إليكم الطاهر ساتي [email protected] قضية الواقي الذكري.. إحدى ثمار حصادكم..!! ** لكل كائن في الأرض موسم تزاوج، عدا الإنسان الذي كرمه الله ثم سخر له كل المواسم للتزاوج والتكاثر..الجمال تتزاوج في الفصول الرطبة، وبادية في ديار العرب يحرص شبابها وصباياها على عدم التزاوج إلا بعد إنتهاء موسم تزاوج جمالهم، وإعلاميا منهم تناول قبل ثلاث سنوات هذه الظاهرة ناصحا لزعماء العشيرة بمكافحتها، وأثار بتناوله ذاك سخطا عشائريا، فالأمر عندهم إرث إجتماعي غير قابل للإلغاء أو المكافحة.. ولطائر الكناري أيضا يعتبر أكتوبر من كل عام أفضل أشهر التزاوج، وما بين أنثى الكناري وذكره علاقة بلغت قوتها وصدقها مقاما يضربون بها الأمثال، وبعض أهل الغرب يترقبون أكتوبر وما بعده ليشاهدوا مشاهد الوفاء في موسم تزاوج طيور الكناري..!! ** وكذلك تتجلى عظمة الخالق في رحلة تزاوج طيور البطريق، وهي رحلة بمثابة أعظم تضحية على وجه الأرض، حيث تضع الأنثى بيضها ثم تدعه للذكر الذي يقف أربعة أشهر على قدميه فوق الثلوج وفي مناخ درجة حرارته (50 تحت الصفر)، ويظل البيض فوق القدمين حتى يخرج الله منه الصغار الأحياء ..لك أن تتخيل تلك التضحية يا صديق : أربعة أشهر وقوفا على الثلج ، في درجة حرارة خمسين تحت الصفر،والبيض فوق القدمين، بلا أكل أو شرب .. وقد تسأل كيف هذا يعيش هذا الطائر بلا أكل أوشرب؟، وكيف يتحمل الثلج و طقس تلك الدرجة الحرارية ؟ ..هي أسئلة حيرت علوم العلماء ودراساتهم، ولم يجد لها العالم العربي البروف محمد النابلسي من الإجابات غير ( سبحان الله، إنها عظمة الله)..وأنصحك صديقي بمشاهدة فيلم وثائقي - متاح بموقع اليوتيوب - يعكس تلك التضحية، لتتأمل عظمة الخالق ..!! ** عفوا، تلك محض وقائع في الخاطر، أحببتها وإسترسلت فيها.. على كل حال، كما لكل كائن موسم تزاوج، للواقي الذكري أيضا موسم إثارة في بلادنا..نعم شهر مايو من كل عام صار موسما يثير فيه نواب البرلمان وبعض الشيوخ قضية هذا الواقي، بحيث تصبح سجالا في المنابر ووسائل الإعلام.. هي ليست قضية، ولكن مغرمون نحن بتحويل أي شئ إلى قضية كبرى تراق على جوانبها ثرثرة الخطب والجدل البيزنطي..ولذلك، ليس بمدهش أن يتحول الواقي - في مايو من كل عام - الي قضية كبرى يتساجل فيها الشيوخ ونواب البرلمان..لا أدري سر إختيارهم لهذا الشهر موسما لتلاقح وتزاوج أفكارهم أوتباين رؤاهم حول هذا الأمر .. قبل عام - في الربع الأخير من مايو - ذهبت تابتا بطرس الي قبة البرلمان بتقرير يعكس الوضع الصحي وكذلك خارطة داء الإيدز بكل أرقامها وتوجساتها، وإقترحت - كوسيلة للوقاية - بتوفير الواقي بحيث يكون متاحا لمن يشاء، أوهكذا جاء تقريرالوزيرة، ف( قامت القيامة)..أي غضب النواب وإستنكروا وشجبوا، بل طالب أحدهم - اسمه دفع الله حسب الرسول - الوزيرة بأن تعتذر للبرلمان، فرفضت وعضد نائب رئيس البرلمان موقفها الرافض قائلا بالنص (حديث ومقترح تابيتا من صميم عمل وزارة الصحة ) .. ثم هدأت العاصفة، وغادرت تابيتا جنوبا ..!! ** أها..ولأنهم لاينسون موسمهم،ها هم الشيوخ والنواب يتساجلون حول الواقي أيضا، منذ نصف شهر تقريبا، ولم يتجاوز سجالهم - حتى ا يومنا هذا- محطة الصحف وبعض المنابر، أي لم يلج الي قبة البرلمان..ولكن، برلمانيا ينتظر مثول وزير الصحة أمام النواب، ليسأله عن صحة توزيع وزارة الصحة الواقي في الجامعات، والبرلماني ذاته - حسب ما جاءت في صحيفة الرأي العام - ينتقد بشدة إنتشارإستخدام هذا الواقي، ولهذا قدم طلبه(مسألة مستعجلة)..الجدير بالإنتقاد ثم بالمعالجة ليس هو إنتشار الإستخدام، بل أسباب الإستخدام، ولكن النائب - كما غيره - يريد الطعن في الظل، بيد أن الفيل يسير أمامه بكامل حجمه..إنتشار الإستخدام يعني إنتشار الزنا يا سعادة النائب، وسؤالك يجب أن يكون عن أسباب إنتشار الزنا، وكذلك عن أسباب إرتفاع أعداد اليتامى بدار المايقوما وغيرها، أوهكذا الفيل أمامك، فأطعن فيه بشجاعة بدلا عن اللف والدوران حول الحقائق المؤلمة..!! ** تحسين الوضع الإقتصادي للأسرة السودانية شأن برلماني، وكذلك تحسين المناهج التربوية والتعليمية، ثم توفير المناخ الذي يجعل كل ذو علم ومعرفة قادرا على بث الوعي في المجتمع..تلك هي مهام البرلمان وحكومته، أما بقية التفاصيل - بما فيها الذي فيه تتساجلون - شأن إجتماعي وشخصي..أي أدوا أدواركم و مسؤولياتكم كما يجب، بحيث ينعكس الآداء العام إيجابيا على حياة الناس، وهنا يستطيع المجتمع - بكل شخوصه - أن يحمي ويقي نفسه من المخاطر والظواهر المحزنة، إيدزا كان أو دور اليتامى..هذا المجتمع الذي يحاضره بعضكم بإستخدام الواقي ثم يحاضره البعض الآخر بعدم الإستخدام، كان كل فرد فيه نموذجا في الطهر والنقاء والمروءة والشهامة حين يكون الحديث عن ( حماية بنوت الفريق)..فما الذي حدث لهذا المجتمع، وما الأسباب، ومن المسؤول؟..هكذا الأسئلة التي يجب أن يطرحها هذا النائب المتنطع على نفسه أولا، ثم على الذين يتقاسمون معه مقاعد السلطات - التشريعية منها والتنفيذية- بمنتهى اللامبالاة..إذا نجحوا في توفير الإجابات الصادقة لذلك السؤال، سوف يكتشفون بأنهم لايتساجلون حول الواقي، بل يحصدون (ثمار سياساتهم ) .. !! .......................... نقلا عن السوداني