شروع في الانتحار..! عثمان شبونة [email protected] * لم أكترث بالأمس للخبر الرئيس في صفحة الشاهد الأولى، حيث التصريح التقليدي للرئيس عمر البشير: \"جاهزون للحرب والسلام\"... لست أدري إن كان تقديم الحرب على السلام مقصوداً، أم هو خطأ تحريري..؟ فالخراب لم يكن يوماً بحاجة لجاهزية، لأن الشيطان أسرع مما نتصور.. هذا إذا سلمنا بأن البشر لا يزاحمون الشياطين في مهرجانات الشر..!!.. لكن مع ذلك تظل واقعية الحرب مقدمة على نعمة السلام، فالأخير لا يحط طائره عفواً، إنما ترفرفه شروط الأرض.. والنوايا.. والعزائم.. والوعي السياسي ب\"أقل الخسائر\".. ثم.. استدراك ما ظل يدفعه الوطن من ثمن مهول \"حرباً وسلاماً\" دون أن يكون للمواطن المسلوب جريرة أو اختيار فيما يحدث.. فالسواد الأعظم من الشعب ما انفك يتفرج على مسرحية سياسية \"بايخة\" بالمجان، إن لم يخرجها المؤتمر الوطني أخرجتها الحركة الشعبية..! * لم أقرأ الخبر... لست بحاجة للخسارة النفسية والزمنية لمطالعته... لكن بأمانة: \"وقعت عيني على العنوان الجاهز\"..!! النص: قرأت على ذات الصفحة قصة الرجل اليائس الذي حاول الانتحار بمستشفى أمدرمان.. وامتطى ظهر صهريج الماء \"بكل رمزيته السخيفة في هذه الأيام\"... الرجل طالب بحضور والي الخرطوم لحل مشكلته \"وهذا طلب ليس بعجيب إذا كانت للإنسان عندنا كرامة\".. فلو كنت مكانه لفعلت ما فعله بالضبط.. وربما زدت عليه..! فالرجل استعصى عليه أن يشاهد إبنه \"المكسور\" بسنواته الخمس، ولا يجد باباً للفرج وسط جحافل القسوة والجشع... كسر في الفخد وأطباء يمتنعون عن العلاج قبل إحضار المال.. من أين يأتي بالمال وليس في سوق أمدرمان الكالح \"نبي الله الخضر\"؟!! * ما الذي يجبر المواطن على الشروع في الانتحار والصراخ بأعلى صوته طالباً الغوث؟! إنه إنسداد الأمل وخروج رذاذ الإنسانية من شبابيك المشافي \"الحجرية\"...! * هل الرجل كان ينوي الانتحار بالفعل حتى تقبض عليه الشرطة بتهمة أسخف مما يفعله أطباء الرماد..؟! * فبدلاً عن مواساته في مصابه أخذوه.. وفُتح البلاغ تحت المادة الجاهزة \"133\"... لكن لا أحد يفتح بلاغ ضد المجهول المعلوم الذي \"يحندس\" الدنيا السودانية بهذا الجحيم الحياتي الأعظم..!!! * عزيزي مدير الشرطة: أيهما \"أبلغ\" الشروع في الانتحار أم الشروع في الإهانة؟!! * الانتحار من الكبائر.. نعم.. لا أحد في ظل هذا النظام الحطام يحق له امتطاء جدلية \"أن الشروع في الانتحار\" من الكبائر التي يحاسب عليها قانون الدنيا، لا أحد يحق له ذلك قبل استدراك ما هو أكبر في حياة الملايين داخل هذه \"الطاحونة\"..!!!! أعوذ بالله الشاهد