فترنا!!! في السياسة: د. هاشم حسين بابكر [email protected] أرهقنا التفكير في مصير هذا البلد، تكاد الأخبار من تواترها تقضي عليّ، احتار حين أسمع في ندوة سياسية، من مدير سابق للأمن حين يقول إن قوائم عملاء إسرائيل لدى جهاز الأمن! وقد دعي إلى القبض عليهم!!! ٭ أغرق في التفكير وتتقاذفني موجاته حين أسمع أن المهرِّب الذي يُهرِّب الفلاشا إلى إسرائيل هو ذات المهرب الذي يهرِّب الأسلحة لحماس، ويحمل الاثنين معا في شاحنة واحدة! وتقف الشاحنات في الصحراء يبتعد الفلاشا بعيداً عن الشاحنات وفجأة تظهر الطائرات لتقصف الشاحنات التي تحمل السلاح، وتأتي شاحنات أخرى لنقل الفلاشا!!! ٭ وأعجب أكثر حين يجتمع البرلمان لمناقشة أمر البذور الفاسدة، ثم يغيب عن الجلسة المسؤول الأول عن الزراعة، بدون عذر وحتى لم يرسل من ينوب عنه! ٭ حقا أمر يدعو إلى العجب..! وهذا يدل على أن الوزير المسؤول عن وزارة، يحسب أن الوزارة بمثابة مملكة خاصة به، هو فرعونها الذي لا يسأل عما يفعل! ٭ وأعجب أكثر حين أرى أن كل وزارة أخذت لنفسها شكل دولة وعليها ديكتاتور لا أحد يسأله حتى أصبحت الدولة عدة دول في دولة وفرعون هذه الدولة غير محدد المعالم!! ٭ كنا نتناقش في مسألة الذهب وأدلينا برأي في ذلك وهو أن تتولى الدولة شراء الذهب منعاً لتهريبه، فالمواطن الذي ينقِّب عن الذهب لا يعرف الدولار ولا اليورو إنما يعرف الجنيه السوداني، وهو يحتاجه كل لحظة، فإن وجد المنقِّب السعر المجزي فإنه سيبيع للدولة، وبذا يحصل بنك السودان على رصيد من الذهب يدعم به العملة الوطنية، بدلاً من بيع الذهب لدعم الدولار! ٭ لكم طربنا للفكرة والهدف، وظننا أننا قد أسدينا نصحاً غالياً لإدارة المال في وطننا ولكن كم كانت صدمتنا قوية حين أعلن لنا مسؤول في أعلى مراتب الدولة وبكل بساطة وبالبلدي قال «الناس ديل ما بيسمعوا الكلام»! ٭ حدث زلزال في تفكيرنا وتبعه تسونامي بعثر أفكارنا فلم نعد نفكر! ٭ هل يا ترى سياسة الدولة تبنى على المزاج، هل القرارات الاقتصادية لانتشال السودان من قاع الدمار الاقتصادي يعتمد على سماع بعضهم الكلام، وهل تجري الأمور في الدولة على أساس كلام قد يسمع ولا ينفذ؟! ٭ أم أن نشل الاقتصاد من هوته يعتمد على قرارات ملزمة، لا على مجرد كلام لا يسمعه من يوجه إليه؟! ٭ إسرائيل تأتي عبر البحار لتقصف سيارة في الشارع العام ووزارة الدفاع تتطاول في البنيان وكلما انتهت عمارة عززوها بأخرى أفخم! ٭ وجيشنا الباسل يُهمل ويُترك في الثغور عارياً دون استشعار من على البعد بخطر قادم على الدولة التي يحرسها، ذلك الجيش الذي لو أعدوا له ما استطاعوا من قوة لفعل الأفاعيل في العدو، ولكنهم أعدوا له العمارات الشاهقة التي ستزول آثارها من الخريطة إذا تلقت صاروخاً أو قنبلة من الوزن الخفيف الذي لا يتجاوز العشرين كيلو جراماً!!! ٭ الدولة تسلّطت على المواطن حتى جعلت منه خادماً لها يدفع لها لتحكمه، انقلبت الآية فأصبحت الدولة هي السيد والمواطن هو خادم هذاالسيد! ٭ وبهذا المفهوم لم يحضر وزير الزراعة جلسة الاستماع والاستجواب، فكيف يسأل الخادم سيِّدَه؟! ٭ أليس النواب هم ممثلو المواطن الخادم؟! ٭ ذهلت وانشلّ تفكيري عند سماع شروط أمريكا لرفع الحصار عن السودان، وهي تنازلات ترفع ذات السودان عن الوجود، وعندها تجد أمريكا ألا داعي لفرض عقوبات على دولة زالت من الخريطة! ٭ أصاب بالذهول لعدم تفكير الدولة لإزالة آثار نيفاشا، التي يعتقد الكثيرون أنها ذهبت بخيرها وشرها، ولكن الحقيقة أن سرطان نيفاشا قد بدأ الآن في نهش جسد السودان، بعد أن انتزع جنوبه يوم توقيع الاتفاقية المأساة! ٭ ويبدو أن عقلي بدأ يعمل قليلاً، وأخذني في التفكير ما بعد التاسع من يوليو في هذا العام، حيث تعلن الدولة الوليدة! وأرى أمامي وكأني أنظر بعيني، أرى أن لعاب المكر بدأ يسيل طمعاً ولهفة على الشرق وعلى دارفور، فقد وثّقت نيفاشا لسابقة تقرير المصير بالنسبة لجنوب السودان، فما الذي يمنع من تطبيقها على الآخرين الذين يحملون مواصفات أولئك الذين انفصلوا؟! ٭ تآمر علينا الجميع حتى الجامعة العربية التي لا تعرف سوى الشجب والندب، حتى الشجب والندب استكثرته علينا، فتآمرت مع السودان! ٭ وقد دعمت حركات دارفور وبالوثائق كما نشرت «الإنتباهة» أمس الأول! ٭ وعمرو موسى الذي كان شاهد زور على نيفاشا نجده يلعب دوره لتطبيقها على دارفور!!!! ٭ ما دور قيادة الدولة في كل ما يدور؟ هل جفّت أقلامها وطويت صحفها؟ هل من إصلاح يشعرنا بأننا بشر له حق الحياة في هذه الدنيا؟ ٭ ماذا نقول أكثر مما قلنا؟! وبماذا ندعو أكثر مما دعونا؟! لم يبق لنا سوى عبارة اليأس التي طالما سمعناها من حبوباتنا عليهن الرحمة «فترنا»!