[email protected] تعتبر ظاهر الفساد الإداري والمالي بصورة خاصة ظاهرة عالمية شديدة الانتشار ذات جذور واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يصعب التميز بينها وتختلف درجة شمولتها من مجتمع الى اخر ومن دولة الى اخر. نتناول الفساد من حيثُ مفهومه ومظاهره واسبابه :- اولاً مفهوم الفساد:- الفساد لغةً:- الفساد في معاجم اللغة هو في \"فسد\" ضد \"صلح\" والفساد لغة البطلان ،فيقال فسد الشيْ اي بطلَ. الفساد اصطلاحاً :- ليس هناك تعريف محدد للفساد بالمعنى الذي يستخدم فيه هذا المصطلح اليوم ،لكن هناك اتجاهات مختلفة تتفق في كون الفساد هو اساءة استعمال السلطة العامة او الوظيفة العامة لمكسب خاص. ثانياً مظاهر الفساد:- الفساد من حيثُ مظهره يشمل انواع عدة منها :- 1- الفساد السياسي :- يتعلق بمجمل الانحرافات المالية ومخالفات القواعد والاحكام التي تنظم عمل نسق السياسي (المؤسسات السياسية) في الدولة،ومع ان هناك فارق جوهري بين المجتمعات التي تنتهج انظمتها السياسية اساليب الديمقراطية وتوسيع المشاركة بين الدولة التي يكون فيها الحكم شمولياً ودكتاتورياً لكن العوامل مشتركة لانتشار الفساد في كلا النوعين من الانظمة تتمثل في نسق الحكم الفاسد. 2- الفساد المالي :- يتمثل في الانحرافات المالية ومخالفات القواعد والاحكام المالية التي تنظم سير العمل الإداري والمالي في الدولة و مؤسساتها ومخالفة التعليمات الخاصة باجهزة الرقابة المالية كجهاز المركزي لرقابة المالية المختص بفحص ومراقب حسابات واموال الحكومة، ويمكن ملاحظة مظاهر الفساد المالي في رشاوي و الاختلاسات والتهريب الضريبي والمحاباة. 3- الفساد الإداري :- يتعلق بانحرافات الإداري و الوظيفة او التنظيمية وتلك المخالفات التي تصدر من الموظف العام أثنا تاديته لمهام وظيفته في منظومة التشريعات والقوانين والضوابط ومنظومة القيم الفردي التي لا ترقي للاصلاح وسد الفراغ لتطوير التشريعات و القوانين التي تنغم الفرصة للاستفادة من الثغرات بدل الضغط على صناع القرار و المشرعين لمراجعتها وتحديثها باستمرار ،وهنا تتمثل مظاهر الفساد الإداري في عدم احترام اوقات العمل ومواعيد العمل في الحضور وتمضية الوقت في قراءة الصحف واستقبال الزوار وتوظيف بناء على محسوبية وليس على الكفاءات ومؤهلات. ثالثاً اسبابها :- 1- عدم وجود نظام سياسي فعال يستند الى مبدا فصل السلطات وتوزيعها بشكل انسب ،اي غياب دولة الؤسسات السياسية والقانونية و الدستورية عند هذا المستوى تظهر حالة غياب الحافز الزاتي لمحاربة الفساد في ظل غياب دولة المؤسسات وسلطة القانون والتشريعات تحت وطاة التهديد بالقتل والاختطاف والتهميش والاقصاء الوظيفي. 2- ضعف ممارسة الديمقراطية وحرية المشاركة الذي يمكن ان يساهم في تفشي الظاهرة وذلك شيوع حالة الاستبداد السياسية والدكتاتورية. 3- قلة الوعي \"الوعي السياسي \" وعدم معرفة الاليات والتنظيم الإدارية التي تتم من خلالها ممارسة السلطة ،وهو امر يتعلق بعامل الخبرة والكفاءة الإدارةبشؤون الدولة. 4- غياب الفعالية الاقتصادية في الدولة لذلك تكون غالبية العمليات الاقتصادية وهي عبارة عن صفقات تجارية مشبوهة او ناتجة من عمليات سمسرة يحتل الفساد المالي حيزاً واسعاً . 5- ضعف الاجور والرواتب. رابعاً اثارها :- 1- تدني كفاءة الاستثمار العام واضعاف مستوى الجودة في البنية التحتية العامة . 2- تردي حالة توزيع الدخل والثروة من خلال استغلال اصحاب النفوز لمواقعهم المميزة في المجتمع وفي النظام السياسي. 3- ازدياد نسبة الفقر داخل الدولة. 4-غياب التنمية بصورة اشمل. من خلال هذا الاسباب و الاثار المتعلقة بظاهرة الفساد يمكن عن نسلط الضوء على جنوب السودان. جنوب السودان يعاني بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل حتى يومنا هذا من الفساد المالي المتمثل في اختلاس المال العام من قبل وزراء وموظفيين داخل مؤسسات الدولة دون مساءلة اي احد، من اين لك هذا ؟ او على اين تذهب بمال الشعب ؟ لذلك ازدادت هذا الظاهر في انتشار سريع لان هولاء المفسدون ادركو انهم لا احد يقوم بمحاستهم . ومن نمازج السابقة وزير المالية ارثن كوين ومن بعده كُثر النمازج نتيجة لعدم وجود محاسبة وغياب دور البرلمان الجنوبي في مراقب . ونموزج الثاني وزير المالية بولاية وارب الذي اختلاس مال مواطنيين الولاية وحاول المجلس التشريعية محاسبته بعد اثبات الاختلاس لكن لاسف انقسم المجلس الى اتجهين اتجاه مؤيد والاخر مغاير وبرغم ان الغالبية كانت مؤيد محاسبة الوزير لكن تم قهر اصواتهم الشريفة من قبل لجنة الذي اتى من جوبا واستنكر ذلك (مصير العدد 26). فهل في ظل غياب دور البرلمان في مراقب المال العام وممتلكات الشعب ممكن نحارب الفساد؟ كما يعاني ايضاً من الفساد الإداري داخل مؤسساتها لان التوظيف ليست على كفاءة وانما على الولاءات الحزبية و المحسوبية ومحاباة الاقارب مما ادى الى تسمية بعض المؤسسات باسماء القبائل نسباً لسيطرة القبيلة معين على مؤسسة كامل دون اخرين. جنوب السودان الان مقبل على ميلاده فعلينا عن نقيم التجربة ستة عام المضى حتى لا نواجه تلك الصعوبات التي كانت تعيق التنمية . لكي تكون دولتنا الجديد خالية من تلك الظاهر علينا قيام بالاتي كحلول لتخلص من ظاهر الفساد:- 1- إجراء تنقلات دورية بين الموظفين من مكان الى اخر يمكن عن يقلل من حالات الرشوة والمحسوبية الموجودة. 2- تشكيل لجان خاصة لوضع نظام متكامل لاداء الموظفين تقوم بأجراء تفتيش دوري بين الوزارات واعداد تقارير الخاصة بذلك. 3وضع مصنف يتضمن تقسيم الوظائف العامة على وفق طبيعية مهامها الى فئات ورتب تتطلب من شاغليها مؤهلات ومعارف من مستوى واحد (اي اعتماد على معيار الكفاءة والخبرة). 4- تحديد سلسلة رواتب لكل فئة من الفئات الواردة في المصنف بعد اجراء دراسة مقارنة للوظائف المتشابهة في القطاعين العام والخاص. 5- انشاء نظم رقابي فعال مستقل مهمته الاشراف ومتابعة الممارسات التي تم من قبل الوزراء و الموظفين العاملين في كل وزارة ومؤسسسة. 6- العمل بمبدا الشفافية في جميع مرافق و مؤسسات الدولة.