حديث المدينة باركوها..!! عثمان ميرغني أتمنى على الحكومة.. أن تنظر بعين (التفاؤل) للنصف المليء من الكوب.. على خلفية البيان الذي صدر من الحركة الشعبية قطاع الشمال.. حول الوضع في جنوب كردفان.. الواضح أن الصحف التي أظهرت البيان على أنه إعلان لاستمرار الحرب نظرت للنصف الفارغ من الكوب.. بغض النظر عن اللغة التي كتب بها البيان.. وبغض النظر عن الوضع العسكري في ولاية جنوب كردفان.. الأوجب أن ننظر لمصحلة البلاد العليا.. لو كان هناك مجرد ضوء شمعة صغيرة في آخر النفق فلنهتدِ به.. بيان الحركة الشعبية قطاع الشمال ذكر صراحة أنهم لا يزالون على العشم في تنفيذ الاتفاق الإطاري الذي وقعه في أديس أبابا الدكتور نافع ثم تراجع عنه بعدما اشتدت في وجهه رياح المعارضة من قيادة المؤتمر الوطني.. مهما كانت الثقة في الحل العسكري فإن الوصول إلى تسوية سياسية هو النصر الأفضل للجميع.. وحتى هذه اللحظة قضية جنوب كردفان في الإمكان الإمساك بها داخل الوطن والهبوط بها بأمن في مهبط آمن.. لكن إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه.. وكررنا سيناريو دارفور.. الذي كان يستهون الحرب ويفترض أن الحسم العسكري هو الحل. فإننا نصل إلى نفس النتيجة التي وصلنا بها في قضية دارفور. عشرات القرارات الأممية التي وصلت مرحلة اتهام الرئيس نفسه بواسطة المحكمة الجنائية.. في تقديري أن الوصول إلى تسوية سياسية مع الحركة الشعبية في الشمال أمر في متناول اليد. فقط يحتاج إلى إرادة سياسية بصيرة.. تنظر بعين استراتيجية للمستقبل بدلاً من التركيز على (يوميات التغابن).. والعيش في تراجيديا الأحداث الأخيرة التي وقعت في كادوقلي ثم انتشرت في بقية أرجاء الولاية.. الآلاف من شباب الجيش الشعبي في الشمال الذين يمسكون بالسلاح.. حددت اتفاقية أديس أبابا منهجاً مبدئياً للتعامل معهم.. نزع السلاح بالحسنى.. إذا أن الاتفاق على احتكار السلاح في يد الجيش السوداني أمر مفروغ منه. وترتيبات الوصول إلى ذلك تتطلب الإجابة على أسئلة حتمية عن مصير المقاتلين في صفوف الجيش الشعبي في الشمال. وهي إجابة مطلوبة ليست في إطار تسوية مع الحركة الشعبية بل من أجل هؤلاء الشباب أنفسهم، ما داموا من دم ولحم الشعب السوداني.. فالدولة مسؤولة عن توفيق أوضاعهم وتوفير البديل للوضع الذي ظلوا عليه عشرات السنوات.. من الحكمة ألاّ تكابر الحكومة كثيراً.. البنود التي وردت في اتفاق أديس أبابا الإطاري (في الجزء المتعلق بالترتيبات الأمنية بالتحديد) يصلح لتأسيس وضع مستقر في ولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق.. وتشجيع الحركة الشعبية لتنخرط في العمل السياسي تحت لافتة شرعية معترف بها قانوناً يرسي دعائم الاستقرار في السودان كله وليس ولايات النيل الأزرق وجنوب كردفان. قبل فوات.. بالله اغتنموا فرصة البيان الذي صدر من قطاع الشمال وأبطلوا مفعول القنبلة التي ستحرق مستقبل السودان إذا ما استمرّ الحريق في جنوب كردفان.. ألا هل بلغت اللهم فاشهد.. التيار