بسم الله الرحمن الرحيم .. جهاد المنافقون في جبال النوبة !! عبالغني بريش اليمى .. [email protected] يبدو لي أن الجهاد شرع لرد الظلم وعدوان الكُفار على المسلمين ، كما يتهيأ لي ايضا أن مقاصده الشرعية ، هي لحفظ حُرمات الإسلام ، وطلب الرزق .. الخ . ومعنى ذلك أنه ليس لإشباع رغبات بشرية دنيئة قذرة ، أو للتشفي والانتقام وتفريغ مشاعر إنسانية ذميمة ، أو تحقيق مصالح شخصية فاجرة . كما يتخيل لي أن الجهاد بمعنى ( القتال ) يكون لدفع العدوان الخارجي الكُفاري الصليبي النصراني على المسلمين .. ولا يعد جهادا - اعلان جهة ما حربا على فئة أو تنظيم ما لأسباب سياسية في اطار دولة واحدة يعيش فيها موطنين بديانات وعقائد مختلفة . عندما وصل الإسلاميين إلى الحكم في يونيو عام 1989 قطعوا على أنفسهم وعداً قوياً لأنصارهم ومؤيديهم بتطبيق ما سموه \" بالمشروع الحضاري الإسلامي \" وهزيمة الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة المرحوم/ جون قرنق دي مابيور .. وفي عام 1992 اعلن فقهاءهم وعلماءهم وأغبياءهم وتيوسهم فتوي جهادية في منطقة العمليات رقم \" 2 \" جبال النوبة .. وفي منتصف التسعينيات من القرن الماضي اعلن ذات الفقهاء والتيوس فتوى جهادية أخرى - لكنها شملت كل المناطق التي تواجدت فيها الحركة الشعبية والجيش الشعبي . غير ان أهل الإنقاذ سرعان ما تنصلوا منها وتنكروا لهذه الفتوى بعد توقيعهم على اتفاقية السلام السودانية في عام 2005 مع نفس الكُفار الذين أعلنوا عليهم الجهاد الأكبر ، لإعلاء كلمة الله في الأرض والسماء حسب زعمهم !! . نعم - أرادوه سوداناً طالبانياً أصولياً متطرفاً ، بعد دحر وهزيمة الكُفار من الجنوبيين والنوبة والأنقسنانيين حسب البرنامج الذي وضعوه ، وكل من انضم إلى صفوفهم لمحاربة الحكومة المركزية . وجراء هذا التضليل والنفاق المقنن مات مئات الالاف من الشباب السوداني المغرر بهم بإسم ( حُور العين ) والوِلدان في جنات عدن تجري من تحتها الأنهار ؛ خالدين فيها أبداً . وقعوا سلاما مع الكُفار سابقا ( الحركة الشعبية لتحرير السودان ) ، وعندما احتجت أسر الشهداء المفترضين الذين قضوا نحبهم في أدغال وغابات الجنوب وجبال النوبة .. قالوا لهم والله حكومتنا دي لم تقل يوما ما أن الذين ماتوا في الجنوب وجبال النوبة شهداء ، بل قالت انهم جنود شجعان أبلوا بلاءا حسنا في محاربة المتمردين الخارجين على القانون والسلطة المركزية ! .. وهكذا ، وبكل بساطة نكروا أنهم أعلنوا أي جهاد في السودان في عهدهم ، وان الحكاية كلها كان مجرد سوء فهم . لكن ها هم اليوم ، وبعد مرور ست سنوات فقط من التوقيع على اتفاقية نيفاشا ، عادوا ليعلنوا حربا جهادية أخرى على جبال النوبة ، من خلال والي ولاية شمال السودان محمد احمد ابو كلابيش الذي جعل النفاق والكذب من نصيب حكومته دون منازع . فهو الوحيد الذي يستطيع بسحره وشعوذته ودجله أن يجعل حماقات المشير عمر البشير ذكاء ، وهو الأكثر قدرة على تحويل فشله وهزائمه في جبال النوبة إلى فتوحات ، والى ملاحم عظيمة يتغنى بها غلمان وصبية الإنقاذ , وهو الوحيد أيضا القادر على إقناع الناس بأن البطش والقهر والظلم عدل ورحمة ، وأن المطر لا ينزل إلآ عندما يصلي البشير المطلوب للجنائية الدولية صلاة الاستسقاء في حوش بانقا . وليس هناك من أحد يستطع أن ينافس السيد محمد احمد ابو كلابيش في مسألة الحشد الجماهيري والتجييش من أجل نيل رضا عمر البشير على قيادة القطيع بسلاسة حديدية صلبة ، شرط أن يكون قد حقق قدرا معقولا من تحريف الآيات القرآنية ، ومارس الجهل والتخريب الممنهج . بعد أحداث جبال النوبة/جنوب كردفان الدموية المآسوية العسكرية الأخيرة اتجهت عشرات الالاف من الأسر النوبية اتجاه ولاية شمال كردفان ، مدينة الأبيض تحديداً ، بحثا عن مناطق آمنة لها .. لكن والي الولاية السيد/ محمد احمد ابوكلابيش رفض رفضا باتا استقبال هذه الأسر بحجة أن الأمن والإستقرار موجود في ولاية جنوب كردفان .. فقال باستغراب : لماذا ينزح منها الناس اتجاه الأبيض ؟ . وفي اليوم التالي من رفض الوالي استقبال النازحين من جبال النوبة ، أمر حكومته بطردهم إلى خارج الولاية ، وعمم هذا القرار على كل المحافظات والمحليات والبلديات التابعة لولاية شمال كردفان ( كالرهد والتندلتي وغيرها ) . لم يكتفي ابوكلابيش الضلالي الظلامي بطرد الأسر النوبية من ولايته فقط ، بل على اثر الضربات الموجعة التي تلقتها قوات المؤتمر الوطني في الخامس من يونيو 2011 في جبال النوبة - اعلن ومعه عدد من جهلاء السلطان وأبواقهم الجهاد ضد جميع القبائل النوبية ، بمنطق التخلص من التمرد الذي يقوده الحلو لإسقاط النظام في الخرطوم سقوط ، وسارع جميع أزلام وأبواق النظام بتأييد هذه الفتوى بنفاقها وفقدانها لأي أرضية شرعية دينية ، حيث انتشروا في وسائل الإعلام كالذباب المؤذية لنشر اليأس وتخويف الناس من الانفلات الأمني والتحذير من ثورة الهامش . وفي خضم التسابق المحموم لأهل الإنقاذ للحفاظ على نظامهم المهدد بالزوال والسقوط ، وجد نافع علي نافع نفسه مضطراً للاتفاق مع الحركة الشعبية ( قطاع الشمال ) في اديس ابابا رغم كرهه الشديد له كنوع من التكتيك ربما ، ليأتي عمر البشير من بعده ويرفضها جملةً وتفصيلاً . ان مثل هذه الفتاوى المزاجية الغبية التي تصدر عن فقهاء السلطان والحكم ، هي قمة الاستهبال واستغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية ضيقة .. ومن قبيل هذه الفتاوى الاستغلالية فتوى \" تحريم التظاهر في الشوارع \" ، والهدف هنا ليس تنوير الناس واحقاق كلمة الله ، إنما الهدف هو التجهيل والتغرييب والاستغلال والاستعباد .. وكان الأجدر أن يذكر السيد ابوكلابيش الناس بقولة سيدنا عمر بن الخطاب التي قال فيها \" إذا تعثرت بغلة في العراق فسيسأل عنها عمر يوم القيامة \" . ليس سوى واهمٍ إلى حد الثمالة ، كل سوداني يعتقد أن أهل الانقاذ يقفون من الإسلام الحقيقي موقفاً عاقلاً . فأهل الانقاذ متخصصون في استعباد السودانيين ، واشعال الفتن والحروبات الداخلية ، وأكل أموال الناس بالباطل ، وقتل الأنفس التي حرم الله قتلها . إنهم مسلمون منافقون كذابون ومزورون ، وأفعالهم يفضح ممارساتهم غير الأخلاقية .. ولا فرق بين عصابات أهل الإنقاذ في الدرجة والأسلوب .. أما من حيث النوع فإنهم جميعاً ينتمون إلى فصيلة البغضاء والكراهية . عمر البشير لا يخفي كراهيته العميقة للنوبة واهالي دارفور ، وعبر عن ضغائنه تجاه هؤلاء بالإبادة الجماعية والتطهير العرقي ، وتطاول على النوبة صراحة ، بقوله انه سيطهر جبال النوبة جبل جبل ، وهاجم القائد/ عبدالعزيز الحلو من خلال النمط الأنقاذي الصارخ ، الذي يتهمه بالمتمرد الخائن . والمضحك/المبكي أن مطلوب الجنائية الدولية احمد هارون عندما سئل عن رأيه في القصف الحكومي للمدن والقرى النوباوية التي اقترفها جيش المؤتمر الوطني ، خرج بجواب يهتك الستر عن مكنونات صدر هذا \" البرقاوي \" الموتور . فقد قال بسفه لا يُحسد عليه \" إن علينا استخدام كل الأسلحة لإخماد تمرد عبدالعزيز الحلو \" , محذراً من خطر نفاد صبر حكومة البشير .. فعن أي صبر يتحدث هذا الحقود المستلب الذي أصبح عربياً قحاً بين ليلة وضحاها ؟ . انهم مسلمون ، لكنهم مسلمون منافقون ، والمنافقون كافرون خالدون في جهنم يوم القيامة طبقا لقوله وتعالى ( ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ) .. ويقول علماء الدين الاسلامي العقلاء أن ضرر هؤلاء أعظم من ضرر الكفار المعلنين بكفرهم ، كما قال الله تعالى ( هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) المنافقون/4 . وفي الختام لا يسعنا سوى القول بأن جهاد النفاق والمنافقين لم ولن يجبر الشعب النوبي الأعزل على الإستسلام والتراخي والخضوع ، لأنه شعب يتمتع بمزية أساسية ، هي البطولة النابعة من صلابة الإرادة ومضاء العزيمة . لقد تمكن هؤلاء المنافقون الضلاليون من خداع بعض النوبة فترة من الزمن ، لكن هذا الخداع أصبح مكشوفاً وعارياً من أي قناع ، وان المرحلة القادمة ستشهد مزيداً من افتضاح بطلان المشروع الجهادي على النوبة .. والخزي والعار للذين انصاعوا لسياسات المركز وأهدافه العنصرية . أن البديل الواقعي من اعلان عصابة الانقاذ الجهاد على النوبة ، وفي ظل استقلال جنوب السودان ، والتخبط الذي تعيشه حكومة المؤتمر الوطني ، هو أن إرادة الشعوب في التحرير أقوى الأسلحة في مواجهة العدوان والظلم .. وفي المسيرة النضالية المستمرة ، ضد حزب المؤتمر الوطني ، وسائر ما يهدد كل السودان ، وجبال النوبة خاصة ، والنوبة كشعب أصيل ، لا خيار لهم سوى التمسك بسلاح الجيش الشعبي ، وقدراته الرادعة لتحقيق حق تقرير المصير أسوة بالشعوب الحرة في العالم . والسلام عليكم