[email protected] في يوم الأحد الماضي وعلى مسرح الفنون الشعبية أقام الاتحاد العام للمهن الدرامية أمسية جميلة لإحياء ذكري المسرحي الراحل الفاضل سعيد حضرها عدد مقدر من المهتمين بالحركة المسرحية0 ولقد حرصت على الحضور لاهتمامي بهذا الضرب من الفنون ولمعرفتي اللصيقة بالفاضل الذي لا يخسر صديقاً حتى إذا كان له رأي مخالف لما يقدم من أعمال0 وقد إشتمل البرنامج على معرض لسيرته الذاتية وقائمة بأعماله المسرحية مع بعض الصور النادرة، غير المعرض فيما يبدو أعد على عجل ولم تكن وسائل العرض مريحة للناظرين، ولكن على الخشبة تواترت الكلمات التقديرية والشهادات المضيئة حيث تحدث طارق البحر رئيس الإتحاد ود0 سعد يوسف والمخرج بدر الدين حسني والناقد عبد الله الميري والناقد السر السيد والممثل بكري المامون الذي لازمه طوال عشرين عاما وكذلك تحدث نبيل والشائب حسن وخليفة حسن بله أمين الإتحاد ومجدي الفاضل سعيد نيابة عن الأسرة0 كما تضمن البرنامج حواراً من وراء الكواليس قدمه مختار بخيت وعادل فطر عكسا فيه جانباً من حرص الفاضل على أدبيات ومتطلبات العمل المسرحي، وكذلك تم تقديم نموذج تمثيلي لأداء بت قضيم جسده ببراعة على الخشبة الممثل إيهاب محمود وشاركت فيه تهاني الباشا0 وتعد هذه الاحتفالية بمثابة وفاء وتقدير لإسهام الفاضل سعيد خلال خمسين عاماً على خشبة المسرح واعترافاً بما تركه من بصمات واضحة لا يمكن تخطيها0 ومعروف أن أشهر الأعمال المسرحية التي قدمها الفاضل هي مسرحيات أكل عيش وما من بلدنا ونحن كده والعم صابر والفي راسو ريشة والمنضرة و الكسكتة والناس في شنو والحسكنيت وغيرها0 كان الفاضل في مجمل أعماله يتناول القضايا الاجتماعية والإنسانية وخفايا وبيروقراطية الخدمة المدنية ولم يغفل تلمس الجوانب السياسية باعتبار أنها لا تنفصل عن الحياة مستخدماً شخوصه النمطية الثلاثة وهي العجب وبت قضيم وكرتوب0 طاف الفاضل سعيد أغلب بقاع السودان وكان يعتمد دائماً على إمكاناته الذاتية في تمويل أعماله المسرحية كمنتج ومؤلف ومخرج وممثل واستمر صامداً يقدم أعماله دون كلل أو ملل منذ أن كانت بداية إطلالته من خلال اسكتشات الفكاهة القصيرة إلى أن انتقل بها إلى المسرح في شكل عروض مطولة ذات موضوعات اجتماعية بروح الفكاهة والحوار والتمثيل الكوميدي لمعالجة القضايا المختلفة0 يعتبر الفاضل مدرسة تخرج منها كثير من الممثلين الذين توزعوا على مختلف الفرق حتى قبل قيام معهد الموسيقى والمسرح، ومن خلال تكوينه لفرقته دفع الآخرين لتكوين فرق مسرحية فكانت فرقة أضواء المسرح وفرقة الأرض وغيرها0 وربما لا يعرف المشاهد أن الفاضل كان يتمتع بملكة شعرية، شهد له بعض المتحدثين بجودتها ورصانتها0 وكيف لا وهو الذي يعتمد في حوارياته على السجع ودقة الوصف وسرعة البديهة0 ورغم أن البعض يعلم أن لديه ديواناً شعرياً إلا أن أبنه مجدي أكد أن للفاضل ثلاث دواوين شعر، الشيء الذي شجع الاتحاد على تبني نشر أحدها إلى جانب كتابه بعنوان مشاوير في دروب الفن في حين يبقى مشروعه الذي لم ير النور وهو بناء صرحه المسرحي بحاجه إلى جهود الدولة لإحيائه ليكون إضافة لمسارح العاصمة وتخليداً لذكراه0 وفي هذا المقام أذكر أن التقيت قبل عقد من الزمان في بلاد الغربة بشخص يماثل الفاضل سعيد شبهاً إلى درجة التطابق0 ولما كنا نقدم أنشطة ثقافية وفنية واجتماعية للأسر السودانية تحت لافتة رابطة (أنا أم درمان) التي قامت بجهود الصديق الأمدرماني الأصيل بشرى النور ولفيف من أبناء المدينة، فقد رأينا تقديم فقرة مسرحية بمشاركة ذلك الشبيه كمفاجأة0 وقد قمت بتأليف وإخراج نص قصير ليجسده ذلك الشخص وجعلت فكرته تقوم على قدوم بيت قضيم كزائرة لمساعدة ابنتها المقبلة على الولادة في بلاد الغربة، ولكم أن تتخيلوا كيف سيكون انطباعها بقاموس الفاضل اللغوي وأفقه الحواري0 ولكن في اللحظات الأخيرة ألغينا العمل المسرحي لتحفظات البلد المضيف تجاه بعض المضامين الحوارية واستعضنا عنه بتقديم حوار مع ذلك الشخص الذي أشار إلى مواقف طريفة في تعامل الكثيرين معه باعتباره الفاضل سعيد بشحمه ولحمه0 للفاضل سعيد الرحمة ولإتحاد المهن الدرامية الذي يحفظ له مكانة تليق بمقامه، الشكر على هذه اللفتة0 آخر لحظة