أيام المأفون جعفر النميري صدح صديقنا الشاعر محمد طه القدال بقصيدة رائعة وصفت حال التبعية والطفيلية في ذلك الزمان ، وجاء فيها " نهبوها وقعدوا بالسرقة الواضحة ، وفساد الذمة مفضوحة وفاضحة ، بالبنك الدولي وبنوكاً شاطحة " . ومرت عقود وعقود علي القصيدة وها نحن في زمن النهب المصلّح بالألوان الطبيعية ، ولما كادت مركب الإنقاذ أن تغرق هتف السدنة لا للتمكين في الخدمة المدنية . لا للتمكين لن يصدقها أي مسكين وعلي رأس هذه الخدمة المدنية بعض الفاقد التربوي ومن تم تعيينهم عن طريق العقود الخاصة . ولا للتمكين كلام في الهواء وخريج شريعة يعمل مدير مالي في هيئة حكومية هامة بشهادة المراجع العام . ولا للتمكين تعتبر أي كلام وهنالك 300 ألف مفصول بشهادة لجنة المفصولين رمت بهم الإنقاذ في الشارع بحجة الصالح العام . ولا للتمكين تندرج في بند الكلام الفارغ لأن بند المرتبات في ميزانية هذا العام ليس في جنيه واحد لأي وظيفة جديدة . ولا للتمكين لا يمكن تطبيقها والخدمة المدنية صارت جزر معزولة وامبراطوريات مالية حيث نثرية مكتب المدير تعادل أربعة أضعاف المرتب الشهري . ولا للتمكين حقنة تخدير للراي العام الذي اندهش من تصريحات كمال عبيد التي منعت الحقنة عن أي حنوبي بعد الانفصال . ولا للتمكين كلام في الزمن الضائع بعد أن انتهت جولة مباحثات البترول بالضربة القاضية الفنية . ولا للتمكين لا وجود لها مع تجنيب الأموال والحوافز والحسابات الخاصة داخل المؤسسات العامة . ولا للتمكين أسطورة لا يمكن تصديقها لأن موظفاً صغيراً في كاجو كاجي يمكن أن (يكسّر) قرار جمهوري وإليكم القصة . زميلنا بالميدان حسن وراق وقع في كمين رادار المرور بالحصاحيصا بسبب السرعة الزائدة ، ففرضت عليه شرطة المرور هنالك غرامة قدرها 50 جنيه فرفض إيصالهم وطالب بأورنيك 15 بحسب قرارت رئيس الجمهورية . ساقوه إلي محكمة المرور بوادمدني ، وسمع القاضي مرافعته ثم قال له ما معناه أن قرار الرئيس لم يصل ناس المرور . وغرمته المحكمة 50 جنيه بإيصال قضائي وليس أورنيك 15 ، وكلها أموال لا تدخل الخزينة العامة . وخسر حسن وراق وقته وبنزينه وكادت أم العيال أن تطلقه لأنه جري وراء قرار جمهوري لا وجود له وهيبة دولة ضاعت في خضم النهب الطفيلي . لا للتمكين .. بعد إيه جيت تقول ، بعدما فصلت الجنوب ونهبت البترول . و 15 جنيه صحن الفول في مطاعم السدنة يا حضرة الصول !! الميدان