عام2011 وتذكرة اللا عودة ! محمد عبد الله برقاوي.. [email protected] يوم أمس انتشرت رسالة قصيرة تناقلها الناس عبر الهواتف المتحركة ، ومصدرها مجهول ، حينما تقرأها ، تعتقد انها فعلا من صديقك الذي تعرفت على رقمه المرسل من خلاله الرسالة التي تقول! غدا ساسافر في رحلة ربما لن اعود منها ، وقد اعددت تذكرتي على الطائرة التي ستقلع مساء عند منتصف الليل تماما ، فأرجو أن تسامحني قبل الوداع، ان كنت اخطأت في حقك ! فتكون المفاجئة انها ليست من صديقك الذي تعلم أنه لا ينوي السفر ، وانما هي بتوقيع عام 2011 الذي يلفظ ساعاته الأخيرة! فلنقلّب في كشف حسابات ذلك العام و المثقل بأحداث جسام . تلونت سطورها بين المحلي عندنا في الأحداث السودانية المتجددة اللهيب وفيها كل غريب ! وبين الأقليمي الذي تمثل في ثورات الربيع العربي والذي لم يكن يخطر على خيال سكان التيجاني الماحي ، ان نسماته التي كانت ساكنة خلف صقيع الخوف والرجفة من كسر حاجزه ، ستتحول بشرارة جسد البوعزيزى الى ريح صرصر عاتية ، تكنس جبال انظمة لطالما أرسى لها سدنتها أوتاد الترهيب الأمني والتمكين الاقتصادي ، والهيمنة السياسية ، وزرعوا في نفوس شعوبهم شجرة الاحباط التي تتدلى منها سياط الوعيد ، لمن تسول له نفسه بنطق كلمة ( بغم )! هو عام فريد في مساحات بعينها ولكنه شبه أطرش في جهات أخرى ! مثل سوداننا الذي ظل شعبه ربما يسمع ويتطارش ، مايجري حوله ، وحتى تحت أقدامه ! نزفت في عام 2011 جراحاتنا التي لم تبرأ وما فتئت الانقاذ تتعمد تجديد لهيبها في أطراف البلاد لتشغل عقل أهل المركز وثقل الوعي لتغييبه بنظرية المؤامرة والاستهداف التي ما عادت تحرك مشاعر أحد ، وباتت مثل كلمة ( بحبك ) في الافلام العربية ! وفي عامنا الذي يعد حقيبة سفره لرحلته بتذكرة رحلة اللاعودة ، تشكلت وبعد خراج الروح حكومة تمثل الهواء الذي أنجبته زوجة المسطول حينما جاءته الممرضة وهو ينتظر منها في سيارته خارج المستشفي خبرا سارا ، فابلغته ،أن حمل زوجته كان كاذبا ، وأن بطنها افرغت هواء ليس الا ، فضحك حتي سالت دموعه ، وقال للممرضة ، طيب كويس ، أعطونا ذلك الهواء لنعبيء به اطارات السيارة التي أفرغتها مشاوير المراجعة لمتابعة ذلك الحمل مع الأطباء الذين فات عليهم اكتشافه كيف لا أدري! يلوّح ذلك العام بيد الوداع، و قد سبقه الدكتور خليل ابراهيم منسحبا وملوحا هو الآخر بقبعته العسكرية مترجلا عن ساحة الوغي ، مغدورا داخل وطنه الذي عاد ليدفن فيه ، وكأنه كان على موعد مع صديقه القذافي الذي تقدمه الى رحاب الله ! ثم ذهب كم ايل ، زعيم النظام المحنط في كوريا الشمالية ، بعد ان رسّخ مجددا لمبدأ ملكية الحكم الاشتراكي ، مورثا ابنه الأصغر ، ومافيش حد أحق من حد! وينسحب مثلهمها الجيش الأمريكي ، ولكن ليس من الدنيا وانما من ارض العراق التي زرع فيها نبتة ديقراطية تحاصرها نجيلة الفتن الطائفية و الاضطراب الأمني والتمدد الايراني ، التي تحجب عنها الهواء وتستأثر بمياه سقياها ! ومن بوابة تلك الديمقراطية التي فتحتها رياح الربيع على مصارعها ، تسلل الأخوان المسلمون في عدة اماكن من الاقليم من فتحات الصناديق ليحققوا حلما كان أضغاثا مستحيلة التحقق حتي في قرارة أنفسهم قبل الآخرين ! تلك سطور تمثل نطرات صغيرة ومتباعدة ، من بحر ذلك العام الذي اندلق في مجرى التاريخ ، وهو يهم بحمل مجراه جافا ليخلف لنا ذلك السيل ، الذي سيكون ثقيلا علينا ، مثلما سيكون على خلفه ، عام 2012 الذي يقف عند البوابة مستأذنا للدخول ! وغدا أن أمد الله في الساعات ، نشهد سنة جديدة في عمر استقلالنا الكسيح وهو يطل علينا عبر كرسيه المتحرك الذي ظل يراوح مكانه فيه ، فباي عيد ستقلال نحتفل ياترى ! وعلى المستوى الخاص تمر علىّ ذكرى عزيزة استميحكم عذرا للتوقف عندها قليلا في مقال الفاتح من العام الضيف باذن الله، لانني أري في تناولها ملامسة لوجدان مشاعر الملايين منكم الذين يكنون لشريكات هموم الحياة ، حبا ، قد لايجدون وسائل التعبير عنه ، فيكون الشاعر والكاتب ناطقا رسميا باسمهم . وكل عام والجميع بخير .وجعله الله فاتحة بشريات على وطننا وعالمنا المضطرب . انه المستعان.. وهو من وراء القصد.