حروف ونقاط عودة السيدين!! النور أحمد النور منذ انفصال الجنوب في يوليو الماضي ظل قادة الحكم يبذلون الوعد تلو الوعود عن تغيير مقبل في الحكومة وجوها وسياسات، وتعهدات بإعادة هيكلة الدولة عبر تقليص الجهاز التنفيذي بعد ما انتفت الاسباب التي ادت الى ترهله «مرحلة السلام والترضيات» حتى بات الصرف عليه خصما على الخدمات والتنمية،ورفع كبار المسؤولين شعار ربط البطون وحكومة رشيدة لخفض المصروفات العامة،وارتفع سقف توقعات الرأي العام طمعا في مجلس وزراء صغير وفاعل ومؤسسة رئاسة محدودة تعبر عن الطيف السياسي والاجتماعي في البلاد. ولكن ... مع بودار التغيير وملامحه المنتظرة ذابت وتبخرت الوعود وكأنا يا بدر لا رحنا ولا جينا،فقد أعلنت الرئاسة أمس تعيين خمسة مساعدين للرئيس وكانوا اثنين،وسبعة مستشارين، فقد احتفظ غالبية المستشارين بمواقعهم ولم يدخل من الوجوه الجديدة الا السيدان الجديدان «عبد الرحمن الصادق المهدي وجعفر الصادق محمد عثمان الميرغني»،وممثل الحزب الاتحادي الآخر محمد الحسن محمد مساعد،وانتقل وزير التعاون الدولي الى القصر الرئاسي ولم يخرج من هذا المولد الا عبد الله مسار،وصارت مؤسسة الرئاسة تتألف من 15 عضوا. صدور المرسوم الرئاسي بتعيين المساعدين والمستشارين يحقق للحزب الحاكم مقاصد عدة أولها تثبيت وتأكيد مشاركة الحزب الاتحادي «الاصل» في السلطة،واحرج زعيم حزب الامة الصادق المهدي بإشراك نجله في الحكم رغم رفض حزب الامة مما يعطي مبررا لأقطاب ورموز الحزب الذين يرغبون في المشاركة بصورة فردية كذلك، خاصة ان المهدي برر مشاركة نجله بأنها فردية،ومن الصعب عليه تبرير دخول نجله الى القصر الرئاسي مها أوتي من الفصاحة والبلاغة السياسية ولن تسعفه الامثال الشعبية في الخروج من المطب السياسي،مع أني اعتقد أن المرء كلما تقدمت به السن?فإنه يقترب أكثر من أسرته وكما أنها لا ترفض له طلبا فإنه يبذل ما في وسعه لتلبية رغباتها ،وقد غلبت رغبة وتطلعات العقيد عبد الرحمن الصادق وليجرب حظه من السلطة فهو لا يزال شابا وان كبر بأعوام عن نظيره في مؤسسة الرئاسة جعفر الصادق «34 عاما»،فستكون لهما تجربة سياسية، فقد لا يدور الزمان ويعود الحكم الى عهد السيدين. ومن اللافت من خلال قائمة التعيينات الجديدة ان كفتي حزب الميرغني وحزب الدقير واحدة في ميزان الحزب الحاكم، فلكل واحد مساعد ومستشار للرئيس،وكذا فإن حصتهما في مجلس الوزراء والولايات متقاربة،وهذا يحسب لصالح الدقير وللحزب الحاكم الذي يريد أن يقول في رسالته السياسية إنه لا يتخلى عن من تحالفوا معه عندما امتنع الآخرون. ولكن من الوجه الآخر فإن لائحة المساعدين والمستشارين تبدد الآمال في تغيير حقيقي في الحكومة الجديدة « الجواب من عنوانه»،وبالتالي فلن نتوقع حكومة رشيقة بل ستكون عريضة حقا، ليست عريضة سياسيا بل عريضة عددا وأقرب الى التنقلات بين الوزارات ومن يغادرون كراسيهم لن يتجاوزوا أصابع اليد الواحدة،ويبدو أن الحزب الحاكم لم يستطع تجاوز نهج الترضيات ليس لأغراض سياسية كما كان يبرر لضرورات المرحلة وترجمة اتفاقات السلام في الجنوب ودارفور والشرق، بل حتى لأعضائه ورموزه،فليطمئن المسؤولون فإن أكبر خسارة ستكون الانتقال من وزارة الى?أخرى،ومن يخرجون من باب الوزارة فستنتظرهم مواقع جديدة،لا داعي للقلق،هل هذا هو التغيير الذي يبشرنا به بعض قادة الحكم خلال الشهور الماضية؟!. ارادة التغيير تبدو غائبة والاشارات السالبة التي بعثتها تعيينات الرئاسة ستتعزز في الحكومة الجديدة، وبدلا من أن يشد المسؤولون أحزمتهم، فإن على الشعب أن يربط أحزمته على بطونه الخاوية، والله غالب على أمره الصحافة