حديث المدينة منطقة محررة..!! عثمان ميرغني قبل عدة سنوات.. وخلال اجتماع رسمي.. حدثت مشادة عنيفة بين معتمد الخرطوم آنئذ الأستاذ الكودة.. ومدير أمن الولاية اللواء عمر عبد المطلب.. سببها أنّ مدير الأمن خلال حديثه في الاجتماع انتقد بلغة بها بعض الحدة نقل موقف المواصلات إلى منطقة الإستاد.. وحجة مدير الأمن أنّ الموقع الجديد يستثير المهددات الأمنية لقربه من أكبر جامعتين من ناحية الكثافة الطلابية.. جامعة السودان وجامعة النيلين.. الذي أثار دهشتي خلال المشاجرة الكلامية بين الرجلين لحظتها أنّ المعتمد.. الكودة.. وفي رده الغاضب (لدرجة الثورة والهياج) على مدير الأمن لم يعترض على حجّة مدير الأمن.. بل تركّز دفاعه في أنّه هو شخصياً –الكودة- لم يكن صاحب القرار في نقل الموقف.. والقاعدة المعروفة أنّ القرار الخطأ – دائماً- لا أب له.. بينما للقرار الصائب ألف أب.. الآن توشك ولاية الخرطوم على إعادة إنتاج خطأ كبير (جديد).. وأقول جديد طالما أنّ مدير أمن ولاية الخرطوم اعترض –سابقاً- على الموقع الجديد للموقف.. وأنّ المعتمد لم يدافع بأكثر من التملّص من كونه صاحب القرار.. فقد أعلنت حكومة الخرطوم عن نيّتها (بعثرة) موقف الحافلات الشهير باسم (كركر) إلى المنطقة الفضاء التي تقع غرب مسجد شروني.. المساحة التي كان يشغلها (قشلاق) السكة الحديد قبل إزالته.. وبنظرة أفقية سهلة وسرعية.. تبدو الصورة واضحة.. نقل الموقف من داخل السوق العربي إلى الإستاد ثمّ داخل محطة السكة الحديد لم ينتج عنه سوى مزيد من (تلوّث) المساحات والشوارع بالزحام والكدر البيئي و إغلاق الشوارع بالبائعين المفترشين الأرصفة و جانبي الشارع، وتحوّلت المنطقة كلها من قلب السوق العربي إلى كل الأرجاء حتى نهاية محطة السكة الحديد إلى فوضى عارمة لا يستطيع مسؤول حكومي أن يتفقّدها و يعبر بها.. وهي منطقة محررة بالكامل.. محررة من النظام والانضباط وتسودها الفوضى (الخلاقة).. وكلمة (خلاقة) هنا أقصدها بكل معناها وسأكشف لكم في الأيام القادمات كيف هي (خلاقة) وفوضى مقصودة مع سبق الإصرار والترصد.. قرار ولاية الخرطوم نقل الموقف إلى المنطقة الجديدة غرب \"شروني\" يعني عملياً توسيع المناطق المحررة.. لتدخل منطقة الخرطوم (اتنين) الوادعة الهادئة إلى حرم الفوضى الخلاقة ولنشر التلوّث البيئي والسمعي في مكان يفترض أنّه يمثل أحد المناطق السكنية المحفوفة بالطمأنينة.. وأذكر أنّ البروفيسور محمد عبد الله الريح قاد قبل عدة سنوات حملة إعلامية لتحويل هذه المنطقة إلى مساحة خضراء و منع تشييد أبراج سكنية فيها.. باعتبار أنّها أصلاً محتلة بعدد كبير من الأشجار المعمرة.. فكيف الآن وإذا بها مهددة بأن تتحول إلى منطقة محررة.. تنتشر فيها مئات الطبالي والمفترشين الأرض يبيعون الخبز والخضار على قارعة التراب وتحت الأرجل المعفرة بالغبار.. يا حكومة الخرطومالجديدة.. بالله عليكم (ختوا) الكرة في الأرض.. و(اخدوا نفس).. وفكروا قبل أن تعيدوا إنتاج الخطأ الذي أنكر تهمته الكودة وأكّده مدير أمن الولاية –آنئذ-.. لا تضيفوا هذه المنطقة الجميلة.. إلى المناطق المحررة.. التيار