الصادق المهدي الشريف [email protected] عبر صالة (كبار الزَّار والشخصيات المهمة) بمطار الخرطوم دخل يوم الجمعة الماضي ياسر سعيد عرمان الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال. الأخبار التي تواردت خلال الفترة السابقة أنّ عرمان مطلوب للعدالة السودانية من خلال قضيتين اثنتين هما: الخيانة العُظمى وإشاعة الكراهية والتحريض ضد الدولة. قضية الخيانة العظمى كان قد قام بتقديمها منبر السلام العادل ضد ياسر عرمان بعد زيارته مع وفد للحركة الشعبية لواشنطن، ولقاءه ببعض القيادات الأمريكية.. ومطالبته بعدم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. ومن المؤكد أنّ أمريكا لا تحتاجُ الى عرمان لكي يدلها على ما يجب عليها فعله. بعد يومٍ واحدٍ من تلك المطالبة العرمانية.. صرَّح الدكتور نافع على نافع بأنّ ما قام به عرمان يُعتبر (خيانة عُظمى لبلاد يحملُ جنسيتها). واعتبر منبر السلام العادل أنّ ما قاله نافع إشارة خضراء للمُضِي قُدماً في رفع دعوى جنائية ضد ياسر سعيد بتهمة الخيانة. أمّا قضية إشاعة الكراهية والتحريض ضد الدولة فقد لبست ياسر عرمان بعد أحداث جنوب كردفان، وجآءت على لسان أحمد هارون والي الولاية بقوله أنّ (عرمان والشيوعيين داخل الحركة الشعبية هم من أجج النيران بكردفان) . ويبدو أنّ الأمر كله لم يخرج عن المكايدات السياسية الى حيز الفعل القانوني.. ولو انّه خرج فعلاً فإنّ السياسة نفسها تستطيع أن ترده خاسئاً الى الحيز الأول. ممارسة السياسة في السودان لا دخل لها بالقانون ولا بالأخلاق.. ولعلّ هذه هي أهم معلومة يجب أن يعرفها الصحافيون جيداً. فالأوصاف (خائن – عميل – مرتزق – ألخ) هي أوصاف جاهزة في جيب السياسي السوداني الحاكم يدمغ بها السياسي المعارض.. ولو إلتقى سياسيونا في موسم الحجّ لمنح كلّ واحدٍ منهم الآخر ورقةٌ (تجنباً للرفث والفسوق) مكتوبٌ عليها خائن أو عميل أو مرتزق. فكم من رجالٍ كانوا معارضين للإنقاذ وتمّ توزيع تلك الألقاب والأوصاف عليهم.. ثمّ عادوا الى أرض الوطن مصالحين أو معارضين (نُص نُص).. وتمّ منحهم المال والألقاب الوطنية.. بعد أن تناست الحكومة أنّها كالت لهم بالكيل الكبير أبّان معارضتهم. وحينما يستخدم الصحفي تلك الألقاب جرياً وراء اللسان الحكومي.. سيجد نفسه – لا بُدّ – وحيداً ومعزولاً، ولا يملك ما يدافع به عن نفسه أمام التراجع الحكومي السريع. صحيح أنّ ياسر عرمان طالب واشنطن بعدم رفع اسم السودان من القائمة الإرهابية ولو أنّه طالب بحظر سفر المسؤولين الحكوميين.. أو أيِّ مطالبة يدفع الكبار ثمنها لكان خيراً له من تلك المطالبة التي يدفع ثمنها عامة السودانيين على رأس كل ساعة. ومن المؤكد أنّ عرمان صار لا يهتم كثيراً بالرأي الشمالي حول تصريحاته ونشاطه.. وإذا كان ذلك صحيحاً في الفترة الماضية لإستقوائه بالجنوب.. ففي المرحلة القادمة سيكون الشمال هو الملعب السياسي لعرمان.. وسيحتاجُ الرجل الى وزن تصريحاته بالجرام قبل ان يلقي بها على رأس الشعب. صحيفة التيار