إليكم الطاهر ساتي [email protected] المخزون الإستراتيجي من قضايا الناس ..لايكفي ..!! ** القات، نبات مخدر يتعاطاه بعض أهل اليمن بكثافة، كما يتعاطى بعض أهل السودان نبات التمباك.. ولكن لأهل اليمن طريقة مدهشة في تعاطي القات، بحيث تختلف عن طريقة تعاطي أهلنا للتمباك، ويسمون طريقتهم تلك بالتخزين..أي يلوك أحدهم نباتات القات ساعة ويلتها ساعة ويعجنها ساعة ويمتص مكوناتها المخدرة، ثم يخزنها بحيث يبدوا خده الأيسر منتفخا كما المصاب بورم خبيث، فالمنظر مقزز ومشمئز..عافاهم الله وحفظنا وإياكم يا أحباب من كل أنواع التعاطي، بما فيها (التخزين)..!! **ملامح البرلمان تكاد أن شبيهة بمناظر أولئك الذين يخزنون القات..منذ آداء القسم، لا يمضي نصف شهر إلا ويكون البرلمان قد قرأ صحف الخرطوم ثم شكل لجنة تحقيق لتحقق في قضية ما أثيرت في تلك الصحف..تستلم اللجنة أوراق القضية، وتلوكها أسابيعا وتلتها أشهرا وتعجنها سنينا وتمتص كل وقائعها، ثم تخزنها إما في دهاليز لجانها أو في وزارة العدل التي أصبحت مخزنا إحتياطيا في الفترة الأخيرة ..قضية بيع سودانير لعارف، من القضايا التي أثارها البرلمان السابق قبل كذا سنة، ثم شكل لجنة تحقيق لمعرفة (كيف تم هذا البيع؟)، وظلت اللجنة تلت وتعجن في وقائع القضية، حتى إنتهت تلك الدورة البرلمانية، ولا أحد يعرف معلومة عن القضية غير أنها لاتزال (مخزنة) ..!! ** ومنذ أسبوع، يطالب بعض نواب البرلمان بتشكيل لجنة تحقيق أخرى لمعرفة ما حدث لمحطة هيثرو ولمعرفة (كيف تم بيع سودانير؟)..أي أنها اللجنة الثانية، في البرلمان الثاني، لتحقق في قضية سودانير للمرة الثانية.. ومصيرهذا التحقيق لن يختلف عن مصير ذاك، أي فقط للت والعجن ثم التخزين..عفوا، الجديد في التخزين الثاني هو ( محطة هيثرو)، بحيث اللجنة المرتقبة لن تلت وتعجن قضية بيع الناقل الجوي فقط، بل هناك حلويات في مائدة تلك القضية، وهي ( محطة هيرو) ..وزير النقل قال لنواب البرلمان والرأي العام قولا مضحكا، إذ يقول نصا : ( لاوجود لأي مستند يؤكد بيع أو إيجار تلك المحطة)، ثم يستدرك قائلا ( لكنها مفقودة)..تأملوا هذا اللغز بالله عليكم : لاباعوها بمستند ولا أجروها بمستند ولكنها مفقودة في الواقع..ولذلك، لابد من لجنة تحقيق، ليس لحل طلاسم هذه المحطة، ولكن ل(تخزين القضية)..!! ** وبالمناسبة، قضية تقاوى زهرة الشمس لاتزال مخزنة في وزارة العدل، والبرلمان لم يستلم تقريرها بعد، ولقد مضى شهرا ونصف منذ موعد التسليم الذي حدده البرلمان والوزارة ..أما قضية المبيد الفاسد لاتزال في أولى مراحل التخزين، أي إستلمتها اللجنة الزراعية بالبرلمان للتحري واللت والعجن، ثم الإحالة إلى وزارة العدل خلال ثلاثة أو أربعة مواسم إن شاء الله - مافي داعي للإستعجال - كما حدث لقضية زهرة الشمس..أما قضية المشردين الطازجة، لقد بشرنا البارحة رئيس البرلمان بأنهم سوف يستفسرون وزير الداخلية عما حدث للمشردين، وقال أنهم سوف يتقصون ويحققون - طبعا بلجنة تحقيق - لمعرفة ملابسات هذه الحادثة، أي الرأي العام على موعد مع المزيد من اللت والعجن و(التخزين)..إقترح للبرلمان بأن يدع قضية المشردين للمجلس التشريعي لولاية الخرطوم، أو للمجلس التشريعي لمحلية الخرطوم، إذ ليست من المؤسسية بأن تكون بالبلاد فقط (مخازن إتحادية ) لتخزين المخزون الإستراتيجي من قضايا الناس، بل يجب تأسيس (مخازن ولائية ومحلية )أيضا..يعني نظام تقصير الظل التخزيني وكدة..على كل حال، أيها السادة : ابحثوا عن وسيلة أخرى غير وسيلة التخزين لتخدير الصحف والرأي العام ، وأعلموا بأن ( إدعاء الذكاء نوع من الغباء )..!! ........... نقلا عن السوداني