وماتزال الإفتراءت تأسس والجرائم ترتكب بأكذوبة التمكين يا أستاذ عروة..!! سيف الحق حسن [email protected] أتابع أحيانا عمود الأستاذ محجوب عروة (قولوا حسنا) والذى أرى فيه شجاعة لقول الحق وإجتهاد كثير لتقصى الحقيقة وسعة صدر لتقبل الرأى الآخر. وحسب فهمى لمقالاته فإن فكرة الأستاذ عروة تدور كثيرا فى طريق إصلاح ما أفسدته الطغمة الحاكمة وشوهت فى (الحركة الإسلامية) بإنحرافها عن مبادءها التى كانت تنادى بها عندما وصلت لسدة الحكم مع تعرض طفيف لتشويه صورة السودان ومافعلته الطغمة الحاكمة فى الشعب السودانى. فى بادئ الرأى أعتقد أن نظرة تلك الحركات الإسلامية او الجماعات للمجتمع بأنهم الأفضل والنظر بطريقة استعلائية للغير واتخاذها نهج اقصائى هى مكمن مرضهم العضال. فكلما نظرت لهذا العالم والبشر من حولنا أدركت ان الاسلام أعظم بكثير من ان يوصف بحركة وأشمل من ان يحصر فى أشخاص و أوسع من يحد بحدود وطن بعينه لأنه رحمة وفضل للعالمين أجمعين. لا يمسه إلا المطهرون.!! ورفعت حاجب الدهشة حين قرأت اخر مقال للأستاذ عروة عن: التمكين العبرة والإعتبار، فكيف لقائد رأى ومبشر بفكر للإسلاميين يفوته مفهوم (التمكين) الذى إرتكزت عليه خروقات كثيرة وأرتكبت من خلاله تجاوزات عديدة فى حق الوطن والشعب والإسلام نفسه وبإسم الدين. ربما نفهم ان هذه الأكذوبة تساق على العقول البسيطة الإنطباعية التى لا تفكر بعمق ولا تقلب الأمور جيدا وتنجر وراء العواطف وتأسر بالشعارات الرنانة ولكن كيف تنطلى على المثقفين وهل ياترى منهم الكثير. ونرجو من الأستاذ عروة أن يكتب لنا عن كل الممارسات الخاطئة التى ترتكب بإسم الدين. التمكين هو أساسا ليس مربط الفرس ولا مبلغ المنتهى، فالله سبحانه وتعالى قد مكن لكفار ومنافقين: النمرود بأن اتاه الله الملك ومكن لفرعون وأتاه ملك مصر وأنهار تجرى من تحته، ومكن لقارون وأتاه من الكنوز والمال ما إن مفاتيحه لتنؤ بالعصبة أولى القوة. فقد أمر الله سبحانه وتعالى أنبياءه سيدنا إبراهيم وسيدنا موسى وكل الأنبياء عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم بأن يدعو الحكام الى الهدى والإيمان بالله مثلهم مثل بقية الناس ولم يقل لهم إقلبوا الحكم عليهم واستلمو الحكم عنوة للتمكين لكم فى الأرض..!! ولكن بعدما تمكن الدين طواعية وليس بإلإكراه فى المجتمع وتربع بحب فى قلوب الناس تغير الحكم فمُكن لهم. فالاية الكريمة ((و كذلك مكنا ليوسف...)) ليست هى الوحيدة التى تبرز أن التمكين من عند الله وحده وليس شرطا بأن يكون الممكن له مؤمننا أو كافرا أو منافقا فالاخيرين تمكينهم يكون تمكين إغواء. و هناك عدة ايات تحتاج لمزيد من القراءة المتأنية والتدبر والفهم العميق. فكلما طهرنا قلوبنا وقرأنا من هذا الكتاب الكريم كل مرة سيصيبنا فهم جديد بما فيه من علم الله المكنون. ولعل من أبلغ الأيات التى نقرأها قوله تعالى :(( إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت اعناقهم لها خاضعين )). فالله سبحانه رب قلوب وليس رب أعناق. وكذا تمكين الحق سبحانه وتعالى هو تمكين بالمحبة والإحسان وأى تمكين خلافه لم ينزل الله به من سلطان فهو مقطوع من شجرة القوة والإرهاب ولا يعدو الا نموذجا لتسلط لبشر على الرقاب . رصاصة الرحمة..!! إن الإسلام جاء لإقامة دعوة -الخير والرحمة (للعالمين)- وليس لإقامة دولة -إسلامية (للمسلمين) وحدهم. إذ ليس شرط بإقامة دولة (حكامها مسلمين) ستنعم تلك الدولة بالرحمة والرخاء ولا العكس دولة (حكامها غير مسلمين) سيحل عليها التخلف والدمار، فالسر هو المجتمع وليس التمكين فى الحكم. ولست بصدد تناول أمثلة من التاريخ ولكن ها هو حالنا ظاهر بين يدينا ويزيدنا تذكير توفيق الله للدول التى حكوماتها كافرة ولكنها عادلة، وقول الإمام محمد عبده: (فى الغرب وجدت إسلاما من غير مسلمين وهنا وجدت مسلمين من غير إسلام). فهذه الحكومات قامت على مبدأ دولة إنسانية ومجتمع يتحلى بالأخلاق الإسلامية السمحة. والحرية و العدل هما الأساس الأوجب، وقد أخذوا من الإسلام ما أخذوا وشيعوا الخرافات والدجل والأفعال التى تمارس بإسم الدين مثل التمكين البائد وغيره لمثواها الأخير منذ زمن طويل. قوة العين وفقه المرحلة لمراوغة ومقارعة نور الحق..!! كم من المخالفات والإنتهاكات التى إرتكبت بإسم التمكين، تشريد للصالح العام وسرقة ونهب لخزائن الدولة وثروة الشعب وسجن وتعذيب و وصلت لدرجة القتل للمعارض فى الرأى والكثيرالذى يعلمه الجميع وما خفى علينا أعظم. من أحدث المقالات التى قرأتها عن التمكين مقالة الأساذ صلاح عووضة: أدى التمكين ولا بلاش (1-2). فهل هذا هو التمكين المراد فى قوة العين واليد واللسان ونكاح مثنى وثلاث ورباع والتطاول فى البنيان. حتى إذا إفترضنا بوهمهم أنهم مُكنوا أفلا يقرأوون: ((الذين إن مكناهم فى الأرض أقاموا الصلاة واتو الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكرولله عاقبة الأمور)). فأين هذه الصلاة والزكاة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الذى لم ينعكس على الناس إلا بؤسا وتعاسة وكآبة ورهقا وجوعا وإفقارا وتدهورا وإخفاقا وتخلفا وإنحطاطا، بيد انه قد إنعكس على المدعين انهم قد مُكنوا راحة وسعادة وغنى ورفاهية وترطيبا ونعيما وتكبرا وجبروتا وغلظة فى القلب. فإن كانوا على قوة العين فنحن على عين اليقين ان الله يمهل ولا يهمل وسينتصر للمستضعفين المظلومين والغلابه. فالإسلام دين فطرة والفطرة هى الإنسانية‘ والإنسانية هى: أن لا يتم التضحية بإنسان فى سبيل غاية، كما عرفها الفيلسوف الألمانى البرت شفايترز. فكم من تضحيات قدمها ومازال يقدمها هذا الشعب الصابر وهذا الوطن المجروح بالخداع والدجل والإرهاب بإسم الدين لغايات شرذمة قليلة للوصول لأهداف وهمية دنيئة ومآرب دنيوية معينة باسم التمكين وغيره من العجين الذى يعجن ويخبز فى مخابز علماء السلطان ويخرج بإسم فقه المرحلة. والقانون لا يحمى االأطرش فى الزفة والظلم ظلمات، و ما بنى على الباطل فهو باطل، و سيُحضر كل الرفاق ويسأل كل الأوغاد عن مثقال الذرة، والنيئ يرجع للنار. فمن كانت هجرته إلى الله وعمل عملا صالحا فسيتوب الله عليه ومن كانت هجرته إلى البشير وحزب (لقد تمكنا) لأموالا يقترفها وإمرأة يستنكحها ودنيا يصيبها فهجرته إلى ما هاجر إليه.