هناك فرق في محو الأمية ..! منى أبو زيد برنامج الأغذية العالمي وصف ارتفاع الأسعار وأزمة الغذاء ب «التسونامي الصامت» فأعادت معظم الدول خططها لمواجهة مهددات أمنها الغذائي، وكلما ناقش العالم أمنه الغذائي أتى ذكر السودان بوصفه سلة غدائه ..! صحيفة اللوموند ديبلوماتيك الفرنسية ناقشت في تحقيق تصدر نشرتها العربية - قبل فترة - أحلام الاكتفاء الغذائي الذاتي في السعودية باعتبارها من أكبر الدول المستوردة للغذاء .. وعندما تساءلت الصحيفة عن مصر والسودان كأرض أحلام مرشحة بامتياز لتحقيق الاكتفاء الغذائي في السعودية، جاء التحليل السعودي نافياً للفكرة، والأسباب بحسب الخبراء تتمثل في سلسلة منغصات ومعوقات على أرض الواقع السياسي والاقتصادي للبلدين ..! التفنيد السعودي بدا منطقياً جداً لأنه حدد جملة معوقات موضوعية مثل تواضع البنية التحتية في السودان (الطرق بأنواعها والمواصلات والاتصالات والكهرباء .. إلخ شروط نجاح المشاريع الاقتصادية)، وأشار إلى تحفظات على معظم مواد قانون الاستثمار في السودان وحوادث تعثرها حين التنفيذ، كما وصفت وجهة النظر السعودية طرق الزراعة في السودان بأنها تقليدية، والمزارع السوداني بأنه غير ملم بمهارات التقنية الزراعية .. فضلاً عن عدم الاستقرار السياسي ..! وكله كلام سليم، وتشخيص واقعي لحال الزراعة في بلادنا، وعندما تشير إصبع المستثمر نحو عيوبنا المحلية فنحن لا نملك إلا أن نسلم بوجوب إعادة صياغة واقعنا الاقتصادي بما يكفي لجذب المستثمرين، والاستماتة في خلق الضمانات الكافية لاستمرارهم ..! أما الصين التي بادرت بالاستثمار الزراعي فقط أكدت يوماً أنها لا تشك في كون الزراعة هي بترول السودان الحقيقي، وراهنت عليه في توفير قرابة نصف أمنها الغذائي، يعني قرابة (ثمن) أمن العالم الغذائي باعتبار أن الصين تمثل ربع الإنسانية! .. فهل يعقل أن تكون الأمية الزراعية هي حال المزارع في بلد يعول عليها في تأمين غذاء (ثمن) العالم ..؟! المثل الصيني يقول « لا فن في أن تصير مزارعاً، الفن هو أن تظل كذلك»، لذلك ربما كان على وزارة الزراعة أن تقتدي بفقرة عظيمة في التجربة البريطانية، يعود تاريخها إلى العام (1812م)، المؤسسة الملكية البريطانية كانت تقدم للزراعيين محاضرات ترويجية للكيمياء الزراعية .. المحاضرون علماء كبار والحضور مزارعين وحرفيين! .. بينما شهد السودان بعد مرور قرنين من الزمان على ذلك مغبة اختفاء المدارس الزراعية ..! المزارعين السودانيين ليسوا غير مواكبين لأبسط العلوم والتقنيات الزراعية الحديثة فحسب بل يدخل معظمهم - الذين لا يمتلكون أراض ويحرثون حقول الغير - بحسب تصنيف علمي اقتصادي قاطع أعده برنامج الأغذية العالمية - ضمن أكثر من مليار شخص جائع في العالم ..! الاحداث