تراسيم.. قطبي لا يكره أمريكا !! عبد الباقي الظافر قبيل أسابيع اندهش الشعب السوداني أن لصاً جريئاً تمكن من سرقة منزل مدير جهاز الأمن السابق الفريق قطبي المهدي.. اللص الذي حصد في ليلة واحدة نحو مئتي مليون جنيه.. استغرب كثير من الناس أن من بين المبالغ المنهوبة دولارات أمريكية.. الدولة في تلك اللحظة كانت تدير حرباً بلا هوادة على المتعاملين بالعملات الأجنبية خارج الأطر المصرفية.. بالطبع منزل الدكتور قطبي ليس فرعاً لبنك السودان.. شخصياً وجدت مبرراً لوجود هذه العملات الأجنبية.. نصف أسرة الفريق قطبي اتخذت من أمريكيا وكندا مستقراً منذ سنوات طويلة. استغربت لتصريح لذات الرجل الذي يأمن أمريكا على أبنائه وبناته ثم يخير المعارضة السودانية بين الجنة والنار.. قطبي المهدي رئيس القطاع السياسي بالحزب الحاكم يخيّر المعارضة السودانية بين العمل مع الإنقاذ أو التعاون مع أمريكا وإسرائيل لاستنزاف البلاد.. ليس قطبي وحده المصاب بالشيزوفرينيا السياسية.. ويكليكس نشرت أن مستشار الرئيس مصطفى عثمان وسط الأمريكان للتوسط في مسألة تطبيع العلاقة مع إسرائيل.. وقبل أن نتهم البرتو فرنانديز القائم بالأعمال الأمريكي بعدم الدقة في نقل حديث مستشار الرئيس.. إذا بمستشار الرئيس شخصياً يلفق حواراً على لسان زميلتنا رفيدة يس.. المستشار حاور نفسه ثم أوهم الشعب السوداني أن الزميلة السوداني أجرت معه حواراً صريحاً.. عليه إذا نفى سيادة المستشار تسريبات ويكليكس فلن أصدقه. وزير الشؤون الإنسانية في تسريب آخر كان يقول إن أمريكا تعتبر مثلاً أعلي للسودان.. والحقيقة أن أمريكا ليست مثلاً أعلى حتى للأمريكيين الذين كثيراً ما يحرقون العلم الأمريكي داخل الأراضي الأمريكية كناية عن عدم الرضاء. المشكلة أن هذا الخطاب الرسمي المخادع يلعب بعواطف الناس.. وفي ذات الوقت يؤثر سلباً في تطوير العلاقة مع الدولة الأكثر تأثيراً في عالم اليوم.. أمريكا شاء قطبي أو أبى تمثل رقماً يصعب تجاوزه في مثل ظروفنا هذه.. نحن دولة نعاني من عزلة دولية وأوضاع اقتصادية محرجة جداً.. نصرخ في العالم أن يمد لنا يد العون ثم نكيل له السباب والشتائم التي ترتد وبالاً علينا. المثير للشفقة أن الدبلوماسية السودانية لا تستوعب الإشارات الإيجابية الصادرة من واشنطن.. في ذات يوم تصريحات الدكتور قطبي كانت سوزان بيج سفيرة أمريكا الجديدة في جوبا تقدم مرافعتها أمام مجلس الشيوخ.. في هذه المرافعة المهمة التي يتوقف عليها اختيارها في منصبها أكدت السيدة بيج أنها تدعم بوضوح تقاسم الإيرادات النفطية بين الشمال والجنوب.. وقبلها بأسابيع كان الرئيس أوباما يثني على السودان والتزامه القوي باتفاق السلام الذي أنهى أطول حرب في أفريقيا. من المهم جداً ألا نخدع شعبنا ونوهمه أننا في حرب مع العالم.. ومن المهم أيضاً أن نضع الخلافات السياسية بين الشعوب في حجمها الحقيقي.. الخلاصة أن بلدنا يخسر كثيراً من هذه الازدواجية المزاجية لبعض ساستنا. التيار