مصير الجنوب الجديد أو جنوب كردفان بالتحديد المطلوب إجراءات عاجلة والعدل واحترام الخصوصية الثقافية سعيد أبوكمبال [email protected] قلت في مقالي بعنوان \"إلى أين يتجه عمر البشير بالعلاقة بين دولة جنوب السودان ودولة شماله\" الذي نشر في جريدة الصحافة عدد الأحد 24 يوليو 2011 اننا نحن ابناء شمال السودان مسؤولون عن انفصال الجنوب بسبب الأخطاء والخطايا التي ارتكبناها وفي مقدمتها ظلم اخواننا أبناء الجنوب بحرمانهم من حقهم العادل في السلطة والوظائف العامة والخدمات والتنمية ونقض العهود التي قطعناها لهم وبمحاولة طمس هويتهم الثقافية واجبارهم على الالتزام بقواعد سلوك تخصنا نحن أبناء الشمال. وفوق ذلك كنا نستخف بردة فعل الاخوان في جنوب الوطن . واعتقد ان الاسباب التي أدت إلى انفصال الجنوب القديم تنطبق إلى حد كبير على الجنوب الجديد وخاصة جنوب كردفان وقد تؤدي إلى نفس المصير إذا لم يعمل الذين بيدهم قرارات إدارة الدولة بجد وإصرار لتفادي تكرار تلك الاخطاء والخطايا .وقد قال عمر حسن أحمد البشير في خطابه أمام الهيئة التشريعية القومية صباح الأربعاء الثالث عشر من يوليو 2011 ، قال : \" وإنني أطمئن أبناء منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق إننا حريصون على توسيع المشاركة السياسية العادلة لهم وتمكينهم من قيادة شأنهم .....\" وأرجو أن ألفت نظر القارئ إلى قول عمر البشير حول ( المشاركة السياسية العادلة ) لان هذا هو ما أود الحديث عنه في هذا المقال وهو ( العدل ). ولكن أود قبل ذلك ان اوضح موقفي الشخصي من ثلاث قضايا رئيسية هي اولا فتح أبواب التدخل الأجنبي في السودان وثانيا شرعية نظام الحكم القائم اليوم وثالثا استخدام السلاح لأخذ الحقوق . قفل أبواب وكل منافذ التدخل الأجنبي اعتقد أن أكبر جريمة ارتكبت في حق السودان في السنوات الأخيرة واشتركت في ارتكابها الحكومة والمعارضة معا هي فتح الأبواب للتدخل الأجنبي في الشأن الداخلي سواء للتوسط لحسم النزاعات أو للاستقواء بالأجانب لمعارضة الحكومة ومثال ذلك التدخل الأجنبي الذي وصفه البعض(بالحميد ) والترحيب بتوجيه الاتهام لرئيس الجمهورية عمر البشير بواسطة المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية السيد اوكامبو. وقد وصفت ذلك الاتهام بأنه ( أحمق)في ندوة رابطة القانونيين بدولة قطر بعنوان العدالة الانتقالية التي عقدت بسفارة السودان بالدوحة مساء الجمعة الثالث من ابريل 2009 لأنني كنت ولا زلت اعتقد أن القصد وراء ذلك الاتهام ليس انصاف من تم الاعتداء على حريتهم أو دمائهم أو إعراضهم أو أموالهم ولكن ممارسة الضغط والابتزاز لتحقيق أجندة الدول التي كانت ولا زالت تقف وراء ذلك القرار. والشيء المؤسف أنه لا زال هناك من يدافع عن ذلك التدخل وكأن الشعب السوداني بأكمله رجالا ونساء عاجز عن محاسبة ومعاقبة رجل واحد هو عمر البشير. واعتقد أن اغلبية الشعب السوداني تؤمن بأنه لا يوجد من هو فوق شريعة الله أو القانون ويجب أن يحاسب ويعاقب كل من يرتكب جريمة في حق الوطن أو أي مواطن سوداني ولكن يجب ان يكون ذلك بأيدينا نحن ولا نجعل منه ذريعة نفتح بها المنافذ لتدخل الآخرين في شؤوننا الداخلية وخدمة أجندتهم هم وليس انصاف المظاليم السودانيين . شرعية حكم البشير والمكابرة ووضع العراقيل ، اولا أرجوا ان اوضح للقارئ الكريم انني كنت ولا زلت حتى اليوم على اختلاف وخلاف كبير مع الإخوان المسلمين بكل طوائفهم وخاصة حزب المؤتمر الوطني وحزب المؤتمر الشعبي بعد الجرائم التي ارتكبوها ولا زالوا يرتكبونها منذ يونيو 1989 وحتى اليوم .ولكن لأن الحق حق والباطل باطل وبينهما برزخ لا يلتقيان فقد كتبت وقلت في أكثر من مقال انه لا يجوز لأي شخص راهن على إزالة عمر البشير وحزبه عن الحكم عبر الانتخابات التي جرت في إبريل 2010 ان يطالب بالمشاركة في الحكم أوإزالة حكم البشير وحزبه عن طريق السلاح . ولا يملك أي من السادة الصادق المهدي أو حسن عبدالله الترابي أو محمد عثمان الميرغني أو محمد إبراهيم نقد حجة قانونية أو اخلاقية لفعل ذلك . وعلى كل منهم إذا كان يريد مصلحة السودان والسودانيين أن يركز على العمل المعارض الجاد الذي يتابع أداء الحكومة ويكشف القصور والفساد ويطالب بالمحاسبة والعقاب ويقدم سياسات بديلة تعالج هموم وطموحات الناس المتعلقة بالمعيشة وفرص العمل والتعليم والعلاج والأمن والتحديات التي تواجه السودان وان يتركوا عمر البشير يوظف الوقت المتبقي من ولايته الحالية للتصدي للتحديات الكبيرة التي تواجه السودان وفي مقدمتها العلاقة بين شمال السودان ودولة الجنوب ومصير الجنوب الجديد والتحديات الاقتصادية ووضع دستور جديد للسودان . استخدام السلاح لأخذ الحقوق اتاحت لي فرصة العمل بدولة قطر ان التقي كثيرا بقادة وأعضاء الحركة المسلحة من أبناء دارفور وكنت اقول لهم دائما انكم قد اخترتم الخيار الخاطئ لنيل حقوقكم لأن اكبر مخاطر المعارضة المسلحة هي الوقوع في أسر من يقدم الدعم العسكري والمالي والأرض لأنه لا يفعل ذلك لوجه الله بل لاستخدام المعارضة العسكرية لخدمة مصالحه وأجندته هو .هذا إضافة إلى الأضرار الكبيرة التي يلحقها العمل العسكري بالمهمشين الذين يدور القتال باسمهم لأن الجندي الذي يموت منهم هم والأرض التي تحترق هي أرضهم والمواطن الذي يبعد من بيته ومزرعته وماشيته منهم هم .وأنا لا أريد هذا المصير لولاية جنوب كردفان .ولهذا فأنني اتوقع من عمر البشير اتخاذ قرارات عاجلة لإطفاء النار التي اشتعلت بعد اعلان نتيجة الانتخابات التكميلية التي اجريت في أول مايو 2011 وأن يلتزم بما قاله حول المشاركة السياسية العادلة . ماهي الإجراءات العاجلة ؟ اقصد بالإجراءات العاجلة تلك الاجراءات التي يتوقع أن تؤدي إلى وضع حد للاقتتال في جنوب كردفان وعودة المواطنين إلى بيوتهم ومدارسهم ومزارعهم ومراعي ماشيتهم والتنقل في جميع أجزاء الولاية بدون خوف وقيام أجهزة الولاية التشريعية والتنفيذية بعملها كالمعتاد . واعتقد ان السيد عبد العزيز الحلو قد ارتكب حماقه كبيرة جدا بلجوئه إلى العمل العسكري للاحتجاج على نتيجة انتخابات وإلى الولاية وكان بوسعه اللجوء إلى القضاء والتظاهر وغيرها من اشكال التعبير التي يمارسها الناس في كل الدنيا .ولكن تلك الحماقة قد أدت إلى وضع شائك و معقد يتطلب حله إجراءات استثنائية للأسباب التالية : أولا: اعلنت الحركة الشعبية مقاطعتها للجهاز التشريعي الولائي ولا يستقيم من الناحية العقلية ، الادعاء ان المجلس التشريعي الذي تقاطعه الحركة الشعبية يمثل إرادة مواطنى جنوب كردفان .فقد حصلت الحركة على النصيب الاكبر من الاصوات في كل الدوائر. ففي (31) دائرة جغرافية حصلت على (49%) من الاصوات مقابل (44%) للمؤتمر الوطني . وفي دائرة القائمة النسبية للأحزاب حصلت الحركة الشعبية على (47%) من الاصوات مقابل (45%) للمؤتمر الوطني وفي دائرة المرأة حصلت الحركة الشعبية على (47%) من الاصوات مقابل (46%) للمؤتمر الوطني . فكيف يجوز تجاهلها ؟ وثانيا: صحيح أن السيد أحمد محمد هارون قد فاز بمنصب والي جنوب كردفان ونال (50%) من الأصوات مقابل (48%) لعبدالعزيز الحلو و2% لتلفون كوكو ابو جلحة ولكن السيد أحمد محمد هارون لا يتمتع بتأييد اغلبية سكان جنوب كردفان وذلك لأسباب مفهومة فرغم الدعم الذي وجده من الخرطوم ولكنه في نظر ابناء ولاية الجنوب كردفان شخص غريب لانه ليس من أبناء الولاية وقد رفع شعارات ضد الولاية في الانتخابات التكميلية التي جرت في مايو 2011 . وقد جردته تلك الشعارات من أيه حجة اخلاقية لحكم ولاية جنوب كردفان فقد نادى بتقطيع الولاية بإنشاء ولاية جديدة باسم ولاية غرب كردفان . فكيف يجوز عقلا ان يحكم الولاية شخص يسعى إلى تقطيعها ؟ ولهذا فان الاجراء السليم والعاجل الذي نطالب به عمر البشير هو ابعاد أحمد محمد هارون من ولاية جنوب كردفان وتعيين حاكم عسكري للولاية لمدة لا تزيد عن ستة شهور ودعوة مجلس تشريعي الولاية للانعقاد ليمارس مهامه في التشريع والاشراف على اداء الحكومة لتتاح لنا نحن ابناء الولاية فرصة للتفاكر والاتفاق على شخص من أبناء أهلنا النوبة وأكرر اهلنا النوبة يتمتع بصفات الاعتدال والنزاهة والمقدرات الإدارية العالية لنرشحه لمنصب الوالي ونتفق كلنا فلاته و هوسا وبرنو ونوبه وعرب ،على التصويت له في تاريخ لا يتجاوز نهاية فبراير 2012 بإذن الله . نريد حقوقنا كاملة عدد سكان ولاية جنوب كردفان مليونين ونصف المليون . ويساوي ذلك حوالي (8%) من سكان السودان بعد انفصال الجنوب و عدد ابناء الولاية المنتشرون في باقى السودان قد يصل إلى نصف مليون ولكننا لا نطالب بمنصب نائب للرئيس ولا منصب مساعد حله كما يقول اخونا مناوي وسوف ننافس على منصب الرئيس مثل بقية الناس . ولكننا نطالب بأن ننال نصيب (8%) في الحكومة المركزية وفي السفراء وكل السلك الدبلوماسي وضباط الجيش والخدمة المدنية القومية وكل الأجهزة القومية الأخرى التي ابعدنا منها خلال حكم الانقاذ بتهم الانتماء لحزب الأمة والحركة الشعبية وبسبب الانحياز العنصري القبلي السافر .كما نريد نصيبنا كاملا من الايرادات التي توزع على الولايات وفي مشاريع التنمية القومية وان يرتفع نصيبنا في البترول الذي ينتج في الولاية إلى 10% بدل 2% هو النصيب الحالي وباختصار نريد فقط العدل الذي قال عمر البشير انه سوف يلتزم به وان تحترم خصوصيتنا الثقافية .