حديث المدينة جراحة عاجلة.!! عثمان ميرغني بعد منتصف ليل الخميس وفجر الجمعة الماضي.. وبعد ساعة واحدة فقط من بداية الاشتباكات العنيفة بين القوات المسلحة والجيش الشعبي في الدمازين.. اتصلت هاتفياً بالفريق مالك عقار.. أول ما لاحظته أنه كان يشعر بالمفاجأة الكبيرة -والقلق- من اندلاع القتال.. ثانياً كان يبدو في حالة حيرة حول الخطوة التالية.. وثالثاً.. خامرني إحساس من لهجته ونبرات صوته أنه يشعر بحجم الخطأ الذي وقع فيه. واضح أن الفريق مالك عقار أخطأ في حساباته.. خطأ مريعاً.. حاول ممارسة سياسة (حافة الهاوية) وتمادى فيها للدرجة التي كعبلت قدميه.. لكن من الحكمة أن نفترض أن مالك عقار لم يكن ينوي الحرب إطلاقاً.. وربما الصقور في جيشه الشعبي هم الذين دفعوا الأحداث وأرغموه على التورط في عمل لم يخطط له.. والآن بعد أن حسمت القوات المسلحة الوضع في منطقة الدمازين.. حان الأوان للبحث عن تسوية سياسية سريعة وعاجلة تحسم السؤال حول مستقبل استقرار الولاية التي أنهكها طول سهر الحروب.. سأشرح لكم كيف.. الوقت يمضي سريعاً وكل ساعة تمرّ تعني تكريس الأمر الواقع وتوسيع المسافة الفاصلة بين السلام والحرب.. وليس من الحكمة انتظار وساطات أو مفاوضات غير مباشرة.. هناك حل واحد ناجع.. أن يركب مالك عقار الطائرة برفقة الدكتور رياك مشار.. ويأتي إلى الخرطوم.. بلا ضمانات ولا مقدمات.. فالخطأ الكبير لا يمحوه إلاّ صواب كبير.. والشجاعة والإقدام بل والمخاطرة مطلوبة في صنع (بطولات) السلام تماماً كما هي مطلوبة في (بطولات) الحروب.. ويقيني أن الحكومة في الخرطوم تدرك أنها تستثمر في العلاقة مع مالك عقار كثيراً.. فهو الوالي الوحيد في السودان قاطبة الذي لا ينتمي لحزب المؤتمر الوطني.. ويروج في الشارع السوداني أن المؤتمر الوطني هو من حمل مالك عقار على كتفيه إلى كرسي الولاية.. بل وأرغم بعض عضوية المؤتمر على إفساح الطريق له.. بإبعادهم من الولاية.. ولنتعشم حسن المآل في مبدأ (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير..).. فكأنما فتح الخطأ الكبير الذي وقع في ولاية النيل الأزرق الجرح.. ليساعد على سرعة شفائه بإزاحة حالة التوتر القصوى التي كانت تقبض على خناق البلاد.. فلتكن العملية العسكرية في الدمازين فاتحة سلام لا حرب.. وتصحيح وضع لا تعقيده.. وياليت الأستاذ ياسر عرمان (ينقطنا بسكاته).. والله العظيم كلما أقرأ بياناً باسم ياسر عرمان أحتار ماذا يريد في نهاية الأمر.. كلما اشتعل عود ثقاب أطلق ياسر عرمان صيحة لدحرجة برميل بنزين فوقه.. رغم أن ياسر رجل مدني يفترض أنه من حملة سنابل القمح لا سنابك القمع. يجب أن ندفع كلنا في اتجاه السلام.. كفاية .. كفاية Enough is enough .. التيار