هيئة علماء السودان.. غير متفرغه الصادق المهدي الشريف/ صحيفة التيار [email protected] تابعتُ بإهتمام حلقات برنامج (قيد النظر) الذي يقدمه الأستاذ الطاهر حسن التوم.. سيّما الحلقات التي إستضاف فيها البروفيسور الأمين العام لهيئة علماء السلطان، والأستاذ عثمان ميرغني رئيس تحير صحيفة التيار.. ثُمّ قرأتها بعد ذلك على صفحات التيار الغراء. أول الملاحظات هي أنّ البروف كان متحفظاً على الإجابات بالصورة التي تجعله وكأنّه لا يُقدّم إجابات على الأسئلة المطروحه عليه. ومن ضمن ذلك.. إجابته عن سؤال حول إصدارهم لفتاوى ترضي عنهم الحاكم (مثل فتوى بعدم جواز سفر الرئيس الى قطر).. وتجنبهم إصدار فتاوى إذا أصدرت الحكومة أمراً ب(الرقابة على الصحف). حول هذا الأمر قال البروف (هناك فرق بين المؤسسة الدينية والحزب السياسي.. نحنُ مؤسسة دينية تهمتم بالشأن الإجتماعي والإقتصادي والخيري، والحزب السياسي يتصدى للقضايا اليومية، وهذا مستحيل بالنسبة لنا كهيئة علمية غير متفرغة). إنتهت إجابته. الإجابة توضح الخلل الكبير في بناء وتكوين الهيئة.. كما أنّ البروف لم يقل أنّ لهم إهتماماً بالشأن السياسي.. رغم أنّ فتواهم بعدم سفر الرئيس هي فتوى سياسية. والحديث عن عدم تفرغ علماء الهيئة هو الأغرب في كل تلك الإجابة.. وفهمتُ منهُ أنّهم يؤدون هذا العمل (الأكثر أهمية) بطريقة الدوام الجزئي (Part-Time). فإذا إستطاعت الحكومة أن توفر المرتبات والمخصصات لتسعه وتسعين دستورياً مركزياً وأضعافهم من ولاة الولايات ودستوريها.. فهل تعجز عن توفير مرتبات لبضع علماء، مهمتهم الإفتراضية في الأصل هي إصلاح المجتمع وربطه بالسماء؟؟. خذ مثلاً.. الجهاز القضائي والذي يحمل مهمةً مشابهةً للمهمة التي تقوم عليها هيئة العلماء.. ألا يحظى القضاة بأوضاع مالية تمكنهم من التفرغ لعملهم بالصورة التي يراها ويشعر بها الجميع؟؟. إذا كانت معضلة عدم تفرغ علماء الهيئة هي التي تمنعهم من الخوض في تفاصيل الحياة السياسية والإجتماعية؟؟ وإصدار فتاوي في قرارات حكومية مثل (الرقابة على الصحف).. فهذا أمرٌ مقدورٌ عليه، ويمكن للصحف أن تنادي بهذا الأمر حتى تستجيب الحكومة. لكن.. لا أعتقد أنّ المعضلة هي في تفرغ أعضاء هيئة علماء السودان!!.. فحتى لو كانوا متفرغين لهذا العمل فلا أعتقد أنّهم سوف يقدمون على إصدار فتاوى تطعن في قرارات الحكومة (وهذا تحليل وليس تجريم للنوايا). خُذ مثلاً.. المجلس الوطني الذي تزيد عضويته عن الاربعمائة عضو.. والذي يحظى بمخصصات عالية (ومفرحه).. بينما دوره الرقابي على الجهاز التنفيذي اقلّ من دوره التشريعي.. وكلاهما ضعيفٌ للغاية. فهل إستطاع البرلمان أن يصدر قراراً يعترض فيه على أداء حكومي؟؟.. أو حتى يلجم بعض التصرفات الحكومية؟؟. المشكلة دأئما في العبارة التي يختصرها الإنجليز بسخرية (حاول إرضاء من يدفع إليك راتبك.. ولا تنسى زوجتك). فالشخصية البشرية جُبلت على تجيير مصلحتها أولاً، وتأليه مصدر تلك المصلحة.. لهذا جآء الدين ليقول للناس جميعاً أنّ كلٌّ من على سطح هذه الارض لا يملك رزقاً.. (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ...). ولو إقتنع علماء الهيئة أنّ رزقهم بيد الله.. لا بيد الحكومة.. فسوف تختلف مواقفهم..حتى وإن لم يتفرغوا.. إرضاءاً لله.. الرازق الأكبر.. بل وخير الرازقين.