حديث المدينة دموع .. التماسيح..!! عثمان ميرغني السيد وزير النفط د. لوال دينق قال في تصريحات أمس الأول.. إن نفط الجنوب سيظل يعبر شمال السودان إلى أسواق العالم.. عبر أنبوب النفط الذي يتدفق من آبار النفط في الجنوب حتى ميناء بشائر على البحر الأحمر.. لكن لمدة عامين فقط. بعدها يكون الجنوب (دبر حاله) وامتلك (أنبوبه).. الذي يمتد جنوباً إلى شواطئ كينيا.. كل من يمشي على رجلين في السودان يعلم أن أنبوب النفط الحالي.. هو أرخص وأفضل خيار لنفط الجنوب.. حتى بعد الانفصال.. لأن طبيعة الجغرافيا توفق له انحداراً طبيعياً من منابع النفط إلى موانئ تصديره.. والاستثمار في تشييد أنبوب جديد. يصعد ويتسلق جبال كينيا. في مسار وعر للغاية.. وغير آمن.. معرض للسرقة والإتلاف بصورة متكررة.. عمل يحتاج إلى أموال طائلة.. وزمن وجهد كيبر. ومع ذلك اختارت الدولة الوليدة في جنوب السودان. أن تركب الصعب وتتجه عكس التيار إلى شواطئ كينيا.. بالله هل أدلّ من ذلك على حالة التنافر القصوى التي نجحنا في توطيدها مع الجنوب حتى وهو ينفصل عنا في دولة جديدة.. هل نعاني من انفصام شخصية.. قبل أيام قليلة من صرخة ميلاد الدولة الجديدة في الجنوب في يوم السبت بعد غد. (انهمرت) الدموع في الشمال في حفلات تكريم متتالية في مختلف المؤسسات الحكومية للجنوبين الذين كانوا يعملون فيها وحان وقت رحيلهم.. ما هذه الدموع التي نذرفها.. هل هي دموع التماسيح.. أم دموع السذاجة.. ما معنى أن نقيم حفل شاي أو (كوكتيل) لوداع الجنوبين!! ونحن الذين طردناهم طرداً وجعلنا عاقبة اتخاذهم قرار الانفصال بغضاء وثارات وغبن جارف.. قبل عدة شهور دار حوار عجيب (مخجل) تحت قبة البرلمان.. وانبرى أسود أشاوس لمعركة (طرد النواب الجنوبيين).. قلنا لهم: (عيب والله عيب.. إخوانكم كلها شهرين تحملوهم وأكرموهم) لكن لسان الحال غلب.. والله كنت أعجب لبعض القانونين الذين ما سمعناهم يوماً واحدا يدافعون عن القانون الذين تخترقه الحكومة في اليوم سبع مرات.. وهم يتحدثون بلسان عنترة بن شداد عن حتمية (طرد!) النواب الجنوبيين.. بحجة أن البرلمان فيما تبقى من شهر وبعد صدور نتيجة الاستفتاء سيتفرغ لإعداد دستور جديد.. ولا يجب أن يكون هؤلا (الأجانب) في قاعة البرلمان يشهدون ميلاد دستورنا الجديد.. ومرت الأيام ولا دستور ولا يحزنون.. ماذا بالله عليكم يا نواب البرلمان لو صبرتم ونظرتم بعين بصيرة للمستقبل.. فهؤلاء الجنوبيون سيعودون إلى بلادهم إما بطعم الذكريات النضرة.. أو بطعم الحنظل في الصدور.. وبدأت بعض المؤسسات الحكومية تتخلص من (كبار التنفيذيين الجنوبيين) بأعجل ما تيسر.. فوراء كل كرسي يجلس عليه جنوبي.. شمالي ينتظر بأحرّ من الجمر خلوّ الكرسيّ.. مصالح شخصيّة وضيعة تتلف مصالحنا العليا في تأسيس جوار متميز مع الجارة الجديدة.. الوداع ب(الأفعال) لا ب(الأقوال) ودموع نساء نذرفها على وطن لم نحافظ عليه كالرجال..!! التيار