[email protected] ما حدث فى ليبيا درس لكل حاكم طاغية متكبر يظن نفسه أن الله قد نصبه لقهر العباد ولقتل مواطنيه واذلالهم والأزدراء بهم واضطهادهم وتحقيرهم .. ولابد أن يأتى يوم يرى فيه ذلك الطاغيه بعينه ما لم يتوقعه أو يتخيله من قصاص. وما حدث فى ليبيا درس لكل متخاذل يمسك (العصا من وسطها) فى أى تنظيم أو حزب أو حركه وهو يعلم أن النظام الذى يحكم بلده نظام فاسد ومجرم ، نهب مال الشعب بصور متعدده وقتل الملايين وشرد مثلهم وعذب مئات الآلاف. ومن يعمل جادا للتغيير لا يتفاوض مع نظام (أنقلابى) مغتصب، واذا تفاوض معه مضطرا رفع من سقف المطالب الى أعلى، فالمغتصبون والفاسدون لا يوافقون ولا يتنازلون الا خينما يشعروا بأن الكراسى بدأت تهتز من تحتهم وأن النظام اصبح مهددا وكاد أن يسقط. وهاهو (القذافى) أكبر طاغيه .. يسقط بعد أكثر من 40 سنه وبعد أن سبقه مبارك الذى جلس على الكرسى لمدة 30 سنه، وما كان أحد منهما يظن بأن مواطنا من بلده سوف يجروء للوقوف امامه ويقول له (تنحى) فقد أنتهى الفلم الطويل الثقيل. فلا القوة الأمنيه والبوليسه حمت القذافى ولا الأعدامات فى الجامعات وغيرها من المواقع منعت سقوطه، ولا الأموال والهبات والمنح جعلت (الأرزقيه) يقفون الى جانبه فى لحظاته الأخيره وهو يصرخ أخرجوا بالملايين!! وعلى (البشير) أن يسأل نفسه اين تلك الحشود التى كانت تخرج بمئات الالاف فى الساحه الخضراء، وتهتف بأسم (ملك ملوك أفريقيا) حتى يوم الأمس؟ و لا أدرى ان كان (البشير) يعرف الأجابه أم لا، لكن الذين يخرجون ويهتفون للطغاة فى معظمهم أرزقيه اصحاب (مصلحة) آنيه، يخرجهم من بيوتهم ومكاتبهم مقاولوا انفار (ارزقيه) أكثر منهم تصرف لهم من مال الشعب المليارات، فينفقون علي الأرزقيه الصغار حفنة قيلة من ذلك المال ويضعون الباقى فى جيوبهم، وهم يضحكون على الرئيس وعلى الأرزقيه الذين هتفوا وهللوا وكبروا، فهل مثل هؤلاء يحمون رئيسا حينما تقع الواقعه؟ للاسف الشديد البعض يخرج على اجهزة الأعلام فى نفاق حينما يكرم (البشير) زيد أو عمرو فى المجال الرياضى أو الفنى، ويشهد بغير الحق قائلا (انه رئيس ود بلد فعل كذا وكذا)! فهل ابن بلد من يوقع على أعدم شابين صغار سن بسبب عمله فى أول ايام حكمه الأنقلابى، وهو يعلم أن الحزب الذى أتى به جله من كبار تجار العمله؟ وهل ابن بلد من يوقع على أعدام 28 ضابطا من رفاقه خلال ساعات معدودات وفى مثل هذه الأيام وقبيل العيد، وهم مثله لهم امهات وابناء وأخوان وأخوات وبعضهم تزوج وأنجب ومنهم من لم يتأهل؟ أم كان الرئيس (طرطورا) نفذت تلك الأعدامات من غير علمه؟ وأين قبورهم يا (عمر) يا خليفة المسلمين؟ هل اسلامك يمنع الكشف عن قبورمن اختلفوا معك فى الرأى وقرروا أن ينقلبوا عليك مثلما انقلبت من قبلهم على النظام، وأنت على الباطل وهم على الحق لأنهم كانوا يعلمون بأنك سوف تقسم البلد وسوف تجزأه وتجوع اهله وتشردهم فى البلدان. أن الذين عرفوا ماذا فعل (مبارك) بشعب مصر، وماذا فعل (القذافى) بشعب ليبيا، ولم يعرفوا ماذا فعل (البشير) بشعب السودان سوف تشيب روؤسهم من هول ما حدث. فذلكم (الرئيسين) نعم كانوا من الطغاة، لكنهم لم يحتكروا الجيش والخدمه المدنيه والعمل التجارى الكبير والصغير لفئة بعينها من الشعب من حقها أن تعمل وتكسب وتغتنى وتسرق وتنهب لأنها (تلتحف) ثوب الأسلام، والأسلام وأى دين منها (برئ)، أو لأنها تنافق وتحرق الأبخره وتقرع الطبول .. تلك هى الفئات الوحيده التى كان مسموحا لها بتقلد المناصب فى جميع المجالات، اما بقيه الشعب فيجب أن يرضوا بدور (الكمبارس) وعليهم أن يقتنعوا بالفتات والذل والهوان أو أن يتركوا البلد لسادته وملاكه. ما حدث فى ليبيا يجب أن يمنح الأمل للمحبطين وفاقدى الثقه فى الشباب السودانى، الذى حرم اغلبه من تعليم مميز ومن ثقافة تعينهم فى التمييز بين الحق والباطل، فشغلوهم بالغناء الهابط والقيم التافهة، لكن لا زال فى الكأس باق ولا زال فى السودان شباب يهمه الوطن ويعمل من أجل التغيير ويضع يده مع الشرفاء والمخلصين لا يحقد عليهم ويحسدهم ويتآمرعليهم لأنه شباب عاجز للقيام بالدور الذى يقومون به ويمسكون بأياديهم على الجمر.