الصادق المهدي الشريف [email protected] حينما كتبتْ الصُحفُ منتقدة موقف الأستاذ على كرتي وزير الخارجية وموقف وزارته من التصريحات (غير المسؤولة) التي صرّحت بها حول دور حركة العدل والمساواة من أحداث ليبيا. في ذاك الحين لم يكن الحديث حول صدقية تلك التصريحات.. فالحديثُ كلهُ كان مُنصباً على الضرر الذي يمكن أن تُلحقه التصريحات بالسودانيين المقيمين في ليبيا. وقد حدث بعد ذلك ما خَشِيَّ منه الناس.. فقد أصبح الإنتماء للسودان في الجماهيرية الثائرة عنواناً للخيانة وجالباً للعقاب والضرب.. بل حتى القتل. فالثوّارُ المتابعون للقنوات الفضائية لم ينتظروا طويلاً حتى يتأكدوا من صحة ما نُسب لوزارة خارجية السودان.. فبدأوا بأقرب السودانيين إليهم. وقد تضررتْ أسرٌ سودانية هربت من جحيم الثار هناك.. واسر أخرى شَكَتْ حالها على شاشة قناة الجزيرة.. كيف أنّ الثوار يضربونهم وهم يهتفون (ياخونة.. يامرتزقة). ولكن حينما قدّم المجلس الوطني طلب إحاطة الي السيد وزير الخارجية حول تلك التصريحات.. لم ينفها الوزير أمام البرلمان.. ولم يعتذر عنها.. بل قال أنّها (مفخرة). و تحوَّل ردّ الوزير الى مكانٍ آخر.. وهو مدى صدق ما قالته وزارته.. فقال (إنّ الحكومة استوثقت من مصادر داخل الجماهيرية الليبية، وتأكدت من صحة مشاركة افراد من حركات دارفورية مسلحة في عمليات الاقتتال الدائر في ليبيا ، وتأكد لنا صحة ذلك بعد تحقيقات واسعة اُجريت بواسطة سودانيين داخل ليبيا وعبر سفارتنا في طرابلس وقنصليات بنغازي والكفرة). الوزير تحدَّث عن الطريقة التي جلب بها تلك المعلومات.. والمصادر التي باحتْ له بها.. بينما أشار الى المفخرة التي قام بها.. والتي أتوقع أنّه الآن في إنتظار أن يشكره عليها الشعب السوداني. إنّها المفاهيم الأيدلوجية الضيِّقة التي أقعدت هذا الوطن الجريح.. والفرد المؤدلج حينما يعتلي كرسي المسؤولية فإنّه يرد الجميل لهذا الشعب بكلِّ ما أوتي من قسوة. ذلك المفهوم الأيدلوجي الضيِّق هو الذي دافع به وزير الخارجية عمّا فعلته وزارته.. وهو بالتأكيد لا يرى في كلِّ السودانيين المقيمين في ليبيا إلا حركات دارفور المسلحة... رغم أنّ عددهم قد لا يزيد عن 10% من جملة السودانيين هناك. إنّ الأمانة التي يحملها كرتي تقتضي منه أن ينظر بنظارةٍ مختلفة عن النظارة الحزبية التي ظلّ يرتديها في مختلف المناصب التي تولاها.. منذ أن كان منسقاً عاماً للدفاع الشعبي. الفكرة الرشيدة تؤكد أنّ رئيس الجمهورية هو رئيس حزب المؤتمر الوطني.. ولكنه في ذات الوقت رئيس السودانيين الذي يرتادون المساجد.. وأولئك القابعون في السجون.. وهو رئيس الحمقى الذين يأخذون حقهم عنوة.. وأولئك الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس. وإن لم يكن كذلك.. فليبحث الآخرون عن وطنٍ آخر. وحتى لحظة كتابة هذا السطر ظللتُ أبحث عن المفخرة فيما فعله السيد كرتي.. فلم أجدها. ولكن لنسأل بعض العائدين من ليبيا.. الذين ضُربوا وسُرقتْ ممتلكاتهم.. فلرُبّما يعلمون أين المفخرة؟؟؟. التيار