تراسيم.. الحكمة ضالة فيليب !! عبد الباقي الظافر ورد في الأثر أن سيدنا عمار بن ياسر تقتله الفئة الباغية..وفي أتون الصراع بين سيدنا علي رضي الله عنه وسيدنا معاوية أريق دم ابن ياسر.. كان ذلك نصراً معنوياً لأنصار سيدنا علي، لأن القتيل كان يقاتل في صفهم .. إلا أن الداهية معاوية خرج بإيضاح سياسيّ أن الذي قتل عماراً هو الذي أخرجه إلى الحرب. في ناحية أخرى دبّر الأب فيليب عباس غبوش انقلاباً في عهد مايو .. همّ جعفر النميري بضرب عنق القسيس غبوش.. الأب كتب خطاباً عاطفياً يطلب الرحمة والعفو من الابن الرئيس القائد ..تفرجت أسارير نميري وهو يرى الأب فيليب خانعاً ذليلاً، وأصدر مرسوماً يعفو عنه ..مضى نميري مخلوعاً إلى قاهرة المعز ..لام نفر من السياسيين فيليب غبوش على رسالته الباكية، فأرسل مقولة شهيرة: (قلت يا ولد يا فليب العب بوليتيكا). الحركة الشعبية تعلمت منذ سنوات اللعب بالبيضة والحجر في صراعها مع حكومة الخرطوم ..في التعددية الثالثة اقترب قرنق من الميرغني حتى وقع معه اتفاق نوفمبر 1988 الذي رفضه شركاء الميرغني في الحكومة والبرلمان.. القائد الراحل جون قرنق سخر المعارضة الشمالية لضرب حكومة الخرطوم .. في أيام الإنقاذ هذه استنصرت الحركة بالتجمع الديمقراطي لحصار الخرطوم.. ثم لاحقاً كوّنت تحالفاً يجمعها بالمعارضة ضد شريكها في الحكم. الحركة الآن بدأت اللعب على المستوى الدولي ..أمس قدم ممثلها في نيويورك اعتذاراً رقيقاً لمجلس الأمن من حادثة كمين أبيى ..السيد جاثكوث مبعوث حكومة الجنوب كان دبلوماسياً، على غير العادة.. طلب من الأممالمتحدة إجراء تحقيق لتقديم الجناة للعدالة.. من قبل ذلك كان الرئيس سلفاكير يؤكد في برود يحسد عليه أن أبيي لن تكون سبباً في إشعال نار الحرب في السودان مرة أخرى. أما حكومتنا السنية فكانت تمارس الخشونة السياسية ..وزير الدفاع أكد جاهزية قواته لاحتلال أي بقعة في أرض الجنوب ..الحكومة عينت حاكماً عسكرياً على أبيي ..قبيلة المسيرية أعلنت على رؤوس الأشهاد رفضها عودة سكان المنطقة من دينكا نوك. حكومة الجنوب طالبت بقوات أممية لحراستها من عدو يتربص بها آناء الليل وأطراف النهار.. وزارة خارجيتنا أرسلت خطاباً يطالب برحيل القوات الأممية في أربعين يوماً.. رغم أن ذات القوات ستبقى تحرس جزءاً من شعبنا في نواحي دارفور، وذلك بموافقة من الحكومة ذاتها التي تطلب القبعات الدولية بسرعة الرحيل. زادت حكومتنا من التعنت ..أوصدت الأبواب في وجه الدكتور مشار مبعوث حكومة الجنوب.. مشار انتظر يومين حتى تسنى له مقابلة نائب الرئيس ..في بهو الاستقبال أخبروه أن عليه مقابلة النائب وحيداً من غير وفده المرافق.. مشار الذي يعلم خارطة القصر الجمهوري جيداً انتظر الصدفة حتى ظفر بمقابلة الرئيس في حدائق القصر ..الرئيس الذي كان يبحث عن هذه السانحة منح نائب رئيس حكومة الجنوب نحو الساعة تحت هجير الشمس. بصراحة حكومتنا تحتاج أن تداوم على دروس خصوصية في إدارة الأزمات بدبلوماسية وعقلانية ..هذا المنهج الخشن لن يؤتي أكله أبداً.. يجعل صورتنا الدولية بملامح الذئب الذي ينتظر فريسة ببراءة الأرنب. التيار