العصب السابع مطلوب مُفتي لكل مواطن..!! شمائل النور أول من أمس أصدرت هيئة علماء السودان فتوى شرعية مائة بالمائة، نشرتها صحيفة \"التيار\"، جوّزت بها إكمال معاملة تجارية بين إدارة الجمارك ومواطن صاحب معرض لتجارة السيارات، ورأت الهيئة أنّ عرقلة الإجراءات القانونية من قبل إدارة الجمارك أوقعت الضرر بصاحب المعرض، ورأت أنّ إيقاف المعاملة من قبل إدارة الجمارك تُعرض مال هذا المواطن للتلف والضياع وهذا لا يجوز شرعاً؛ بل هو محرم- انتهت الفتوى التي وللغرابة لم تستفد منها الجهات الحكومية. فلنبحث في حيثيات الفتوى، في شهر أكتوبر من عام 2010 أصدر وزير المالية قراراً بحظر السيّارات المستعملة المتجاوزة للموديل، وقد حدث استثناء لموردي السيّارات الذين تضرروا من القرار بنسبة معينة ومحددة، حسناً.. طالما أنّ هناك استثناء وأنّ المعاملة وكما رأت هيئة علماء السودان أنّها مكتملة الجوانب والإجراءات القانونية فلماذا لا تسير الأمور في مسارها القانوني الطبيعي، لماذا يضطر هذا التاجر الذي تضرر إلى أن تُصدر بشأنه فتوى شرعية، ولماذا يُحشر الدين في كل شيء، ولماذا في الأساس هيئة علماء السودان تُفتي في الدين والقانون والتجارة؟ طيب.. إن كانت إدارة الجمارك تعمدت أن توقف هذه المعاملة بينها والتاجر وقصدت هذا التاجر في شخصه لشيء في نفسها، وهي تدرك أنّ هذه المعاملة قانونية ولا تشوبها شائبة، ثمّ مررت إدارة الجمارك مضطرة هذه المعاملة واستجابت لفتوى هيئة علماء السودان لأنّها جاءت عبر الدين، إذاً ومن أجل أن تسير الأمور في مسارها الصحيح سوف لن تكفينا هيئة علماء السودان وحدها فنحن بحاجة إلى عدد كبير من الفقهاء يساوي عدد المواطنين، يفتي كل شيخ لمواطنه..... وإلا ماذا؟؟ بغض النظر عن هل تستجيب إدارة الجمارك للفتوى أم لا، وبغض النظر عن ضرر التاجر وتعمد إدارة الجمارك لضرره حسبما ترى الهيئة..فلابد أن نتساءل هل فرغت هيئة علماء السودان من الشأن الوطني العام لتنصرف إلي فتاوى مفصلة على قضايا تخص أفرادا بعينهم، وما معنى أن تجوّز الهيئة معاملة تجارية أو تحرمها، هل هذا يقع في دائرة اختصاصات الهيئة، أليس هذا أمر يخص جهات بعينها وهي صاحبة التقدير والقرار؟ ثمّ لماذا أصلاً يصل الأمر لدرجة فتوى من الهيئة؟ حسناً، فلنقل أنّ التاجر تضرر بالفعل لماذا لا يُرفع عنه الضرر بالطرق الطبيعية المتبعة وتسير الأمور وفقاً للمجرى الطبيعي، أن يرفع تظلم، مثلا، للجهات صاحبة القرار والجهات ذات الصلة، طالما أنّه مستوف للشروط الموضوعة، فهل حدث كل هذا وعجز عن رفع الضرر ثم احتاج أمره إلي أن تجتمع له الهيئة لتخرج فتوى ترفع عنه الضرر، إن حدث ذلك فإذاً توجب على هذه الهيئة أن تنزل الشارع وترى بأم عينيها أحوال المواطنين ومدى الضرر الواقع عليهم وهم مستوفين للجوانب القانونية، لطالما أن ضرر المواطنين ورفعه أمر أصبح يقع في دائرة اختصاص هيئة علماء السودان. إنّ حشر الدين في أمور مثل هذه قادر وحده على أن يدخل هذا البلد في نفق لا خروج منه، اتركوا الاختصاصات لأصحابها واجعلوا المعاملات تسير في مسارها الطبيعي بدلاً من أن نعرج على الدين في الذي يسوى والذي لا يستحق، وحتى لا يصبح الدين أداة للترهيب والترغيب. التيار