إسلامي ولكن ....! منى أبو زيد [email protected] الاقتصاد الإسلامي كمبحث علمي أكاديمي انطلق في منتصف الستينات، ثم اكتسب قوته بسبب ارتفاع أسعار النفط في السبعينات، لكنه فشل في تحقيق أهداف قيامه من إلغاء الربا، وتحقيق مبدأ المساواة الاقتصادية، وتأسيس أخلاقيات عمل شرعية..! ولا يوجد مكان في العالم تم تطهير معاملاته الاقتصادية من الفائدة، ولا تتمتع الأسلمة الاقتصادية بتأييد ودعم جماعي في أي مكان في العالم، ولم يتحقق \"في أي مكان\" هدف تخفيض أو تقليص عدم المساواة عن طريق فرض ضريبة الزكاة، كما لم يكن لتجديد التأكيد على المبادئ الأخلاقية الاقتصادية أي تأثير يُمكن حسابه على السلوك الاقتصادي المعاصر في البلدان الإسلامية بسبب التضارب والصراع القائم بين بعض عناصر جدول الأعمال الاقتصادي الإسلامي وبين طبيعة عمله نفسها ..! وعليه فمن المحتمل أن يتسبب الاقتصاد الإسلامي في زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي إذا استمر الإصرار على تحريم دفع أو استلام الفائدة، وهو بهذا يشكل أهمية اقتصادية تافهة .. لكنه يمثل خطرًا سياسيًا كبيرًا ..! كان هذا بعض ما جاء في مقال بعنوان (الاقتصاد الإسلامي .. ما الذي يعنيه) ل دانيال بايبس مؤلف كتاب (الأيدي الخفية ومخاوف شرق أوسطية من المؤامرة)، ومبتكر مصطلح (الرعب الإسلامي)، والباحث الاقتصادي الذي اجتهد في إقناع العالم بأن الآليات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لا تستطيع أن تتحدى النظام المالي الدولي ..! وهو - كما ترى - كلام مردود على صاحبه، وكذب منهجي تدحضه شواهد يصعب حصرها .. عندما هاجر رسولنا الكريم إلى المدينة ولاحظ هيمنة اليهود على سوقها، أمر ببناء سوق خاص بالمسلمين بلا أتاوات .. وما أكثر كتب الفقه الإسلامي التي تضمنت تفاصيل أحكام المعاملات والعقود والبيوع .. ويكفي أن بعض خبراء الاقتصاد العالمي الذين واكبوا علم الاقتصاد الإسلامي، وعاصروا نشأة البنوك الإسلامية بصورتها النهائية الحديثة قد عقدوا مقارنات جادة وعميقة بين عدالته و لا أخلاقية الرأسمالية الغربية ..! ومن أكبر شواهد اللجوء الغربي إلى الاقتصاد الإسلامي في العصر الحديث، قرار الهيئة الفرنسية العليا للرقابة المالية – إبان الأزمة الاقتصادية العالمية - بمنع تداول الصفقات الوهمية والبيوع الرمزية التي يتميز بها النظام الرأسمالي، واشتراط التقابض في أجل محدد بثلاثة أيام لا أكثر من إبرام العقد، وهو ما يتطابق مع أحكام الفقه الإسلامي، وقرارها الذي سمح بالتعامل مع نظام الصكوك الإسلامي في السوق المنظمة الفرنسية .. ولكننا مع ذلك نقول - بعيداً عن تحامل المتحاملين، وبمنأى عن تشدد المتشددين – إن فقه معاملاتنا المالية الذي تستند إليه الرقابة الشرعية على المصارف يحتاج إلى تطوير منهجي، وإلى تشريعات مواكبة لمستحدثات هذا العصر من الملمات والمكاره والموبقات الاقتصادية التي فرضتها علينا قسوة هذا العالم المادي ..! اقتصادنا الوطني بحاجة إلى قراء تأملية في جدوى بعض وجوه الرقابة الشرعية الصارمة على معاملات البنوك، وحتى لا نوغل بعيداً - فنتهم في ديننا ! - دونكم بنوك السعودية \"أرض الحرمين\" ..! منى أبو زيد [email protected]