عزيزُ شعبٍ ذلَّ!! تيسير حسن إدريس [email protected] في مقابلة لها مع قناة الجزيرة قبل أيام رسمت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية السابق للشئون الإفريقية صورة قاتمة لسياسة الكونجرس والإدارة الأمريكية تجاه السودان وحكومة الإنقاذ في الفترة القادمة، بعد أن اطمأنت لولادة دولة جنوب السودان بسلام ونيلها الاعتراف الرسمي من المجتمع الدولي، حيث قالت وبالحرف الواحد مستنكرة وجود الرئيس البشير على منصة واحدة مع المسئول الأممي بان كي مون والمسئولة بالإدارة الأمريكية سوزان ريس: (إنها لمفارقة أن يجلس البشير بجوار السيد مون والسيدة ريس ولكن رمزية أنه رئيس الدولة حتمت حدوثها) في إشارة تحمل سمة الغطرسة الأمريكية المعروفة، أوصلت رسالة بالغة الوضوح، ورسمت صورة في غاية القتامة لما سيكون عليه حال العلاقة السودانية/ الأمريكية في الفترة القادمة. لقد سبق لعدة محللين سياسيين وطنيين وأجانب الإشارة لهذا الموضوع والخروج بهذه النتيجة، وأكدوا أن علاقة الخرطوم ممثلة في نظام الإنقاذ ستكون أكثر اضطرابا وتعقيدا مع الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي بعد انفصال الجنوب، خاصة وهي تصرُّ على مواصلة سياساتها الفاشلة القديمة، وما فتئت تقدم مع طلوع كل شمس يوم جديد مزيدا من الذرائع والحجج؛ بل والبراهين العملية التي يمكن أن يستند عليها العالم تبريرا لسياساته الجافة والعدائية التي ستتسم علاقته بها ، فملف دارفور المعلق والتي تدعي حكومة الإنقاذ أنها قد أغلقته، والعناد الصبياني في نقض الاتفاق الإطاري الموقع بينها والحركة الشعبية في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ونثرها للشوك في طريق قطاع الشمال والتراجع عن الاعتراف به كحزب شمالي، رغم وجود نواب له بالبرلمان ورغم أن رئيسه والي منتخب على ولاية النيل الأزرق!! بالإضافة لتعويلها على الحلول الأمنية والعسكرية لحل التوتر الذي نشب في جنوب كرد فان كنتيجة حتمية لتزوير الانتخابات ،والذي من المحتمل أن تنتقل عدواه لمنطقة النيل الأزرق؛ كلُّها تصرفات تعطي المجتمع الدولي المبرر ليسلط صوت عذابه على ظهر المؤتمر الوطني وحكومته، الشيء الذي سينعكس سلبا على مجمل الأوضاع الاقتصادية والسياسية في السودان. وبالطبع سيكون الخاسر الأكبر من جراء هذه السياسات العنترية هو شعب السودان، الذي ظل طوال ربع قرن من الزمان يكتوي بنارها ؛ يسحقه الفقر والعوز والمرض، ويقع بين مطرقتها وسندال السياسات الداخلية للنظام المنحاز لعضوية حزبه، والتي هدفت منذ وصوله للسلطة لامتصاص وتدمير المقدرات المادية للشعب وإفقاره عبر الزيادات المتوالية وغير المبررة لأسعار السلع الاستهلاكية والمحرقات والضرائب، والإتاوات التي وصل رأس (كرباجها) ظهر عمال الأجرة اليومي من أطفال (الدر داقات) والحمالين في الأسواق!! في حين أتاح الحزب الرسالي الحاكم الفرص واسعة أمام منسوبيه لسرقة ونهب وامتصاص دم الغلابة من أبناء شعبٍ عزيز ذل. إن الارتفاع الجنوني للسلع الغذائية والتموينية والأدوية العلاجية المنقذة للحياة؛ قد أوصل روح الشعب الحلقوم، وأغلق أمامه أفق العيش الكريم، ولو كان على الكفاف فما عاد يعير العبارات الساذجة المكررة التي يطلقها أقطاب النظام لذر الرماد في العيون عن (شعب السودان الواعي والمتفهم) أي اعتبار، فقد وقَرَ في قلب العامة أنهم قد وقعوا في فخ الشعارات البراقة، ووهم الدولة الرسالية، وحان الوقت للخروج من نفق النفاق والخداع باسم الدين، حيث أصبحت مقولة: (ادخلوا الشعب المساجد وهرولوا للأسواق) ملخص يشرح باختصار سياسة النظام الحاكم، خاصة في ظل التفاوت الكبير التي يراه الأعمى بين مستوى معيشة جهابذة النظام ومنسوبي المؤتمر الوطني الرافلين في النعيم المقيم والحلي والحلل، وعامة الشعب الذي أضناه العذاب، والفقر، والعوز، وأقْعَدَهُ المرضُ حتَّى اسْتحقَّ بحقٍّ أنْ يُطلقَ عَلَيْهِ لقبُ (عَزِيْزَ شَعْبٍ ذَلَّ). تيسير حسن إدريس 13/07/2011م