قولوا حسنا بينى وصلاح قوش محجوب عروة لم تتوقف معى المكالمات الهاتفية الغاضبة والمستهجنة منذ صباح أمس الباكر الذى نشرت فيه صحيفة الوطن تصريحا بالخط العريض للفريق صلاح قوش يتهمنى فيه بالعمالة والجاسوسية بل استوقفنى كل من لقينى أثناء اليوم يستشيط غضبا وجميعهم اتفقوا ألا أجعل هذا التصريح يمر مر الكرام ولا بد أن أتشدد فيه قضائيا حتى يستبين الحق وكلهم يؤكد لى أن الحق معى. وبينما أنا أستعد لأتخاذ ما يلزم توضيحا فى نفس الصحيفة واتصالات قانونية مبدئية اذا بجرس الموبايل يرن ويتصل بى الفريق صلاح قوش شخصيا وأكد لى أنه لم يدلى بذلك التصريح للصحيفة بل قال لى أنه اتصل برئيس التحرير الأستاذ عادل سيد أحمد طالبا منه نفى التصريح بنفس حجم البنط وفى نفس المكان الذى نشر فيه عملا بالعرف الصحفى ولاشك أنه قد فعل صباح اليوم حسب الأتفاق. وكما يقولون (العارف عزو مستريح) فقد قررت ألا أذهب بالموضوع أكثر من ذلك طالما اتصل بى الفريق صلاح شخصيا ونفى اتهامه لى وسينشر فى صحيفة الوطن فاتجهت اتجاها آخر اعمالا لقوله تعالى (وقل لعبادى يقولوا التى هى أحسن ان الشيطان ينزغ بينهم) فالحقيقة كنت قد غضبت غضبا شديدا عندما قرأت تصريح قوش صباح أمس وقبل اتصاله بى قررت المواجهة الشرسة ضد صلاح قوش وليكن ما يكون ذلك أن من طبعى العناد كما ظل يقول لى ابن عمى الفاتح عروة دائما منذ كنا صغارا وأخيرا ونحن كبارا فيما يتعلق باصرارى على العمل الصحفى وما جره لى من مشاكل مع الحكومة منذ أحداث السودانى الدولية فالرأى العام وأخيرا جريدة السودانى ولست أدرى ما يخبئه لى القدر فانا راض دائما بالذى يقسمه لى ربى (لمن دامت الدنيا) ولكن بعد النفى ونشره فالأمر مختلف. ثم رأيت أنها فرصة ممتازة لتوضيح ملابسات اغلاق السودانى الدولية جائتنى بعد ستة عشر عاما وما صاحبها وتبعها من مغاضبات ومواجهات وتفاعلات وتجافى بينى وبين السيد صلاح قوش وجهاز أمنه الذى ترأسه بشكل خاص والحكومة ومسئوليها بشكل عام ولأوضح حقيقة ما حصل فقد كانت الوثييقة التى كانت معى ونشرتها جريدة السودان الحديث آنذاك وقام الوزير عبد الباسط سبدرات بقرائتها فى التلفزيون السودانى جاءت بمردود ايجابى لصالحى حيث علق عليها الناس بأنها لاتخابر ولا يحزنون بل رأى صحفى و سياسى كما أفتى وزير العدل آنذاك السيد عبد العزيز شدو بأنها مجرد رسالة لوكيل وزارة الأعلام السعودية وليست وثائق تخابر تستدعى المحاكمة و العقوبة فاكتفت الحكومة بمعالجة الأمر سياسيا بفصلى من برلمان النظام (المجلس الوطنى) واطلق سراحى بعد ثلاثة أشهر قضيتها فى الزنازين التى اشتهرت تندرا من المعارضة ببيوت الأشباح.. وكما يقولون جزى الله الشدائد كل خير فلعلها تعطينى الآن الفرصة لأوضح شيئا ربما فات على كثيرين وفسروه بشكل متناقض فقد كانت المعارضة السودانية حتى وقت قريب يعتقدون أننى بمنهج جريدة السودانى الدولية الناقدة آنذاك كانت لعبة ألعبها مع نظام الأنقاذ بحكم تاريخى فى الحركة الأسلامية بهدف تنفيس الشعب وتجاوز الأحتقان السياسى واجهاض الأنتفاضة المتوقعة منذ عشرين عاما(مثلما يقول البعض عن الخلاف بين حزب الترابى و نظام البشير الآن وهوأمر غير صحيح البتة ولعل البعض وقف عند محطة اذهب الى القصر رئيسا وأذهب الى السجن حبيسا)!! . فى مقابل ذلك كان نظام الأنقاذ يعتقد – كما جاء فى بيان اغلاق السودانى الدولية عام 1994 أنها :( أشرعت أقلامها لتنال من أشرف قضايا الوطن فى الجهاد والدفاع عن عقيدته ووحدته وتدعوا الى الأنفصال والتفريط فى وحدة البلاد التى سقط من أجلها الشهداء... ثم سعت فى تفتيت الوحدة الوطنية بالتشكيك فى النظام السياسى فرفعوا رايات العودة الى الحزبية والطائفية والصراع القبلى..أطلقوا الشائعات ثم رفعوا تهمة الفساد قاصدين النيل من الثورة فى أعز شعاراتها وأنبل مقاصدها: الأستقامة والنزاهة، كل ذلك مخطط مدبر من السودانى الدولية لأغتيال هيبة الثورة ورموزها تطاولا بغير حق وادعاءا بغير دليل). الحقيقة التى لم تفهمها المعارضة ولا نظام الأنقاذ أننى كناشر وصحفى كنت أدعو منذ اثنين و عشرين عاما فى مؤتمرات الأنقاذ أو مقالاتى وصحفى الى أن تبدأ الأنقاذ بعد ستة أشهر من تمكنها ما تفعله اليوم من هامش حرية أفضل وحوارات وتفاوضات سياسية مع المعارضين وليس تبدأ به الآن بعد الثورات العربية.. اذا كانت قد فعلت الأنقاذ ذلك فكانت ستسبق تجربة حزب العدالة والتنمية التركى وتقدم النموذج المحتذى لحركة اسلامية قد تكون جاءت مثل غيرها بالأنقلاب ولكنها التزمت قول الله تعالى( ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها واذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل).. اذا حدث ذلك فمن المؤكد لم تكن لتتمزق الحركة الأسلامية وتتصارع أجيالها وعناصر نظامها، فتجاربى الشخصية مع الحركة الأسلامية منذ عرفتها يافعا عام 1958 ثم شابا بعد 1964أنها تتناصر وتتفانى وتنجز وتعطى أفضل ماعندها من أمانة وكفاءة حين تعمل فى مناخ ديمقراطى تنافسى حر والعكس صحيح عندما تسيطر لوحدها فتصدق عليها المقولة( السلطة مفسدة والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة).