نتنياهو (الشايقي) وحكامنا العرب..!!! صلاح عووضة لم تعد بجديدة حكاية نشأة نتنياهو في السودان حتى بلوغه مرحلة الشباب.. فالذي قيل عن هذا الأمر أكثر بكثير مما قيل عن المنطقة نفسها التي نسب إليها من صار رئيساً لوزراء اسرائيل.. وما حُظي به نتنياهو هذا من تتبع لمسيرة حياته الباكرة لم يحظ بمثله حتى العمدة كنيش ذاته عمدة المنطقة تلك من مناطق الشايقية.. فبنيامين نتنياهو حسب من تطوعوا للقيام بدور المؤرخين لطفولته ولد بقرية حلوف بمحافظة مروي.. فمن منكم سمع بالقرية هذه التي تقل شهرة عن بلدة نوري المجاورة لها؟!.. ولكنها أضحت معروفة الآن بفضل نتنياهو اليهودي.. وأسرة شاؤول التي ينتمي إليها صارت معروفة كذلك.. بل حتى الخمارة أو البار التي كان يديرها نفر من آل شاؤول هؤلاء بسوق كريمة أمست أكثر شهرة من مكتبة ميرغني البدوي، ومحلات ضرغام، وأعمال كرار.. كل ذلك بات معروفاً، ومشهوراً، ومحفوظاً وليس فيه جديد.. وحين أشار إلى ذلكم كله بالأمس سفيان الشوا بدورية (الدستور) نقلاً عن (الشرق الأوسط) لم يأت بجديد أيضاً ولا هو اكتشف الذرة التي أُنشئ لها مفاعل ديمونة.. الجديد الذي ألهمنا فكرة كلمتنا هذه اليوم هو إندهاشة كاتب المقال من قتل نتنياهو للعرب رغم أنه ترعرع بين العرب هؤلاء على حد قوله.. أوبحسب عبارات الشوا نفسها: (ويبقى السؤال المهم في هذا الموضوع وهو ما دام نتنياهو يحمل الجنسية العربية فلماذا يطلق النار على العرب في كل الاتجاهات؟!).. ويعني الكاتب بالجنسية العربية هنا الجنسية السودانية بما أن السودان (محسوب!!) على العرب.. وحين نقول أنه (محسوب)- ونضع المفردة بين قوسين- فذلك للتذكير بموقفنا من قضية عروبة السودان الذي جاهرنا به كثيراً.. فسفيان الشوا إذاً دَهِشٌ إلى حد إهراق مداد ليس بالقليل إزاء عدم تورع نتنياهو عن إطلاق النار على العرب وهو الذي تربَّى بين العرب ويتحدث لغتهم ب(لهجة سودانية).. ويعضد الكاتب دواعي حيرته هذه بإفادة عن نشأة رئيس وزراء إسرائيل أوردتها مجلة (آخر ساعة) المصرية يكاد يلفظها تساؤلاً فحواه: (ألست أنت يا نتنياهو الطفل ذاك الذي كان يُسمَّى عطا الله عبد الرحمن شاؤول حتى العام \"65\" ثم سافرت إلى أمريكا تاركاً أسرتك بقرية حلوف شمال السودان؟!!).. والله عجيب أمر سفيان الشوا هذا.. يترك حكاماً عرباً (عديل) يقتلون شعوبهم في زماننا هذا ويمسك بخناق تاريخ قديم في حياة نتنياهو يشير إلى احتمال كونه قد (لعب) مع صبيان سودانيين وصاح معهم: (شليل وين راح، أكلو التمساح).. أليس عربياً (قحاً!!) الأسد الصغير الذي يسحل شعبه السوري هذه الأيام؟!!.. وأليس عربياً (صرفاً!!) على عبد الله الذي يدهس شعبه اليمني وهو يصيح فيهم: (فاتكم القطار)؟!.. وأليس (عميد الحكام العرب) وليس عربياً وحسب معمر القذافي الذي يبيد شعبه الليبي (دار دار وزنقة زنقة)؟!!.. فلماذا تجاهل الكاتب هؤلاء وأمثالاً لهم في العالم العربي وطفق يبحث عن طفولة لنتنياهو قد تكون فيها (مساكنة) للعرب؟!.. لماذا لم تدهشه المجازر التي يرتكبها حكام (عرب) في حق شعوبهم العربية وتدهشه جرائم قتل يقترفها نتنياهو (غير العربي) تجاه من هم ليسوا ب(يهود)؟!.. أي بمعنى أن نتنياهو لا يقتل شعبه اليهودي وإنما يقتل (العرب).. وحكامنا (العرب) لا يقتلون اليهود وإنما يقتلون (العرب) .. فالشعب العربي إذاً هو بين مطرقة حكامه من جهة، وسندان حكام إسرائيل من جهة أخرى.. أو كما يقول مقطع من أغنية سودانية شهيرة تشبيهاً لمثل هذا الواقع: (في الحالتين أنا ضائع).. وعلى ذكر الغناء السوداني هذا فإن هنالك دليلاً (ثقافياً) على نشأة نتنياهو السودانية بل والشايقية تحديداً هو أبلغ من كل الذي حشده الشوا في مقاله المذكور.. فقبل أيام طالب نتنياهو هذا الفلسطينيين بأن يتفاوضوا معه دون إنفعال أوغضب أوحساسيات.. ودعاهم إلى أن يراعوا الشكوك المشروعة في نفوس الإسرائيليين تجاههم.. فأليس هو متأثراً إذاً بأغنية شايقية قديمة تقول كلماتها: فاوضني بلا زعل... طمِّني أنا عندي ظن...؟! اجراس الحرية