تراسيم.. جنابو سبت للقصة بقية!! عبد الباقي الظافر لا يتذكر الطفل سبت شيئا غير هذه الأسرة الشمالية التي ترعرع بين أحضانها منذ أن كان رضيعاً.. ينطق كلمة (يابا ويمة) دون أن يشعر أن منشأها تايواني.. تنقل سبت مع أسرته من الجنوب إلى الشمال بعد أن استعرت الحرب.. في المدارس كان من النابغين.. اختار الكلية الحربية كأنه يريد أن يطفئ الحرب التي كلفته الكثير.. حصدت روح أسرته البيولوجية.. ثم أجبرت أسرته الثانية للتنقل من مكان ألفوه إلى آخر أكرهوا عليه إكراهاً. كان سبت شخصاً فاعلاً في المجتمع المحلي.. طرق أول باب في (الحلة) ليتخذ منه زوجة وكان لقلبه ما أراد.. الوحدة الجاذبة تثمر أطفالاً سمرًا في غاية الروعة. الأسبوع الماضي استقبل الضابط سبت خطاباً يشكره على خدماته الطويلة الممتازة.. ويخطره أن هذا الفاصل من الحياة قد أسدل ستاره.. خيارات الضابط تبدو معقدة جداً.. الجنوب غادره طفلاً صغيراً.. زوجته الشمالية هل ستقبل على هذه الحياة الجديدة التي كتبت عليه.. أطفاله الصغار هل بمقدورهم أن يبدؤوا سطراً جديداً.. ماذا عنه هل ينسى الجيش الشعبي أن (سبت) كان مقاتلاً في صفوف العدو. حسناً.. سبت يفكر في حل وسط.. يخلع (الكاكي) الذي يعشق ويبقى في الشمال.. لكنه يستشعر أن الوطن الذي قدم له الكثير عاد مليئا بالنازيين الجدد.. ربما يسأله أحدهم لماذا لم يلحق بالمطرودين من وطنهم بفعل تقديرات الساسة.. (ود حلتنا) سبت في انتظار حل لمشكلته التي لم ينتبه لها أحد.. سبت حالة تتناثر شمالاً وجنوباً. هل تصدقون أن البروفسور اكولدا مانتير عميد كلية القانون الأسبق والبروفسور الوحيد في تخصص القانون الدولي في جامعة الخرطوم سيكتب عليه الرحيل القسري.. وإن أرادت الجامعة أن تستفيد من خبراته يأتي ذلك تحت بند خبراء أجانب.. أما وزير الخارجية الأسبق لام أكول فإن عليه تسجيل اسمه ضمن اللاجئين إن أراد أن يستعصم الجنوب في حاجة ماسة لخبرات الشمال.. إنسان الشمال أفضل من يتفهم حاجة شقيقه الجنوبي.. يتفوق في ذلك على العمالة القادمة من دول الجوار الإفريقي.. للشمال أرض الجنوب ميدان واعد للتجارة.. عبر ميناء بور تسودان يمكن للجنوب أن يستورد كل احتياجاته ويصدر ما فاض عن حاجته. لدينا فرصة للنجاح لو جردت المصالح الشعبية من بالخرطوم. هذا يتمدد جنوباً.. هنالك آلاف من الشماليين ارتبطت حياتهم بالجنوب.. منهم من ربحت تجارته في تلك الأصقاع.. وفيهم من ارتبط مستقبله المهني بتلك المناطق مثل العاملين في حقول النفط.. وبينهم من أمن بطرح السودان الجديد وفدى الفكرة بدمه قبل أن يجد نفسه أجنبيا بعد انفصال الجنوب.. صحيح أن الحركة الشعبية تطرح خيار الجنسية المزدوجة بشروط لمن أراد.. ولكن قبل ذلك تحتاج هذه الأقليات إلى مناخ من الحب والتسامح. الآن ينبغي على الشمال والجنوب إعادة النظر في هذه الشرائح التي تتقاطع مصالحها بين الشمال والجنوب.. أقترح على حكومتي جوباوالخرطوم منح حق الإقامة والعمل لمن تعلق قلبه بالبقعة التي يعيش فيها. هذا أفضل استثمار في المستقبل.. السياسة. التيار