تأملات أعيدوا للهلال هيبته كمال الهِدي [email protected] . لا يختلف اثنان حول المهانة الشديدة التي عاشها هلال الملايين في السنوات الفائتة. . وقد استبشرنا خيراً بالمجلس الجديد رغم علمنا التام بعدم مثالية الجمعية العمومية التي أتت بهذا المجلس. . لكننا تجاوزنا ذلك باعتبار أن هذا هو الواقع الذي نعيشه منذ عقود طويلة. . ومع إحجام الجماهير التي كثيراً ما دعوناها إلى التمسك بحقها والسعي لنيل العضوية حتى تكون حاكمة لناديها وليس مجرد ( فراجة) لإداريين تحركهم بعض الأقلام يميناً ويساراً، لن تكون هناك جمعيات عمومية حقيقية وفعلية. . وفي كل مرة سيرأس الهلال كل من يعرف كيف يجند بعض الأقلام لتكتب عنه صباح ومساء. . وليت أصحاب الأقلام يكتفون بالكتابة فقط، بل هناك من يجوبون الأحياء والمناطق المختلفة ويعقدون الاجتماعات من أجل حشد وجلب العضوية التي تأتي بهذا الرئيس أو ذاك. . هذا هو واقع الأمر في أنديتنا الرياضية، والسبب الأول والأخير في كل هذا العبث هو الجماهير التي تكتفي بالجري وراء اللاعبين وحمل الجدد على الأعناق إلى مكاتب الاتحاد والهتاف بأسماء الرؤساء. . تجاوزنا ما صاحب الجمعية العمومية للنادي من تشوهات لأنها ليست المرة الأولى التي تحدث فيها مثل هذه الأمور. . فهذه هي الطريقة التي أتى بها جل من تشدقوا بعد ذلك بأنهم أتوا عبر صناديق الاقتراع. . انقضت الجمعية العمومية الأخيرة بخيرها وشرها، ثم بدأ المجلس الجديد دورته بشيء من الحماس واستطاع في فترة قصيرة أن يحل بعض المشاكل المستعصية التي لم تكن له فيها يد. . دفعوا بعض المستحقات المتأخرة للاعبين والأجهزة الفنية، لكنهم كغيرهم أيضاً كذبوا على قواعدهم حيث كانوا يؤكدون في كل مرة أن كل مستحقات اللاعبين قد تم تسديدها، لنأتي بعد فترة قصيرة ونسمع نفس التصريح مجدداً، ما يشير إلى أن حديث المرة السابقة كان كذباً صريحاً. . استمر المجلس في أداء مهامه بشكل مقبول رغم بعض الأخطاء الكبيرة التي وقع فيها والتي أشرنا لها في حينها. . وحتى وقت قريب سعدنا بلجوء هذا المجلس إلى أقطاب الهلال وجمعهم في لقاء حاشد أدركنا منذ الوهلة الأولى أن القصد منه كان جمع المال، ولهذا حاولنا تحفيز المجلس على تواصل مثل هذه اللقاءات ورجونا رجالاً مثل السيد طه على البشير بأن يكونوا قريبين من المجلس على الدوام لأن الهلال يحتاجهم. . فأن تجمع الناس ولو بدافع طلب للمال فمن الممكن أن يؤدي ذلك لمشاركة فعلية مستقبلاً، خاصة إن ضم جمع الأقطاب بعض الرجال الحكماء وأصحاب الرأي السديد الذين يعرفون متى وكيف يتكلموا. . وهو سلوك في كل الأحوال يعد أفضل بكثير من أن تنفر الناس وتطردهم من ناديهم وتحيط نفسك بفئة محدودة كما يفعل الكثيرون. . لكن المؤسف أنه لم تمر سوى أيام معدودة حتى وقع رئيس المجلس في خطأ عمره لتثير حادثة اعتدائه على حكم لقاء الترجي الكثير من اللغط. . وبعدها يبدو أن انقسامات قديمة قد تجددت حيث خرج علينا هذه المرة نائب الرئيس باستقالته من المجلس احتجاجاً على ما أسماه ( انفراد رئيس المجلس بالقرارات) وكأن هذه ممارسة جديدة في الهلال. . ويبدو أن نائب الرئيس نسي سريعاً أنه صرح يوم لقاء الأقطاب الذي سبق لقاء الترجي بحديث طويل عن حكمة المجلس ورغبته في جمع كل الأهلة على قلب رجل واحد ومنح الفرصة لكل صاحب رأي للتعبير عن رأيه الذي يصب في خدمة الهلال. . ولنا أن نسأل السيد أبي مرين ومن يثنون على موقفه القاضي بالاستقالة من المجلس: كيف تجمعون كل الأهلة حولكم وأنتم أنفسكم لم تكونوا على قلب رجل واحد؟! . أقل من خمسة عشرة شخصاً غير قادرين على توحيد جهودهم، فكيف كنت تحدثنا عن جمع كافة الأهلة يا أبا مرين؟! . أليس في ذلك تناقض أوضح من شمس الضحى؟! . لسنا مع من يحاول أن يفرض سطوته على الآخرين ويعتبرهم مجرد كومبارس، بل على العكس رفضنا ذلك بشدة في الماضي ونرفضه اليوم وسنرفضه مستقبلاً. . لكن المؤسف أن أعضاء المجالس المستقيلين دائماً ما يبررون استقالاتهم بأمور لا تكون هي الحقيقة. . فالأمين البرير يبدو أنه استفرد بالقرارات في الهلال منذ فترة ليست بالقصيرة. . وسبق أن قدم الأمين العام الدكتور الكاروري ورئيس قطاع الاستثمار استقالتيهما من المجلس متذرعين بنفس المبرر، قبل أن يعودا للعمل مجدداً فيه لكن ليس قبل أن يحدثا الناس بالتناغم والانسجام بين أعضاء المجلس!!! . فلماذا لم يستقيل نائب الرئيس وقتذاك طالما أنه غير راض عن طريقة الرئيس وانفراده بكل شيء؟! . خلافات أعضاء مجالس إدارات الأندية عندنا غالباً ما تحدث لأسباب خفية، ولا علاقة لمبادئ وقيم الهلال أدنى علاقة بها، لأن المبادئ لا تتجزأ. . ومن يؤمن بمبادئ وقيم الهلال حقيقة ما كان من الممكن أن يقبل بعضوية مجلس يعرف مسبقاً الطريقة التي انتخب بها. . والمؤسف أن بعض أصحاب الأقلام يجدون ضالتهم في خلافات أعضاء هذه المجالس، ولهذا يحدثون الناس عن الموقف القوي لهذا العضو أو جسارة ذاك لمجرد أن ما أتى به هذا العضو أو ذاك قد لاقى هوىً في نفوس هؤلاء الكتاب. . ولهذا أعيد وأكرر أن كرة القدم السودانية أو أي مجال آخر في البلد لن يتقدم ولو شبراً للأمام قبل أن ينصلح حال صحافتنا المائل. . رغم كل شيء نطالب أعضاء مجلس الهلال بأن يعيدوا لهذا النادي وفريق الكرة تحديداً هيبته المفقودة. . وهيبة الهلال لن تعود ما لم يتخل أعضاء المجلس عن طموحاتهم الشخصية التي تكون دائماً على حساب الكيان. . وليعلم هؤلاء الأعضاء أن فريق كرة القدم الحالي يحتاج لتغيير كبير قبل أن يصبح فريقاً مهاباً. . وليتأكدوا أن جماهير النادي تهتم بفريق الكرة بشكل أساسي، وهذا الفريق يحتاج لعمل كبير وليس مجرد صفقات تسجيلات يهلل لها البعض في صحفهم. . وليتذكر أعضاء المجلس أن من يفرطون في الثناء ويهللون لصفقة هذا اللاعب أو ذاك سبق أن فعلوا ذات الشيء مرات ومرات مع مجالس سابقة ولم يستفد الهلال من معظم ما كتبوه ونشروه في صحفهم. . بل على العكس، فقد تضرر النادي كثيراً من تطبيلهم وكتابتهم حول ما ليس لهم به علم. . أولاً وقبل كل شيء لابد أن يعلم رجال المجلس أن أي تسجيلات تتم عن طريقهم كإداريين ودون أن يستشيروا حولها أهل الشأن سيكون مصيرها الفشل الذريع. . أعطوا الخبز لخبازيه وشكلوا لجنة فنية من لاعبي الكرة السابقين والمدربين ذوي الكفاءة والثقة وأتركوا لهم حرية كاملة لكي يحددوا لكم احتياجات الفريق من اللاعبين. . وأبعدوا عن مانشيتات الصحف والسماسرة الذين لا يهمهم سوى ما يدخل جيوبهم، حتى لا تستنسخوا أخطاء الماضي. . كثيراً ما دخل كشف الهلال في السنوات الماضية لاعبون لم يستحق أي منهم أن يرتدي شعار ناد من الدرجة الثانية دع عنكم نادي الهلال، الكبير. . وسبب ذلك هو أن الإداريين يفترضون دائما أنهم يفهمون في كل شيء، وحتى عندما يطلبون العون لا يطلبونه من أهله. . فعليكم بتذكر حقيقة أن لكل مجال أهله والإداري الناجح هو الذي يستفيد من مهارات ومعرفة الآخرين ليوظفها في خدمة المؤسسة التي يديرها. . أما إن ظننتم أن نجاح الإداري يحسب بمدى إصراره على عمل كل شيء بنفسه، فسوف يكون مصيركم الفشل الذريع. . هذا فيما يتعلق بتسجيل اللاعبين الجدد، أما الشطب فباستثناء عشرة لاعبين على الأكثر لن نلوموكم على شطب أي واحد ممن دخلوا كشف الهلال في غفلة من الزمن. . وإن نجحتم في تسجيل لاعبين ذوي مهارات حقيقة، فلابد أن يعقب ذلك تعيين كوادر طبية وفنية جادة وذات قدرات جيدة. . فقد اكتوينا كثيراً من نيران المجاملات والمحاباة واحتفاظ أشخاص بمناصب في الهلال لا يستطيعون من خلالها تقديم ما يفيد فريق الكرة. . فلابد من تعيين مدرب جيد وصاحب شخصية قوية لا يقبل بتدخلات الإداريين والكتاب والمشجعين الذين صارت لهم كلمتهم العليا في بعض الأمور الفنية في هلال المهازل والهوان في الآونة الأخيرة. . كما يحتاج فريق الكرة لمدرب لياقة يعرف متطلبات وظيفته وطبيب مؤهل يعرف كيف يشخص ويداوي إصابات اللاعبين في الوقت المناسب، ومعالج نفسي كفء. . والأهم من كل ذلك تعلموا أن تصغوا لمن يبكونكم لا من يضحكونكم، فهؤلاء قد أضحكوا الناس على الهلال كثيراً وكفانا مهازل.