[email protected] الفقر سيبقى المشكلة المستعصية والمعقدة لعقود قادمة ولا يخفى على الجميع دوره الكبير وخطورته في تأخر المجتمعات وتدهورها وانهيارها. سيتساءل البعض: لماذا اندثرت بعض القيم السودانية؟ لماذا قل التواصل بين الأرحام؟ لماذا تفشت الأمية والجهل في الجيل الجديد؟ لماذا صارت الأسر السودانية محرومة من أبسط مقومات الحياة؟ لماذا انتشرت الأمراض الجسدية والعقلية والنفسية؟ لماذا شاع القلق الاجتماعي عن اللحظة القادمة ناهيك عن الغد؟ لماذا كثرت العنوسة بين الفتيات وشاعت الفاحشة في المجتمع؟ كل هذه الأسئلة لها اجابة واحدة (الفقر). أهم منابع الفقر هو تكدس الثروات غير المشروعة لدى فئة خاصة من الناس تثرى على حساب العامة، وباستقرائنا للواقع السوداني نجد أن هذا المنبع متجذر إلى الحد البعيد، وهذا يزرع الحقد والكراهية في نفوس المحرومين من الفئة الثانية. وما (وجدت نعمة موفورة إلا وإلى جانبها حق مضيّع). شبح الحاجة والعوز يطرق أبواب الأسر السودانية كل صباح هذا إن لم يكن زائرهم في الأحلام أيضاً والسبب عقم النظام الاقتصادي وانتشار الفساد وتذيل السودان للدول الأكثر فساداً (اللهم لا حسد) فالدولة تقع على عاتقها مسؤولية تحسين الأحوال المعيشية للمواطن كحق أساس، وهذا لا يتأتى الا بالتوزيع العادل للثروة ولكن حالنا يعكس غير ذلك، هناك تجهيل للوضع الاقتصادي السيئ من قبل الدولة بالرغم من إحساس المواطن به في حياته اليومية، ويتضح هذا السوء جلياً في التلاعب بالأسواق نتيجة الاستئثار والاستغلال التي هي من الآثار السيئة لغريزة الطمع، وزيادة الأسعار كل صباح، لعدم وجود رقابة على التجار، وأيضاً ثراء أعضاء الدولة غير الشرعي وانتشار الرشوة بين المنتسبين للدوائر الحكومية فلا معاملة تنجز الا من تحت طاولة، وراينا البعض يمتلك سيارة توازي راتبه اضعاف واضعاف، ويمتلك بيتاً ومشروعاً صغيراً وكل هذا من الراتب!! هناك ظلم اجتماعي واضح جعل الكفاءات السودانية تهاجر، مما قلل من فرص التنمية. هناك عدم وعي حقوقي للمواطن السوداني مما جعل الجميع يسلبه أبسط حقوقه التي كفلها له الله عز وجل. هناك تغييب ثقافي جعل الجيل الحالي أكثر اهتماماً بالأمور السطحية وأكثر بعداً عن التفكير في أوضاعه الآنية والمستقبلية. هناك دموع في العين وألم في القلب وحسرة في الدواخل لحال وطني السودان.