[email protected] عرض برنامج ناتشرال جيوغرافي فيلا ضخما انفصل عن قطيعه فاحاطت به مجموعة أسود تعمل بإيقاع روح الفريق الواحد .. مجموعة تشتت إنتباه الفيل عن اليمين فتهاجمه مجموعة أخرى عن الشمال .. ثم يبدأ عمل مجموعة أخرى لا تتعدى مهمتها الوقوف في مواجهة الفيل بينما تهجم عليه مجموعة ثالثة من الخلف .. استمر الأمر لساعات .. في البداية أبدى الفيل قوة كبيرة في دحر الأعداء لكن الأسود – رغم فارق الأوزان - لعبت بخطة استنزاف طاقة الفيل العملاق .. شيئا فشيئا بدأت قواه تخور بينما الأسود تضيق عليه الخناق المرة تلو المرة حتى أجهزت عليه تماما و تبخرت اسطورة الضخامة أمام العمل الدؤوب لصالح مجموعة تصغره حجما بعشرات المرات. استحق الفيل مصيره ليس لإعتداده بحجمه فحسب بل لأنه ارتضى لنفسه عزلة كاملة و لم يصطدم صوت استغاثته إلا بجبال أرجعته إلى أذنيه الكبيرين صدى فارغا لم تدفع نيوب الليوث و لم ترد عنه مخلبا و بعد عام وقف قطيع الفيلة في مهابة على عظام رفيق الأمس و مشت في تؤدة آخذة في الإعتبار ضرورة إلتزام الجماعة... درس غفل عنه الفيل ذو الإثنين و عشرين عاما فكلفه حياته في غضون ساعتين. اندلعت في الأيام الماضية الكثير من الإحتجاجات الجماعية في مختلف مدن و أحياء شملت السودان .. يكاد يكون دافعها شبه إجماع على سخط جره غلاء الأسعار و سياسات رعناء ضيعت حقوقا و سدت نهاية نفق الخلاص .. كانت صغيرة الحجم قليلة التأثير قصيرة المدى و لكنها مقلقة للحكومة أيما قلق و إذا استنزفت الأسود طاقة الفيل الضخم بالحيلة و المثابرة فإن هذه الإحتجاجات ستأتي على خزينة النظام بشكل نهائي في مدة أقصاها اسبوع و لا أظن أن المراسيل من الشحادين الذين حفيت أقدامهم ستأتي مواعينهم مليئة بما فيه الكفاية لدفع مستحقات الآلآف من شبيحة النظام الذي سيعملون على مدار الساعة للأشهر القادمة و لن تسد رقعة المرتبات و لا حاجة الجيش السوداني الذي فرض عليه القتال في أكثر من جبهة في وقت معا و لا تسيير دولاب الدولة. دبوس صغير سيفرغ محتوى الفيل الكبير و يجعله جلدا أجربا يعافه دود الأرض و هوامه .. قريبا جدا إن شاء الله إنا لغالبون. (العنوان من وحي طرفة تحكى أن جماعة كانت في سفر فادركتهم صلاة المغرب في الطريق فأمهم أحد المتشوبرين .. مرت الركعة الأولى على خير فلحق بالصلاة نفر غير قليل فلما كان في الثانية هاله صوت آمين من المأمومين و أربكته أيما إرباك فابتدر بأسهل السور .. سورة الناس لكنه تلى (قل أعوذ برب الفيل بدلا عن قل أعوذ برب الناس) و لم يتبين له الأمر حتى بعد الصلاة فلما قيل له تحاجج قائلا و من هو رب الفيل؟ أليس هو رب الناس .