بقلم عمر محمد سعيد الشفيع [email protected] وردت في القرءان العظيم تركيبات مختلفة محورها اللفظ القرءاني 'الكتاب' مقترنًا بلفظ آخر مثل “آتى" و"قرأ" و"ورث" ومثالها هذه التراكيب:ا الذين آتيناهم الكتاب الذين أوتوا الكتاب والذين أوتوا الكتاب من قبلكم والذين أوتوا الكتاب من قبل والذين أوتوا نصيباً من الكتاب الذين يقرؤون الكتاب من قبلك الذين أورثوا الكتاب هذه هي بعض التراكيب التي وردت مقترنة بالكتاب إيتاءً وقراءةً ووراثةً وقد فُسِّرت في التراث أنها تعني أهل الكتب التوحيدية السابقة على القرءان العظيم من غير تفريق بينها وهذا في حدِّه الأدنى غفلة عن التراكيب المختلفة في كتاب الله التي تحوي دلالات مختلفة لتنطبق على زمر مختلفة من مجموعة (أهل الكتاب). وفي هذه المقالة عرض للمجموعة الأولى من هذه المجموعات الجزئية المقترنة بالكتاب.ا الذين آتيناهم الكتاب والآن دعونا نسأل ماذا قال القرءان العظيم عن هذه المجموعة أو ما هي خصائص مجموعة (الذين آتيناهم الكتاب) لنرى كيف أن هذه المجموعة تختلف عن بقية المجموعات الجزئية الأخرى. وأول ما نلاحظه أن الفعل هو آتينا، وليس أنزلنا أو أوحينا، وهذا الفعل متصل بالضهير نا(الضهير مرحلة بعد الضمير في اللغات التوليدية). ضهير الجمع المتكلم والمقترن بالكتاب جاء في تركيب آخر مع موسى عليه السلام عشر مرات في القرءان العظيم، وذلك التركيب هو (آتينا موسى الكتاب)، والكتاب هنا هو الكتاب نفسه المشترك بين موسى وهذه المجموعة، أي مجموعة الذين آتيناهم الكتاب. ونلاحظ ثانيًا أن الفاعل معلوم ، خلاف مجموعة (الذين أوتوا الكتاب) ذات الفاعل المستتر ، وهذا الفاعل المعلوم ليس فرداً بل مجموعة بدلالة الضهير في (آتينا) وهؤلاء هم الملائكة الذين آتوا هذه المجموعة الكتابَ بإذن الله كما نَزَّل جبريل الكتاب على قلب محمد بإذن الله في آية البقرة 97 قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ.ا وخصائص مجموعة (الذين آتيناهم الكتاب) هي:ا يتلون الكتاب حق تلاوته ويؤمنون به كما في البقرة 121 الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ .ا والعنكبوت 47 وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الْكَافِرُونَ.ا يعرفون الكتاب كما يعرفون أبناءهم كما في البقرة 146 الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ .ا والأنعام 20 الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ.ا وحسب آية البقرة فهناك فريق من الذين آتيناهم الكتاب “يكتمون الحق وهم يعلمون"، وحسب آية الأنعام فيمكن للذين آتيناهم الكتاب أن يخسروا أنفسهم وهم لا يؤمنون (هل جملة الصلة ترجع إليهم أم إلى أبنائهم)؟ا يعلمون أنه منزَّل من ربك بالحق كما في الأنعام 114 فَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ.ا يفرحون بما أنزل إليك (محمد صلى الله وملائكته عليه) كما في الرعد 36 وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ.ا الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة وردت هذه الزمرة في سورة الأنعام 89 أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَو فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ .ا من هم “أولائك" ومن هم “هؤلاء"؟ا أولائك هم:ا أوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إلا ذِكْرَى لِلْعَالَمِين الأنعام 90ا وهم الأنبياء:ا نوح إبراهيم وإسحاق ويعقوب داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون زكريا ويحيى وعيسى وإلياس إسماعيل واليسع ويونس ولوط ولكن من هم “هؤلاء" الذين يكفرون بهدى “أولائك"؟ا الذين آتيناهم الكتاب من قبله هذه الزمرة وردت في سورة القصص الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ. وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ. أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ. وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ القصص 52 55 وأنظر إلى صفات الذين آتيناهم الكتاب من قبله: هم به يؤمنون، وإذا يتلى عليهم قالوا إنه الحق من ربهم، ويؤتون أجرهم مرتين بما صبروا، ويدرؤون بالحسنة السيئة، ومما رزقوا ينفقون، وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه.ا والله أعلم.ا