تراسيم.. استقالة وزير !! عبد الباقي الظافر قبل أسابيع زارني أحد أساتذة جامعة الخرطوم.. صديقي هذا يشغل منصب إداري مرموق.. الأستاذ الجليل انتحى بي جانباً حتى ظننت أنني سأقرضه قرضاً حسناً.. بعد مقدمات يسيرة قدّم لي الصديق فكرته التي تحمل في مضمونها استقالته من مقعده الوثير.. وقبل أن تذهب الظنون أو اتّهم الرجل في عقله قدّم الأستاذ مرافعته المحترمة.. خلاصة منطقه أنّ هنالك مديرا جديدا لجامعة الخرطوم يجب أن تتاح له فرصة اختيار مساعديه. حملت الأخبار أمس أنّ الدكتور أزهري التيجاني وزير الإرشاد والأوقاف قد قدم استقالته.. فرحت أنّ في بلادي مسئول يعرف أنّ الاستقالة واحدة من طرق مغادرة المنصب العام.. وزراء بلادي لا يغادرون المنصب إلا بنداء الموت.. أو تحت وطأة غضبة عارمة من مسئول نافذ تطيح بوزير سيء الحظ.. أو انتظار تشكيل وزاري جديد. اخشى أن يتراجع الوزير عن استقالته أو يصدر مدير إعلامه تكذيباً ل (مينشيت) الزميلة (آخر لحظة) الذي حمل الخبر الداوي.. أو ندرك أن الأمر استراحة محارب، وإجازة قصيرة وبعدها يعود أزهري التيجاني إلى مباني الوزارة معززاً مكرماً. استقالة الوزير أزهري تأخرت كثيراً.. التفاصيل تقول أنّ البرلمان رفع عدداً من الملاحظات عن أداء مدير هيئة الحج والعمرة .. أزهري التيجاني أعلن عن تشكيل لجنة محاسبة للسيد المدير.. ثمّ كلّف الرجل الثاني في الهيئة بتسيير الأمور إلى حين انجلاء الأحداث. المدير الموقوف مدّ لسانه ساخراً للمؤسسية.. عاد إلى مكتبه زاول كل أعماله بما فيها المسئوليات المالية والإدارية.. الوزير جعل حراسة على أبواب الهيئة رغم ذلك وصل المدير المسنود إلى كرسيه الوثير.. مجلس إدارة الهيئة حاول التدخل لإثناء المدير عن إصراره على تجاوز القانون.. ولكن المدير أكّد أنّ مسئولاً نافذاً في القصر طلب منه مواصلة عمله. هدم المؤسسية لم يقف عند مدير الهيئة.. وزير الدولة بوزارة الإرشاد أبدى تعاطفاً مع المدير الموقوف.. خاطب مجلس الإدارة طالباً تجاوز قرارات الوزير الغائب في مهمة رسمية في الدوحة.. المدير استند إلى أنه مُعيّن بمرسوم دستوري صادر من رئيس الجمهورية، ومن يريد إزاحته من المنصب فعليه أن يسلك ذات الطريق.. الحقيقة أنّ وزير الإرشاد لم يعف مدير الحج والعمرة.. بل استخدم حقه القانوني في محاسبة مرؤوسيه وإيقافهم أثناء التحقيق.. هذا الإيقاف الاحترازي يمنع إعاقة العدالة وهو أمر متعارف عليه في أعراف الخدمة المدنية في السودان وغيره من البلدان. تمنيت أن تكون استقالة الوزير أزهري التيجاني منسوبة إلى الخطأ الكبير الذي ارتكبته هيئة الحج والعمرة .. وذلك بتجاوزها تعليمات رئيس الجمهورية التي قضت بتحريم وتجريم جمع أي رسوم من غير إيصال (15) الصادر من وزارة المالية.. الهيئة مستمرة في توريد رسوم العمرة في حساب مصرفي رغم أنف توجيه السيّد الرئيس.. كل ما في الأمر أنّ السيّد المدير من أهل الحظوة السياسية. صراع الوزير والمدير في وزارة الأوقاف يؤكد أنّ دولة المؤسسات لا يمكن الوصول إليها في مثل هذه الظروف. التيار