مجلس السيادةينفي ما يتم تداوله حول مراجعة الجنسية السودانية    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    دبابيس ودالشريف    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النوبه المظلومون
نشر في الراكوبة يوم 22 - 06 - 2011


....
شوقي بدري
[email protected]
ليس هنالك مجموعة سودانية قدمت و ضحت أكثر من النوبة . و ليس هنالك مجموعة سودانية تعرضت للظلم و عدم الفهم مثل النوبة .
بعد فترة قصيرة من انقلاب 25 مايو بواسطة القوميين العرب و جزء من الحزب الشيوعي السوداني , تواجد اعضاء مجلس قيادة الثورة في منزل العم عوض ابو زيد كالعادة . مجموعة مايو كانوا يجتمعون في ذلك المنزل منذ بداية حياتهم العسكرية . و كانوا مثل أغلب الشباب في تلك الفترة يجتمعون للعب الورق , و شرب الخمر , أو تدخين البنقو . كان الاخ مامون رحمة الله عليه يظبط لهم حلة عكو لأن والده كان جزاراً , و العكو هي ذنب العجول أو الثيران .
عندما دخل الاخ- العم النعيم المشهور بحطب رحمة الله عليه و هو احد فتوات امدرمان و خال مامون عوض ابو زيد منزل اخته , وجد اعضاء مجلس قيادة الثورة في حالة لعب ورق و سكر و بنقو , فقال مستخفاً : ( بالله انتوا حكومة ؟ و الله انتوا حكومة نوبة ).
هذا الكلام كان يصدر بقصد أو بدون قصد . و بعض النوبة كان يحب شرب المريسة , و هذا نشاط كان يمارسه كل السودانيين . و كانت المريسة تصنع في كل البيوت . و لكن النوبة كانوا يظلمون عندما يرتبط اسمهم بالمريسة أو شرب المريسة و السكر و التخلف .
امدرمان كانت تحتوي على ثلاثة احياء . كان كل سكانها من جبال النوبة . أولهم فريق تقلي , و هو الحي المحصور بين المستشفى و السوق الكبير, و الكلية, و مدرسة امدرمان , و من أهل تقلي الشيخ التقلاوي الاستاذ , و الداعية الاسلامي , و أول انصار السنة . و هذا قبل الشيخ حسون و الشيخ الهدية . الحي الثاني هو فريق فنقر , و فنقر احد الجبال في جبال النوبة . و الحي محصور بين فريق فلاته و خور ابو عنجة و فريق السروجية و يجاوره فريق عتالة من الجنوب . فريق تاما كان محصوراً بين شارع الاربعين و خور ابو عنجة و أشتهر أهل تاما بصناعة الفخار من ازيار و برام و كناتيش ... الخ . و لا يمكن ان ننسى ان هنالك حي اسمه ود نوباي , و هو من اكبر احياء امدرمان .
و النوبة أهل عزم و نشاط . و لهم مقدرة على تحمل الصعاب و الشدائد . و لقد عملوا بجد في كل السودان . و هم أبعد الناس عن الكسل و التبطل و يؤدون كل الأعمال . في بداية حكم الادارة الانجليزية , كان الدينكا يمثلون 5 بالمائة من سكان امدرمان حسب الاحصاءات . و هذا يعنى الذين هم يحملون دماء الدينكا مائة في المائة , و لكن كانت هنالك مجموعة مقدرة من لهم اصول دينكاوية مثل الامام عبد الرحمن المهدي و آخرين . و لكن من المؤكد أن عدد النوبة في امدرمان كان اكثر من عدد الدينكا . و لم يخل أي شارع في منطقة العباسية من أسرة نوباوية . كما كان لهم وجود ملموس في بانت و في ابكدوك و في التلتميات و هذا حي في غرب بانت , عرف بالتلتميات لأن المساحة كانت صغيرة جداً بالمقارنة بحيشان امدرمان و هي 300 متر مربع .
مدخلي الى الحي كان أخي عبد المنعم عبدالله حسن عقباوي و كان والده مقاولاً في امدرمان و هو من احسن المقاولين سمعةً . و كان لهم أكثر من منزل في التلتميات . و كانوا يسكنون في الموردة . و كنت أقوم بصبغ الشبابيك و الابواب بالبوهية و انا في السادسة عشر , مع عبد المنعم عقباوي و كان يساعدنا صديقنا عبد الله ناصر بلال .
و الأسرة التي كانت تستأجر احد تلك المنازل كانت قد انتقلت الى امدرمان قبل فترة قصيرة من جبال النوبة . و كان والد الاسرة و اثنين من ابناءه يذهبون الى العمل في الصباح و يأتون في المساء . و كانت زوجته و والدتها و ابنته الشابة التي كانت في عمرنا يبالغن في نظافة المنزل و تقوم الابنة بالطبخ . و نحن نختلس نظرات الاعجاب بسبب جمالها . و لاحظت كذلك ان بعض الاسر من جبال النوبة كانت تستأجر منازل في تلك المنطقة .
الذين كانوا يؤجرون منازلهم الى أهل جبال النوبة , كانوا لا يجدون أي مشكلة في تسديد الاجارات . فالنوبة يوفون بوعدهم و لا يمارسون الخداع و الكذب . و يندر ان تجد نوباوياً متبطلاً . و لهم مقدرة ان يمارسوا أي عمل . و أحترامهم للعمل كان يجعلهم يمارسون الأعمال التي ينفر منها الآخرون . و كان الغير متعلمين منهم و من لم يجد فرصة في الجندية في الجيش أو البوليس يعملون في البلدية و يكنسون الشوارع و يجمعون القمامة . و كانوا يؤدون أكبر خدمة للمجتمع , لأنهم كانوا يحملون على رؤسهم الفضلات البشرية و لا يتأففون .
كما أوردت في حكاوي امدرمان فأنني تعرفت ببعض من يقدمون تلك الخدمات للمجتمع السوداني . أحدهم عبد العزيز الذي كان يجالسني في قهوة مهدي حامد في السوق . و عرف عبد العزيز جهار لانه كان يردد عادةً جملة ....... أبو أي جهاز . و منهم اربعة حمير الذي كان من ابطال المصارعة في ميدان الربيع . و كوكو و يو يوي المصارع . و هؤلاء قاموا بالعمل الذي لم يستطع ان يقوم به الآخرون .
النوبة عملوا كحمالين في كل قطاعات الانتاج السوداني أو عتالة مثل الهوسا و الفلاته . و عملوا كخدم في المنازل و عملوا كمكوجية و غسالين في الاحياء و لم يتذمروا . و لقد كان النوبة هم العمود الفقري للجيش السوداني . و أمتازوا بالصبر و قوة التحمل و القوة الجسدية , و الشجاعة الفائقة و الانضباط الذي بدونه تفسد الجندية . و لقد وظفهم الانجليز لأن ابناء الوسط كانوا يعانون من ضعف الرئتين و نحافة الساقين . كما هو مذكور في تقارير الانجليز .
و لقد أعطى النوبة اسماً رائعاً للجندي السوداني . و لقد حاربوا في المكسيك عندما احتاجت الحكومة لقمع المتمردين . و لقد صنعوا هنالك اسطورة سارت بذكرها الركبان , و كان ظهور حفنة من الجنود النوبيين في المكسيك يثير الرعب في قلوب اعدائهم . كما كانوا يشكلون جزءاً مهماً في حرس الحدود المصري لشجاعتهم و أنضباطهم و أمانتهم و عدم تقبلهم للرشوة , التي كانت تعرض لهم بواسطة المهربين و تجار الحشيش . و كان ظهور اثنين من الجنود السودانيين و بيدهم الكرباج يجعل المتظاهرون في القاهرة يهربون . و هذا ما أراد ان يعيده المصريون في ميدان التحرير فيما عرف بواقعة الجمل . و لكن هنالك فرق بين الجندي النوبي و فرسان الهرم .
في سنة 1882 و في معركة التل الكبير في مصر , و عندما ظهرت طلائع الجيش البريطاني , هرب الجيش المصري المكون من 180 ألف جندي , و بقيت فرقتين سودانيتين , أغلبهم من ابناء النوبة ولم يهربوا . و من بقي منهم احياءاً كانوا يجد الاحترام من الجيش البريطاني . و عندما يمر ابناء النوبة الاسرى كان الضباط الانجليز ينتصبون واقفين و يؤدون لهم التحية .
في كتاب حكاوي كانتربيري السودانية , و الذي هو ذكريات المسئولين البريطانيين في السودان , نجد أن البريطانيين في حروب اثيوبيا و اريتريا فروا هاربين امام الهجوم الايطالي . و أضطر رئيسهم الضابط كامبل ان يطلق الرصاص عليهم من مسدسه . و لكن ابناء النوبة ثبتوا و صدوا الهجوم الايطالي بالرغم من عددهم القليل .
نحن الشماليون نفتخر بشجاعتنا و قوتنا و قوة تحملنا , و نفتخر بأننا نستحمل الكرباج و البطان . و البطان عبارة عن سوط واحد ثم يقفز الانسان و ياخذ هزة و يرجع مرةً اخرى . و لكن دعوني احدثكم عن الوشم عند النوبة . و انا في الثالث عشر من عمري شاهدت احد شباب النوبة و هو يسند ظهره على جذع شجرة و شاهدت صديقه يخرج موس حلاقة جديدة . و لفترة ساعتين كان ذلك الجسم القوي يتعرض لتقطيع و تشريط في شكل مثلثات و اشكال هندسية . و الشاب يدردش معي و كأنما الذي يتعرض للتقطيع هو قماش دبلان و ليس جلده , و كان يضحك في بعض الاحيان مما يجبر صديقه للتوقف . و عرفت أنه يجب ان يتعرض لتلك العملية لأنه مقدم على الزواج . و بعد ان اكتملت اللوحة السيريالية اردت ان احضر ماءاً لكي يغسل الشاب جسمه . إلا أنه قال لي ضاحكاً ان الماء لا يصلح و لا يساعد في الشفاء . و اكتفى بدلك الدم بقوه حتى زال من جسمه . و كان يتصرف و كأنه يقوم بدلك جزع الشجرة التي يستند عليها , و ليس جسمه الذي تعرض للتقطيع . هذا الوشم كذلك تتعرض له النساء و يتحملنه بكل سهولة .
في سنة 1958 تخرجت الدفعة العاشرة من الكلية الحربية و هذه أكبر دفعة تتخرج بعد الاستقلال و كانت مكونة من ستين ضابطاً أثروا و مازالوا يؤثرون على الحياة السودانية . فدفعة نميري و عوض احمد خليفة و الآخرين كانت مكونة من حوالي 10 ضباط . و دفعة اللواء الباقر نائب رئيس الجمهورية كانت مكونة من 7 ضباط مثلاً . و أول تلك الدفعة كان الضابط بابكر عبد المجيد علي طه . و الأول كان من المفروض ان يكون ضابطاً آخر , الا انه تحصل على درجات متدنية في الانضباط و السلوك , فقال له اللواء احمد عبد الوهاب و رئيس الجيش السوداني وقتها : ( انت كان مفروض ان تكون الأول ) ثم التفت الى بابكر عبد المجيد علي طه : ( انت حكايتك شنو , سنتين في الكلية دي اولاد النوبة ديل ما يجبوك لي في اي مخالفة , حكايتك شنو انت نبي ) . و الاشارة الى ابناء النوبة هنا هو المقصود به الجندي . فصار كلمة ود نوبة مرادفة للجندي . فكل الضباط الذين عرفناهم كانوا يتحدثون عن أولاد النوبة الذين دربوهم على البيادة و الانضباط و ضرب النار . و أشتهر النوبة بأنهم خير من يصيب الهدف . السمعة الجميلة التي اكتسبها الجندي السوداني في ليبيا و اثيوبيا و حرب فلسطين كانت بسبب الافراد السودانيين و اغلبهم كانوا من ابناء النوبة . حتى في ايام الرومان كان الناس يتحدثون عن روعة المحارب النوباوي . و عندما يحتفل بالتراث السوداني تقدم رقصة الكمبلة . و لا يزال السواح يذهبون الى امدرمان لمشاهدة مصارعة ابناء النوبة في حمد النيل . و لا تزال الملصقات و الصور التي تمثل المصارعة و رقصة الكمبلة هي ما يزين حيطان القنصليات و السفارات و المؤتمرات السودانية . فلماذا نحتفل بالنوبة في المحافل الدولية و نظلمهم في الحياة اليومية ؟
كان لأبناء النوبة وجود مكثف في البوليس بكل انواعه , حتى السواري . و كانوا جداً منضبطين . لا يتساهلون لا يحابون أي انسان و لا يتقبلون الرشوة . الوالد عبد الله دلدوم كان احد شاويشية البوليس و هم يحسبون بالاصابع في امدرمان . و صار صديقي و ابنه عطا المنان رجل بوليس كذلك . و ابنه حسن صار رجل اطفائية . و العم عبد الله دلدوم كان موضع احترام و يعتبر من اعلام امدرمان . ابنائه نور الدائم و حبيب كانوا من زملائي في المدرسة الاولية .
و من اشهر رجال البوليس في امدرمان كان العم الامباشا عبد الله بون , و طبقت شهرته الآفاق . كان نشطاً كثير الحركة يتواجد في كل امدرمان . و يؤدي عمله بأنضباط كامل و نشاط . و النوبة كانوا على رأس من سهروا على حماية الحدود و البلاد . و ليست هنالك مدينة في السودان لم تكن تقص بأولاد النوبة كجنود أو كرجال بوليس .
الوالد عبد الله أحمد كان له متجر في سوق الموردة . و عرف بعبد الله مخزنجي , لأنه عمل كمخزنجي أغلب حياته و أمتاز بالأمانة و الانضباط و حسن المعشر . و هو من النوبة ميري . و من كادقلي بالذات . و كان العم حسيب متزوجاً من شقيقته . و من ابنائه الضابط محمود حسيب رحمة الله عليه , و هو السبب في نجاح 25 مايو و هو عضو في مجلس قيادة الثورة . و من أشقائه ابراهيم حسيب الذي كان يكبرني قليلاً , و ربيع و عباس الذان كانا معي في نفس الفصل في مدرسة بيت الامانة الأولية . عندما اصدرت العملة السودانية الجديدة في سنة 1957 احتاجت المالية لبعض المواطنين المشهورين بالامانة و حسن الخلق . و كان الوالد عبد الله أحمد على رأسهم .
و حتى في الستينات كان بعض التجار يقولون للوالد عبد الله : ( يا زول لو كنت خليتنا نعد الريالات ساكت , كان غنينا و كان نعد لي يومنا دا ) و يضحكون . الريالات و الاشلان كانت تأتي في أكياس ضخمة فأستنبط الوالد عبد الله أحمد نظام رص الريالات في صناديق معينة كانت في شكل رفوف لحفظ الأوراق . فكان يرص الريالات على ارتفاع حافة الصندوق و يضرب الارتفاع في العرض و في الطول و يتحصل على الرقم الصحيح , و عممت الطريقة , و انتهت العملية في وقت قياسي . الوالد عبد الله أحمد كان يقول مدافعاً عن موقفه : ( لكن يا جماعة ما تفكروا في مصلحة البلد ) .
الوالد عبد الله أحمد هو والد تؤام الروح أحمد عبد الله أحمد , بله أو جاك , رحمة الله عليه . لقد كان اقرب انسان الى في الوجود بعد والدتي . لقد كان اقرب الى من اشقائي . و كنت على استعداد على ان افديه بحياتي في أي وقت . و كنت على استعاد على ان افديه بأي من ابنائي . فلم أعرف أي شخص أروع منه . منزل الوالد عبد الله أحمد كان مفتوحاً و كان يمتلئ بالضيوف . و أذكر ان أهل البادية و ما عرف بالعرب كانوا يأتون لزيارته , و النزول في منزله ,عندما يأتون بمريض الى المستشفى أو لأي غرض . و حتى بعد أن ترك التجارة كان أهل البادية يعتبرون منزله ( منزلةً لهم ) . و بعد عيد الاضحى في سنة 1984 اتت مجموعة من أهل البادية الى ذلك المنزل كضيوف . و كانوا فخورين بأن ابنهم قد تعرض لعدة ضعنات بالسكين بواسطة همباتة . و أنه لم يفلت رسن البعير حتى بعد ان طعنوه و اضطروا لقطع الرسن من يده . و كان الاخ عزام و الذي هو بطل كرة الطاولة في نادي العباسية و الرجل المعقول يقول لهم : ( طيب ما كانوا يقطعوا الرسن من الأول و يخلصوا ) . و كانوا يرددون : ( لكن ما كان حا يمسك الرسن تاني ) .
أذكر ان العم عبد الله احمد قد أولم لهم . و كان احدهم بالرغم من انه لم يكن متقدماً في السن لا يستطيع ان يمضغ الشواء لأن اسنانه كانت سيئة . و كان يقوم بمص اللحم فقط . و الوالد عبد الله لا يتضايق أو يتأفف و يعزم عليه .
قبل ما يزيد قليلا عن العشرة سنوات , قال لي تؤام الروح بله رحمة الله عليه في التلفون و هو حزين : ( أخوي حمد مات يا شوقي ) . و حمد ود الحداد كان احد الصبية الذين أتوا من الجزيرة من ود الحداد بحثاً عن الرزق في امدرمان . فأخذه بله للسكن معه . و صار أحد سكان المنزل و عاش الى أن توفاه الله في سنة 1999. و حمد صار بناءاً و صار عضواً في الحزب الشيوعي السوداني . و ثقف نفسه و عاش في الصين لفترة و كان منزله في العباسية هو منزل العم عبد الله أحمد . و لقد ارتبط بذلك المنزل بفترة لا تقل عن 45 سنة . و ربما تأثرا بذلك المنزل فلقد تزوج من احد بنات النوبة بالعباسية . و هي أبنة جارة اخي كمال ابراهيم بدري بالقرب من ميدان الربيع .
و في بعض الاحيان كنت اتساءل هل كان أهل حمد ( ود العرب ) يمكن أن يقبلوا سكن بله معهم لانه صديق حمد , أو ان يعتبروه أبنهم ؟ و لهذا أقول أن النوبة الذين قدموا أكثر من الاخرين للسودان كانوا و لا يزالوا مظلومين . كل الذين درسوا في الاحفاد في الخمسينات و الستينات يذكرون حبوبة زينب . فلقد كانت تدير بوفيه مدرسة الاحفاد . و كانت تساعدها ابنتها وهيبه رحمة الله عليهن .
أختي فاطمة ابراهيم بدري كانت تقول لأبنائها و بناتها الذين كانوا يدرسون في الأحفاد : ( ما تشتروا من حبوبة نعيمة ) و حبوبة نعيمة كانت رباطابية و كانت تبيع النبق و اللالوب و اشياء اخرى . ( و ما تشتروا من أي دكان أو اي زول ببيع حلاوة في الشارع . ما تشتروا الى من حبوبة زينب , دي مره نظيفة و أكلها نظيف ) . الوالده زينب هي زوجة الوالد عبد الله أحمد و هي والدة تؤام الروح بله . و هذا الكلام أكده لي الدكتور الاخصائي ابن اختي المهدي ابراهيم مالك و الذي يعمل الآن في بريطانيا . و لقد كان النوبة أكثر الناس حباً للنظافة . و يرتدون عادة الجميل من الثياب . و لهم مقدرة على تزيين انفسهم و ملبسهم و مسكنهم . و لقد قلت دائماً بأن اغلب ما تعلمت من حب للآخرين و أرتباطي بالاخلاق السودانية و العشائرية تعلمته في منزل الوالد عبد الله أحمد و منزل الوالد ناصر بلال والد رفيق الدرب عثمان ناصر بلال و العم ناصر بلال كان أب لما يقارب للسبعة عشر طفلاً من زوجة واحدة و كان نجاراً في الموردة و كان يعلم أهل الموردة أصول الدين الاسلامي و كان هو الشخص الوحيد الذي أقبل يديه و اترجل من الدراجة عندما اشاهده في الطريق و هكذا كان يعمل ابنائه و بناته .
عندما أكمل بله دراسته في مدرسة الاحفاد , و عندما لم يكن عنده الواسطة أو المعارف لكي يجد وظيفة مباشرة . و أذكر ان والده قال له : (انت ولدي الوحيد انحن ما فينا زول بيكون عاطل . تمشي تكوس اي شغل في اي مكتب حتى بالمجاني . انا ما عايز اشوفك قاعد زي الاولاد التانين من ضل لي ضل ) . و وجد بله وظيفة متدرب في الاشغال بمرتب ستة جنيهات . و كان يصرف ستة جنيهات على التكس من شارع الاربعين الى المحطة الوسطى الخرطوم زائداً طراحة الى مصلحة الاشغال التي كانت خارج الخرطوم . و كان يحتاج الى مصاريف الفطور و الشاي و المرطبات له و لزواره , و كان يحتاج المال لملابسه التي كانت تغسل و تكوى و تجهز . و كان ببساطة يصرف ضعف المرتب الذي كان يتلقاه . و لأنه رجل رائع و يتمتع بأحترام و حب الجميع فلقد وظف في الاشغال . و عندما أتت شركات المعونة الامريكية تبحث عن موظفين مؤهلين , كان تؤام الروح بله أول المرشحين الشباب . و بلغ مرتبه في الستينات مبلغاً خرافياً و هو يقارب التسعين جنيهاً في الشهر . و الطبيب كان يعين بخمسة و اربعين جنيهاً زائداً العلاوات . و تؤام الروح بله الذي لم يكن يدخن أو يشرب الخمر كان يصرف جل هذا المبلغ على الأصدقاء و الأهل . ثم صار من أول المغتربين .
في سنة 1970 حضر النميري الى براغ و كان معه المحامي احمد سليمان و المحامي جوزيف قرنق وأبو القاسم محمد ابراهيم و فاروق ابو عيسى و خالد حسن عباس و آخرين . و أذكر أن خالد حسن عباس قال لنا أن ثورة مايو أنجحها عساكر الصف على عكس الانقلابات الآخري , التي كانت سبب فشلها جنود الصف . و السبب في نجاح حركة مايو هو أن محمود حسيب قد ضمن لهم ولاء اولاد النوبة في الجيش بصفته نوباوياً من الميري . و الغريبة أن محمود كان قومياً عربياً و لقد شارك في أول انقلاب للقوميين العرب و هو انقلاب 1957 الذي قام به كبيده . فجمال عبد الناصر كان يريد نظاماً يسمح له ببناء السد العالي . و اشترك محمود حسيب في انقلاب 1959 و هو الوحيد الذي ارسل الى سجن كتم . و قال عبود العب دا خلوه بعيد مني . فعندما عرف عبود بأن كل عضو في المجلس الأعلى كان له ضابط في الانقلاب الفاشل لكي يوضبه . و عندما قالوا له : (جنابك انت كانوا خاتين ليك محمود حسيب ) قال : (و انا ما يختوا لي الا العبد ) .
كما أورد الاستاذ غبوش رحمة الله عليه في برنامج اسماء في حياتنا , انه كان هنالك انقلاب آخر , انقلاب نظمه اولاد النوبة و جهزوا كل شئ حتى المارشات . الا ان محمود حسيب قد سلم الانقلاب للقوميين العرب . فكما كنت أقول أن الاخ محمود حسيب قد تعرض لعملية غسيل مخ , لأنه كان يحسب نفسه من القوميين العرب . و لقد كافأه النميري بأن قد طرده في ايام جنازة عبد الناصر . لأن علي صبري و شعراوي جمعة كانوا يكرهونه , لأنه تربطه صداقة قديمة بزكريا محي الدين .
و عندما رجع النميري الى السودان , أبعده و جعله حاكماً على كردفان . ثم ابعده من كردفان و اعطوه ادراة احدى الشركات المؤممة . و تصادف حضور أحد ابناء الجوامعة و الذي كان يعمل في الخارج و اسمه محمد أحمد . و أكتشف انه محظور من الخروج من السودان , لأنه دخل في مشادة مع محمود حسيب عندما كان محافظاً . فذهب الشاب الى محمود حسيب و قتله رمياً بالرصاص في مكتبه . و لم يجد الشاب القصاص و قيل لنا أن هنالك من زوده بمسدس و قال له : (امشي اقتل العب و ما حا تحصل ليك حاجة ). و البعض كانوا موتورين . لأن محمود حسيب كان مسئولاً من التعويضات . و قيل انه ساوم بعض نساء الاسر الكبيرة التي صودرت اموالها . و ذهب دم محمود هدراً لأن النوبة قد كرهوه لأنه باعهم لنميري . و زملائه لم يكن يقدرونه لانه حسب شرعهم هو نوباوي فقط .
أذكر و انا في السنة الثالثة الاولية أن الاستاذ العاقل نوري موسي نوري نظر في كراسة الاخ ربيع حسيب و سأله قائلاً: ( الكلام دا الكتبو ليك منو ) . فقال الاخ ربيع : ( كتبتوا انا ) . فقال الاستاذ : ( كذاب ) و قام بجلده . و لم يتزحزح الاخ ربيع الذي كان رقيق العود و تحمل الجلد بثبات . فكرر الاستاذ السؤال بعد ان جلس ربيع . فرد ربيع بثقة و هو قد تلقى العقاب و قال : ( و الله يا استاذ كتبتو انا و انا ممكن اكتب ليك الكلام دا تاني ) . فأقتنع الاستاذ نوري . و الاستاذ نوري لم يكن يتوقع من ربيع النوباوي أن يكون جيداً في اللغة العربية و أن يكون خطه جميلاً , لأنه نوباوي . والأستاذ قد نسى ان ربيع قد ولد في امدرمان و في بانت . و ربما لأن عباس شقيقه كان قوياً في جسمه و لم يكن جيداً في درسه .
عندما رجعت في الاجازة من تشسلوفاكيا الى امدرمان , كنت سائراً مع تؤام الروح بله رحمة الله عليه , شاهدت عباس في شارع الاربعين خلف منزل العم امام عبد الله والد مولانا عبد المجيد امام عبد الله قاضي المحكمة العليا . فشاهدت عباس حسيب فأندفعت نحوه للتحية و ناديته بأسمه , الا انه لم يعرفني و لم يعرف ابن خاله بله رحمة الله عليه . فقال لي بله : (يا شوقي عباس دخل الجيش و رجع من الحرب في الجنوب و فكت معاه ) . فتأسفت على شبابه . فالنوبه دفعوا ضريبة الوطن بدمائهم و حريتهم و صحتهم في كثير من الاحيان , و لم يجدوا الا الظلم .
البحارة كانوا هم قبائل شمال السودان ( النوبيون ) , الذين كانوا يذهبون الى الجنوب و يأتون بالرقيق و منهم أهلي الدناقلة لدرايتهم بالابحار . و هنالك النهاضة و هؤلاء من ينهضون في بداية الخريف و يتسلحون ببنادق المرمطون , و هي (ريمقنتون) الانجليزية . و ينتظرون النوبة عندما ينزلون من أعلى الجبال للزراعة . فيقتلون الرجال و يخطفون النساء و الاطفال . و أول من قام بعمل كبانيات هو خيري الذي كان تاجر بلح كما أورد مؤرخ السودان محمد عبد الرحيم في كتابه دفع الافتراء . و كان قد اسر بعض الشلك في الكوة لأن تمره سرق . فقام ببيع الشلك لتعويض الخسارة . و وجد انها تجارة رابحة . فجمع بعض أهله و اشترى البنادق و كون كبانية أو كمبني أو شركة . و أنتقل بنشاطه الى جبال النوبة في منتصف القرن التاسع عشر . و تزوج نمرة بنت السلطان , أعطاه النوبة ابناءهم لكي يعلمهم الجندية كما وعد . الا انه قام ببيع ابناء النوبة , و انتقم منه والد زوجته بأن قتله بدلدماية الحديد و اخذ ابنته و ذهب . الا ان تلك التجارة اللعينة صارت مقننة و صارت على مستوى الشركات . و تعرض النوبة للاسترقاق و الاستغلال .
حتى في نهاية التركية و بعد أن فرضت الدول الأوربية حظراً على تجارة الرقيق . لم تتوقف سياسة اصطياد النوبة . و كان الاخوان أحمد و عبد الله دفع الله من أكبر تجار الرقيق . و عبد الله قتله المهدي في قدير و أحمد ضرب عنقه بعد فتح الابيض . بالرغم من أن النوبة قد ساعدوا المهدي و أعطوه ملجأ في جبل بطن امك للحصين , الا أن المهدية انقلبت عليهم و حاربتهم و استرق النوبة و تعرضوا للظلم بصورة اكبر .
ابنائي الاخيرين كانوا اربعة من الرجال و كنت اتمنى في تلك الفترة لو أنني رزقت بأبنه لكي اطلق عليها اسم مندي و هي البطلة النوباوية التي حاربت الانجليز و كانت تجيد القتال و اطلاق النار . و حاربت بشجاعة الى أن مات ابنها الرضيع و هو مربوط على ظهرها . و هنالك مارش في الجيش السوداني يعرف بمارش مندي , و هي ابنة السلطان عجبنا .
أهل والدتي ارتبطوا بجبال النوبة و كانوا تجاراً . و جبال النوبة هي مسقط رأس والدتي امينة خليل ابتر و أشقائها . و كان جدي خليل ابتر سرتجار تلودي . و كان اخوته عبد الرحمن و آخرين تجاراً في جبال النوبة . و كان أبن اخته صلاح محمد احمد صلاح أكبر تجار لقاوه . و كان محمد عبد الرحمن ابتر سرتجار كادقلي . و كان متعهد بتوريد المواد الغذائية للبوليس و السجون و مدرسة كجة بأطراف كادقلي . و كان العضو البرلماني الذي يمثل كادقلي . و هو والد الباقر ابتر و هو أبن خالة الاستاذه نور تاور رئيسة الحزب الليبرالي . و كان له منزل ضخم في فريق السوق في وسط كادقلي . و كان لي عشرات الخيلان من عاشوا في بلاد النوبة و ارتبطوا بها . و كان خالي و الذي اشرف على تربيتي و كنت اسكن عنده اسماعيل خليل اطال الله عمره مدرساً في جبال النوبة في بداية حياته ثم صار تاجراً . و لقد قابلت سائق لوري من جبال النوبة كان يعمل مع العم مكي في بانتيو و عرفت انه قد كان طالباً , و ان خالي اسماعيل كان مدرسه في تلودي . و لقد تزوج بعض خيلاني من بعض نساء النوبة و لهم بعض الابناء الرائعين نفتخر بهم .
لقد اكرمنا النوبة الذين لم يجدوا الا الظلم . في سنة 1982 كنت امارض العم شعيب في يوغسلافيا الذي اتى للعلاج , وهو عديل العم عبد الله خليل رئيس الوزراء السابق . و كان كذلك تاجرة في لقاوه و زميلا لخالي صلاح . و كان يقول لي : ( و الله يا شوقي نحن ظلمنا النوبة ظلم شديد . كان في نظام الشيل . انحن التجار كنا بنشيل النوباي دين تقيل و بعد الحصاد بنجي و بنجيب شوالتنا. بعد تعب النوباوي و تعب اهله و اولاده كنا بنشيل كل العيش و السمسم و الله النوباوي ما يفضل ليه أي حاجة غير حق اكل اولاده . لكن النظام كان كدا . و كل التجار بعملوا كدا . و الله يا شوقي النوبه ديل مظلومين) . و كنت اسأله اذا كان النوبة يحتجون عندما يؤخذ حقهم . و كان يقول لي : ( النوباوي لما يدي كلمة بيلتزم ) .
نحن مدانون لجبال النوبة و للنوبة . فلقد تزوج والدي امي في جبال النوبة و نحن نحس بالانتماء للنوبة لأنهم استقبلوا أهلي بحفاء و كرم . و جبال النوبة هي المنطقة الوحيده التي لا يمكن ان يدعي اي انسان غير نوباوي انها وطنه . و الآن يتعرض شعب جبال النوبة للظلم من جديد و كما أوردت قديماً فأنه حتى بعض رجال الحركة الشعبية كان يظلم ابناء جبال النوبة و يحاول ان يضعهم في خانة الخدام الذي يغسل و يكوي فقط . ما أروع شعب النوبة الذين اعطوا اكثر من الآخرين . لقد ارتبطت بجبال النوبة امي الدنقلاوية التي هي احب انسان . و كنت عادةً اقسم بحياتها و الآن اقسم برحمتها . و النوبة هم أهل تؤام الروح بله رحمة الله عليه , الذي كنت اقسم بحياته كذلك و كان من يعرفني يستحلفني قائلاً عليك بله و كان يندر ان ارد من يستحلفني ببله .
كل هذه المشاكل و الحروب لم تكن لتحدث لو أننا اقتنعنا بأن الجميع اخوة , و اننا سودانيون سودانيون و لسنا شيئاً اخر . فقط نحن سودانيون .
و سأعود لبله .
التحية ع س شوقي بدري .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.