إلى قسمين.. قسم يطبع العملة.. وقسم آخر تجاري يعمل في سوق الله أكبر مثل أية مطبعة.. والعطاء أرسي على القسم التجاري من مطابع العملة.. وبالعين المجردة من أية رواسب حكومية.. لو عملت مطابع العملة (القسم التجاري طبعاً) ليل نهار.. ونهار وليل.. لن تستطيع طباعة كل هذه الكمية قبل بداية العام الدراسي الجديد.. إذن ما فائدة الخصخصة والتصفية وكل هذه المترادفات إن كانت في النهاية الحكومة تستطيب من اللحم أشهاه فتمنحه لشركاتها.. كيف تتخلص الحكومة من شركات حكومية بيد. ثم بيدها الأخرى تحرم القطاع الخاص من مثل هذه الفرصة وتحتكرها لمطبعة حكومية.. والمطابع التجارية في حاجة ماسة لمثل هذه العطاءات حتى تستطيع أن تطور نفسها.. وتواكب عالم اليوم.. فالشكوى المستمرة من الطباعة في السودان وهروب الكثيرين إلى سوريا ومصر للطباعة.. سببها رهق هذه المطابع وقلة العائد منها. الأجدر أن توزع هذه (الكيكة) الحكومية على المطابع التجارية العاملة في السوق الآن.. توزع على أكبر عدد منها حتى تتمكن من توفير الكتب المدرسية قبل بداية العام الدراسي.. ولمساعدة المطابع بما تحققه من موارد مالية من طباعة الكتاب المدرسي.. وبالطبع فإن كل ربح يعود على المطابع يساهم في دفعها إلى الأمام وتطويرها. احتكار مطابع العملة للكتاب المدرسي يهزم فكرة الخصخصة والتخلص من الشركات الحكومية ويبقى الوضع على ما هو عليه.. قطاع خاص ضعيف يضمر كل يوم.. وقطاع حكومي كالزئبق.. يخرج بالباب فيعود بالشباك.. وأحياناً يتخفى في مسميات أخرى.. فهناك قطاع خاص حكومي يلبس ثياباً أخرى.. التيار