قرارات جديدة ل"سلفاكير"    السودان..تحذير خطير للأمم المتحدة    شاهد بالفيديو.. ناشط سوداني يهاجم الفنانة عشة الجبل ويثبت غيرتها من زميلتها الفنانة مروة الدولية: (عرس الدولية حارقك وقاطع قلبك والغيرة دي ما حلوة)    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة شهد المهندس تشعل مواقع التواصل بعد ظهورها وهي تستعرض جمالها بأزياء مثيرة للجدل ومتابعون: (لمن كنتي بتقدمي منتصف الليل ما كنتي بتلبسي كدة)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    سوق العبيد الرقمية!    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    مروي.. رصد مسيرات فوق ارتكازات الجيش السوداني    إقصاء الزعيم!    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع نائب مدير مجمع الفتاوى العالمية للإدارة والبحوث بماليزيا

د. محمد شريف : نأمل أن يسلك السودان سبيل ماليزيا نحو التطور والنهضة بخطوات متئدة؛ مطمئنة؛ واثقة. لابد أن يكون الفقه المعاصر موسوماً بالواقعية والحيوية والمرونة في معالجته للقضايا التي تمس حاجة المجتمع. ندعو لتبني إستراتيجية التمويل متناهي الصغر لمحاربة الفقر بدون فوائد ربوية على خلاف بنك الفقراء في بنغلاديش الذي يتعامل بالربا وحاز جائزة نوبل مؤخرا. إذا أتيح للاقتصاد الاسلامي أن يتجاوز الحواجز والقيود فإنّه بلا شك سيقدم حلولاً لقضايا العالم المعاصر. أهم ما يميز تجربة مجمع الفقه الإسلامي السوداني أنها تتيح مجالاً لاجتماع علماء الشريعة وفقهائها من جهة وأهل الاختصاص والخبرة من جهة أخرى. في ماليزيا استطاعت المنتجات المصرفية الإسلامية أن تجذب غير المسلمين في مجتمع تصل نسبة من لا يدينون بالإٍسلام إلى 40%
مقدمة:
كان لقائي الاول مع الأستاذ الدكتور محمد شريف بشير الشريف، نائب مدير مجمع الفتاوى العالمية للإدارة والبحوث بماليزيا؛ وأستاذ الاقتصاد بجامعة العلوم الإسلامية الماليزية في الكويت في المؤتمر الذي أقامه المركز العالمي للوسطية حول الافتاء في عالم مفتوح ، حيث جاء ممثلا لمجمع الفتاوى العالمية للإدارة والبحوث بماليزيا رغم أنه سوداني ، مما أكد لنا أنه يتمتع بمقدرات وأهلية للمكان الذي يجلس فيه.
وأنتهزت فرصة زيارته للسودان ووجوده بمجمع الفقه الاسلامي لاجراء هذا الحوار معه ، كي يتعرف القاريء السوداني علي وجوه السودان المشرقة في العالم ، فالي مضابط الحوار:
جئنا إلى ماليزيا طلباً للعلم، ويسّرَ لنا المولى عز وجل سبيله، وقد أُحسن استقبالنا في هذا البلد الآسيوي الكريم، وكان لأستاذنا الكبير البروفسور مالك بدري- حفظه الله ونفع به- القدح المعلي في توجيهنا وتشجيعنا ودعمنا؛ فله من الله الجزاء الأوفى. ومما نذكره من رحلة طلب العلم في ماليزيا أننا لأول الأمر شعرنا بغربة موحشة، بسبب اختلاف العادات والطبائع بين الشرقين الآسيوي والأفريقي، ولمّا كنا نُمثل الرعيل الأول من طلاب الدراسات العليا السودانيين في هذا البلد الكريم ، فقد حرصنا على تمثيل بلدنا تمثيلاً مشرفاً؛ يليق بتاريخها وحضارتها وثقافتها، كما حرصنا على توثيق روابط الإخوة بيننا، وصار لنا ما يشبه "رواق السودان" في ماليزيا، ثم بدأ الطلاب السودانيون يتدفقون على الجامعات الحكومية الماليزية، وكانت معظم تلك الجامعات في بداية نهضتها العلمية، و شّكلنا ضمن مجموعة الطلاب الوافدين تحت رعاية أساتذتنا الماليزيين النواة الأولي لجهود البحث العلمي في العديد من مجالات كالاقتصاد والهندسة والعلوم والزراعة، وبحمد الله استطعنا أنْ نُسهم بشكل ما في العمل البحثي بالجامعات الماليزية، وأنْ نُطور من قدراتنا العلمية، ونكتسب مهارات فنية جديدة على صعيد التخصص العلمي الدقيق، وبلغنا مراتب علمية سامية من خلال المنهجية والجودة، وكّونا روابط وعلاقات علمية داخل ماليزيا وخارجها في هذا الإتجاه، نرجو أن تُتاح الفرصة ليكون كل ذلك عوناً لبلادنا؛ وأمتنا في خطتها التنموية، ونهضتها العلمية، ومسيرة شهودها الحضاري.
الانتقال إلى ماليزيا مثّل فرصة للوقوف على تجربة هذا البلد التنموية والصناعية، والتعرف على الطريقة التي وظَّف بها أهله ما أفاض به الله عليهم من الموارد البشرية والمادية لترقية حياتهم ، وتقدم دولتهم. ومن أبرز التحديات التي واجهتنا ما اتصل بالاندماج الاجتماعي، ولكن بحمد الله تجاوزنا ذلك بتفهم عادات وثقافات هذا البلد؛ الأمر الذي يسر لنا الاستفادة من تجربتهم التنموية في مجالات عديدة، كما أتاح لنا الانتقال فرصة للنظر في أنفسنا ووطننا من الخارج، ويحدونا الأمل أن تسلك بلادنا سبيلها نحو التطور والنهضة مثلما فعلت ماليزيا؛ بخطوات متئدة؛ مطمئنة؛ واثقة. وذلك لا يتم إلا بالتعلم من تجارب الآخرين، ومن تجاربنا أيضاً؛ بعدم تكرار الأخطاء، والاعتبار باخفاقات الماضي استشرافاً للمستقبل،. إنَّ وطننا الحبيب يذخر بالكثير من الموارد والطيبات، وقبل كل ذلك غني بإنسانه الذي إن توفرت له قيادة مبدعة صادقة أمينة ساقته نحو المعالي، وجعلته نموذجاً يحتذى به.
لقد أُسّسَ مجمع الفتاوى العالمية للإدارة والبحوث في 26 مايو 2003م، ويتبع جامعة العلوم الإسلامية الماليزية (الحكومية). ويتأتي تأسيس هذا المجمع استجابة لخطط الجامعة الداعية إلى إنشاء مراكز للتفوق العلمي، تقوم على العناية بالحضارة الإسلامية، وخدمة تراثها العلمي النفيس، وتعزيز دورها التوجيهي والتعليمي، وربطها بواقع الحياة المعاصرة، وتوظيف ما وصلت إليه التقنية المتطورة في هذا المجال، الأمر الذي يُعزز من فعالية وكفاءة المؤسسات العلمية والتربوية في ماليزيا؛ وسائر بلدان العالم الإسلامي.
إنّ الغاية من إنشاء هذا المجمع هي تكوين قاعدة معلومات وبحوث علمية حول الفتاوى التي تصدر في كآفة أنحاء العالم من مؤسسات معتبرة؛ وهيئات موثوق بها؛ والقيام بالبحوث التحليلية والمقارنة حول قضايا الفتوى العامة والخاصة والنوازل والمسائل المستحدثة؛ والعمل على دراسة النظام الإداري لمراكز الفتوى؛ وتطوير أدائها فيما يتصل بجمع وتنظيم المعلومات المتعلقة بالفتوى.
وفي سبيل تحقيق أهدافه المرسومة؛ ورسالتة السامية؛ فإنّ المجمع عَمِلَ منذ تأسيسه وإلى اليوم على إنجاز ما يأتي:
أ‌- أنْ يكون مرجعية معتبرة في إدارة الفتاوى وتنظيمها، من خلال توفير المعلومات الخاصة بالفتوى، واستخدام تقنية المعلومات؛ والاتصال الحديثة لتسهيل الحصول عليها.
ب‌- أنْ يكون مركزاًً لإدارة البحوث والدراسات المتعلقة بالفتاوى في كافة المجالات؛ وجمعها ودراستها؛ وتقديم الاستشارات والخدمات لعامة الناس والهيئات الحكومية وغير الحكومية؛ والعمل على تفعيل دور مراكز الفتوى؛ وحسن إدارتها.
ت‌- أن يكون منتدىً يجمع بين العلماء والخبراء والباحثين بالجامعات ومجامع الفتوى، والمؤسسات المماثلة من أجل الوصول إلى فهم مشترك ؛ ورؤية موحدة لقضايا الأمة الإسلامية.
ث‌- أنْ تكون له شبكة من العلاقات العلمية عبر التعاون المتبادل مع مجامع الفتوى، والجهات ذات الصلة بالإفتاء وقضايا الفتوى المتعددة ؛ داخل ماليزيا وخارجها.
فعلاً فقه المعاملات كما هو مبسوط في كتب التراث يحتاج إلى تبسيط وتهذيب وتحقيق، واختيار، وقد بذل علماؤنا الأفاضل جهوداً في هذه السبيل، ولكنها بالطبع جهود غير كافية، ويجب أن تستمر في الاتجاه الصحيح، وأن تكون هذ الجهود مقرونة بالحاجة الفعلية، وألا تقف عند حد الموروث، فالحياة الاقتصادية في عالم اليوم غير التي كانت في سالف القرون، وقد أحدثت التطورات العلمية والتقنية المتسارعة تغيرات هائله تستدعي النظر الكلي والشامل، وأن يكون الفقه موسوماً بالواقعية والحيوية والمرونة في معالجته للقضايا التي تمس حاجة المجمتع، وتتصل بالنوازل، وما هو مستجد من المسائل.
من الوسائل الدعوية المفيدة تنظيم الدوارت التدريبية للعاملين في المجالات المالية والتجارية تعريفاً بأصول وأساسيات المعاملات؛ وأخلاقيات التجارة من وجهة النظر الإسلامية. ومن الوسائل أيضاً الممارسة العملية؛ فهي أفضل وسيلة لتعميق وتأصيل معاملاتنا المالية والتجارية، وعلى المسلمين أن ينشئوا المؤسسات والأعمال التجارية على أساس من الشرع الحكيم؛ ويهتدوا بتعاليمه. وهذه وسيلة فعالة في نشر الفقه المالي فهو فقه للحياة؛ نشأ ليعالج قضاياها؛ وبعض الأحكام الشرعية في مجال المعاملات واجبة التنفيذ على سبيل الفرض والإلزام؛ وليس التخيير والاستحباب؛ كالأمر بتحريم الربا والنهي عن أكل أموال الناس بالباطل.
بعض المصطلحات هي من الموروث الفقهي في مجال المعاملات، وربما لا وجود لها في واقع الممارسة المعاصرة، فشؤون المعاملات والتجارة من الأمور المتجددة التي تتغير بتجدد الحياة؛ وتتبدل صورها بتعدد مصالح العباد؛ وتزايد حاجاتهم واتساع دائرة اختياراتهم الاقتصادية. والمهم هو التعريف بالأحكام الأساسية؛ ثم إخضاع المعاملات المستجدة للنظر الفقهي السديد؛ الذي يراعي مقاصد الشريعة، ومقتضيات الزمان والمكان والحال، فمجتمعات اليوم في حاجة لاستحداث كثير من الصيغ والأطر التي قد تكون على غير سابق مثال، إلى جانب تكييف الصور الجديدة من المعاملات، وتأصيلها تأصيلاً شرعياً منضبطاً.
بجانب المجلة العلمية؛ وهي للأغراض الأكاديمية، وإرشاد واضعي السياسات العامة، وتقديم حلول عملية للمشكلات المعاصرة. وجامعتنا كمؤسسة علمية متخصصة في مجال البحوث العلمية الخاصة بالتمويل والصيرفة الإسلامية؛ تتعامل مع المؤسسات والجهات الممارسة للتمويل الإسلامي؛ في القطاعين العام والخاص، ونعقد بصفة منتظمة ندوات علمية ومؤتمرات متخصصة حول قضايا التمويل والاقتصاد الإسلامي، هذا إلى جانب الدورات والحلقات الدراسية التي تقام من حين لآخر
ما يزال الاقتصاد في طور التشكل كعلم؛ وأما من ناحية الممارسة فهي أوضح ما تكون في المجالات المصرفية؛ والتمويل؛ وبعض جوانب المالية العامة، وإذا أتيح للاقتصاد الاسلامي أن يتجاوز الحواجز والقيود فإنّه بلا شك سيقدم حلولاً لقضايا العالم المعاصر؛ خاصة في مجالات التنمية الاقتصادية؛ والعدالة الاجتماعية؛ والاستثمار؛ والتجارة؛ والتكامل الاقتصادي؛ وغير ذلك من القضايا الملحة في عالم اليوم.
ندعو لتبني إستراتيجية التمويل متناهي الصغر بدون فوائد ربوية، على خلاف خطة "بنك جرامين" في بنغلاديش؛ والمؤسسات التقليدية الأخرى، ونُعد ذلك مدخلاً مناسباً لمواجهة مشكلة الفقر المستشرية في بلدان العالم الإسلامي، ونرعي أهمية أن تكون برامج التمويل متناهي الصغر قائمة على جملة من الاعتبارات نذكر منها ما يأتي:
أ‌- ضرورة التدريب، حيث يعتبر التدريب عنصراً حاسماً في نجاح المشروعات المملوكة للفقراء؛ وتأهيل الفقراء للقيام بأعمال إنتاجية تساعد على زيادة دخولهم؛ وبالتالي الخروج من أوضاع الفقر المدقع، وما يجره من مشكلات اجتماعية متفاقمة تؤدي إلى تدمير الأسر، وهتك نسيج المجتمع.
ب‌- الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والمؤسسات غير الحكومية؛ والتنسيق المُحكم فيما بينها. فيجب أن تلعب الحكومة والوكالات التابعة لها أدواراً مهمةً لم تنحصر في توفير القروض بدون فوائد ربوية ؛ وتساهم في تقديم المشورة الفنية فيما يتعلق بدراسة الجدوى الاقتصادية للمشروعات، وإدارة مخاطر الاستثمار، وتوفير المدربين والخبراء لتأهيل، و زيادة مهارات المستفيدين من أجل التوظيف الأمثل القروض؛ وحسن إدارتها. وأن تكون مشاركة القطاع الخاص قائمة على تقديم الدعم الفني؛ والمالي كجزء من المسؤولية الأخلاقية؛ والدور الاجتماعي نحو المجتمع.
ت‌- أن تتم إدارة نظام الاقتراض متناهي الصغر بصرامة تامة، وانضباط شديد؛ ابتداءً من إجراءات الاختيار؛ واشتراط الخضوع لفترات تدريبية محددة؛ ثم عملية المتابعة اللصيقة؛ وتقديم النصح والمشورة باستمرار؛ وانتهاءً بخطوات التقويم؛ الدخار الإجباري؛ وطلب المستفيد الدخول في برنامج إقراض جديد.
ث‌- العمل على إيجاد صندوق ادخار وفقاً للشريعة الإسلامية يقوم بإلزام المجموعات على الادخار الإجباري من عائدات مشروعاتهم بعد سداد الأقساط، وتضع هذه المدخرات في استثمارات يعود عائدها على الفقراء المودعين.
ج‌- تأسيس شبكة اجتماعية بين الأعضاء، ويساعد هذا على سهولة تبادل الخبرات والتجارب، وتوفير المعلومات، وتعزيز الوعي بأهمية العمل الجماعي؛ والتعاون على الخير؛ وشيوع روح الفريق الواحد لإنجار أعمال مشتركة، وتحقيق مصالح يجني ثمارها الجميع. وبهذه الطريقة يمكن للمجتمع أن يتغلب على المشكلات الاجتماعية الراهنة بكفاءة وفعالية أكبر.
وفرت تجربة بنك جرامين "بنك الفقراء" في بنغلاديش تمويلاً متناهي الصغر للمجموعات الفقيرة، ولكن يعيبها من الناحية الإسلامية تعاملها بالفائدة الربوية. و التجربة الماليزية- نموذج مؤسسة "أمانة اختيار ماليزيا" أفضل منها لأنها تقوم على تحريم الفوائد الربوية وفقاً لتعاليم الشريعة الإسلامية، وقد أثبتت هذه التجربة جدواها خلال أربعين سنة من جهود تقليل الفقر في دولة ماليزيا، والتي قضت حكومتها تماماً على مستوطنات الفقر المدقع في البلاد. ولكن الناس يهتمون فقط بما يظهره الإعلام الغربي، ويغضون الطرف عن التجارب الإسلامية الناجحة؛ لما فيها من أبعاد حضارية.
من المفيد الاستئناس بالتجربة الماليزية؛ وغيرها من التجارب التنموية الناجحة؛ والتعلم منها، ولكن من غير المناسب نقلها كما هي؛ دون تمحيص واختيار وانتقاء، فلكل بلد ظروفه، ومشكلاته الخاصة، ومن من المؤكد أن الاستفادة من التجربة الماليزية في ناحية وضع السياسات؛ وتطبيقها؛ سيكون مفيداً للغاية، وسيساعد في التغلب على الصعوبات التي يمكن أن تواجهنا.
في العموم لا اختلاف من ناحية أهدافها؛ وفلسفة تأسيسها، ومفاهيم الاستثمار؛ وتوظيف الأموال فيها، ولكن في ماليزيا استطاعت المنتجات المصرفية الإسلامية أن تجذب غير المسلمين في مجتمع تصل نسبة من لا يدينون بالإٍسلام إلى 40% ، واستطاعت المصارف الإسلامية أن تشق طريقها بجدارة؛ وعن طريق تقديم مزايا تنافسية عالية في بيئة تحتكرها المؤسسات الربوية والتقليدية.
وتختلف المصارف الإسلامية الماليزية عن نظيراتها السودانية من ناحية الأساليب التمويلية، حيث تفضل المصارف الإسلامية الماليزية الأساليب التمويلية القائمة على الديون عوضاً عن المضاربة والمشاركة، ولذلك لا غرابة إن وجدنا شيوع العمل بصيغة بيع العينة على خلاف التطبيقات في المنطقة العربية والأفريقية من العالم الإسلامي، والتي لا تجيز مصارفها الإسلامية التعامل بها.
مجمع الفتاوى الماليزية هو مؤسسة علمية للبحوث وتطوير هيئات الفتوى داخل ماليزيا وخارجها، وهو ليس جهة مختصة بإصدار الفتوى، فهذه مهمة لها مؤسساتها كإدارات الإفتاء في ولايات ماليزيا المختلفة. فمجمعنا يقوم بجمع الفتاوى؛ وتصنيفها؛ ودراستها؛ وتحليل كافة أبعادها؛ وإجراء الدراسات بشأنها، ومن هذا المنطلق فنحن نعمل على تهيئة السبل والمجال لاجتماع العلماء والخبراء على صعيد واحد من أجل بحث المسائل المستجدة، وقضايا النوازل ، ونساعدهم بتوفير قواعد المعلومات؛ والبحوث العلمية، وندعم جهودهم بالتنسيق والتنظيم والمتابعة. فعلى سبيل المثال نقوم بتطوير نظام ربط إلكتروني بين جهات الإفتاء داخل ماليزيا؛ يتيح لهم التواصل الفورى، والتعرف على الفتاوى الصادرة من كل جهة، واستخدام قاعدة المعلومات المتوفرة لدينا، وفي المستقبل سنعمل على توسيع الشبكة لتشمل مؤسسات الإفتاء؛ ومجامع الفقه الإسلامية في سائر الدول الإسلامية.
مجمع الفقه الإسلامي بالسودان صرح علمي شامخ، ينهض بأعماله نخبة مميزة من علماء السودان الأفاضل على اختلاف تخصصاتهم الشرعية؛ والمعاصرة، ويقوم هذا المجمع المنارة بأدوار عظيمة على صعيد الدولة والمجتمع. وأهم ما يميز تجربته أنها تتيح مجالاً لاجتماع علماء الشريعة وفقهائها من جهة، وأهل الاختصاص والخبرة من جهة أخرى ، من أجل النظر في القضايا المستجدة التي تتطلب معرفة عميقة وشاملة. كما أن تجربة المجمع تستنهض العلماء في اجتهاد جماعي حول أكثر القضايا المعاصرة تعقيداً، وإلحاحاً بغية التعرف على الحكم الشرعي فيها. ومن خلال التنظيم الإداري الجيد لأعمال ولجان المجمع المتخصصة؛ والفرعية فإنّ المجمع أنجز الكثير من البحوث الفقهية الممتازة، وأصدر العديد من الفتاوى في كافة الشؤون التي تهم الأفراد؛ والمؤسسات الخاصة؛ والعامة. ونأمل أن تتواصل جهود السادة العلماء الأفاضل في المجمع لما فيه خدمة الإسلام والمسلمين.
كان للمجمع مشاركة متواضعة من خلال عرض تجربته كمؤسسة علمية مختصة بشؤون الفتوى بكافة أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية، حيث يقوم بإجراء البحوث والدراسات، وتصميم برامج التدريب، وإقامة منتديات الحوار بين أهل الفقه والخبراء والمختصين، وتوفير قواعد المعلومات حول الفتاوى الصادرة من جهات معتبرة؛ وموثوق بها في العالم كمجامع الفقه الإسلامية؛ وهيئات الإفتاء الرسمية في العالم الإسلامي؛ وبلدان الأقليات المسلمة.
هذا إلى جانب المشاركة في معرض مجامع الفقه الإسلامية الذي أقيم على هامش المؤتمر، وعرضنا في الجناح المخصص لنا جانباً من مشروعاتنا البحثية، وأنشطتنا ومطبوعاتنا، والحمد لله وجدنا قبولاً من العلماء والجمهور.
نرجو أن يعي قادة الرأي وأهل الفقه والنظر في المجمتع مسؤولياتهم، وأن يعملوا على وحدة الأمة والنصح لها. وأشكركم على إتاحة هذه الفرصة للتحدث إلى قرائكم الكرام، والله أسال لنا ولكم التوفيق والسداد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.