حالة من اللاوعي والهلوسة تحدثها المخدرات التي تعبث بعقول من يلهثون وراء «الكيف» والابتعاد عن الواقع والعيش في عالم اللا معقول.. عالم يضحكك في غمرة الحزن ويبكيك في عز الفرح، هذا المزيج من التناقضات لا يستطيع الإنسان وحده أن يصنعه إلا بالمخدرات وإلا صنف في عداد (المجانين). لذلك راجت تلك التجارة بأصنافها ومسمياتها التي تطرح في كل مرة جديداً في عالم المخدرات.. الذي أرهق الحكومات في سبل المكافحة.. الهيروين والبنقو وغيرهما من أنواع المخدرات متفق عليها في ضرورة محاربتها لما فعلته بمستقبل الشباب.. إلا أن واحداً من بين تلك الأنواع تجده على قائمة المواد المخدرة في بلدان وخارجها في بلدان أخرى مثل تلك المادة هي الناتجة من تخزين نبات القات الذي يوضع على جانب الفم لفترة مثله مثل (التمباك) إلا أن الفرق بينهما هو أن القات تبلع (عصارته) فتحدث نوعاً من النشاط والحيوية والقدرة على السهر.. فالسائقون في مجاهل إفريقيا وهم في رحلتهم الطويلة الى شرق إفريقيا أويوغندا وجدوا في تخزين القات عوناً على احتمال السفر الطويل حيث لا يغمد لهم جفن وهم يتحركون بالشحنات بين الأدغال. في إحدى الجامعات السودانية وبعد خبر ضبط كميات من القات المهرب أجرينا هذا الاستطلاع بين بعض الطلاب، فالتقينا بالطالب عمر الطيب - جامعة السودان- قال لا أعرف شيئاً عن هذا النبات إلا من بعض الحكايات وليس من بيننا من يخزنه.. ولكنه أشار لي لأحد الطلاب السودانيين القادمين من اليمن سألناه عن تعاطيه القات لم ينكر الأمر باعتباره أمراً عادياً عندما كان في اليمن استخدمه في فترة الامتحانات حيث كان يسهر حتى الصباح دون الشعور بالنعاس ولكن بعد عودته للسودان وجد أن كثيراًَ من الطلاب لا يعرفون عنه شيئاً وهو مثله مثل التمباك بالنسبة لليمنيين. أما خالد عيسى اعتبر تخزين القات ما هو إلاَّ نوع من الإدمان وأن الإقلاع عنه يسبب بعض المتاعب. وعن حقيقة أن القات يشعل كتلة النشاط في الإنسان يقول خالد هذا الأمر غير صحيح ربما يكون في البداية لأن كثيراً من الذين يخزنون القات يغلب عليهم طابع الكسل والخمول. القات تجده بكثرة في كينيا وإثيوبيا والصومال واليمن وأخيراً تنزانيا.. ففي اليمن لا يعد مادة مخدرة ولا تطاله القوانين.. بل يتناوله اليمنيون في جلسة (كيف) لا تقل عن جلسات شرب القهوة في السودان فيتجمع الأصدقاء في ما يعرف بالديوان.. وبعد تناول الأكل يقومون بتخزين القات لانه قاطع للشهية بحسب ما قاله لنا الأستاذ محجوب علي البشاري. بحكم إقامته في اليمن لفترة طويلة وقال إن تناول القات يكون مع شرب المرطبات والحليب.. واليمنيون يخزنون الصفق ويسمونه (با صبرة).. أما في كينيا وإثيوبيا فيطلق عليه (كان كتية).. وقد تم منعه في الصومال. في فترة صعد فيها انتداب الأساتذة السودانيين لليمن (معقل القات).. اقترب بعض منهم وانضم لجلسات تخزين القات.. ودون أن يبلغ بهم حد الإدمان حسبما قاله لنا الأستاذ عبد الله محمد الذي أنتدب لليمن ومكث فيها فترة انتداب (5) سنوات لم يخزن القات سوى مرة واحدة حيث لم ترق له المسألة. القات أصبح نباتاً مثيراً للجدل وأن محاربته باتت صعبة في بعض الدول التي تدخله ضمن منظومة العادات الاجتماعية. ويعتبر القات بحسب التقارير العلمية أنه يسبب لمتعاطيه (الإدمان) النفسي مما يجعل المتعاطي يشعر بالخمول والكسل والتوتر عند الإمتناع عنه. وتقول التقارير إن تعاطيه لفترة طويلة يسبب سوء الهضم وتليف الكبد واحتمال الإصابة بالسل، كما أنه يحدث ضرراً باللثة وتخلخل الأسنان نتيجة لانقباض اللثة. وفي اتجاه آخر عبرت الآراء الدينية التي اختلفت في تحريمه حيث رأى علماء الأزهر والسعودية تحريم القات، فيما أباحه علماء المذهب الشافعي مع الكراهية، وأباحه علماء المذهب الزيدي. القات على الرغم من أنه نبات على شكل شجيرات يتراوح طولها بين (2-5) أمتار لونها أخضر بُني مع القليل من الحمرة وتعرف علمياً باسم (سيلا سندس أوديس).. إلا أنها لم تعد كونها مجرد حكايات ينقلها القادمون من بلاد اليمن أوالصومال فهي مجهولة لكثير من الناس بحسب ما كشفه الاستطلاع. الرأي العام