المنافقون في الأأرض د عبدالرحيم عبدالحليم [email protected] 1 ربما أراد شاعر منافق يقضي بقية العمر في منفاه البعيد ، أن يكتب شعرا نفاقيا يبتدره بقوله: الله منك يا نفاق يا من جعلتني \"نقناق\" وفي غد سيعلم الصحاب بأنني والله لا أطاق سيزعلون ...يزعلون ...يزعلون ويلعنون يوم أن ولدت يا رفاق ذلك بعد أن زار صاحبنا معهد الدراسات الشرقية بولاية تكساس التي طاب له فيها المقام بين مسارحها وحدائقها ومكتباتها وحاناتها غير عابئ بغربة استطالت ولا عمرا ولى ولا برد يميت الحيتان فأنشدهم في نهاية الملتقى شعرا تكساسيا نفاقيا قال فيه: لله دركمو يا آل تكساس وطاب معشركم يا خيرة الناس تلقون أضيافكم بشرا ومكرمة وتنحرون لهم خيلا وأفراس حاناتكم في الورى حانات من شربوا صفوا ومن سمعوا للكأس أجراس الله سخر لى تكساس منزلة أنسى بها زمنا شندي وكدباس وقد سلوتك يا خرطوم فابتعدي إني هنا أفتدى بالعين والرأس. 2 إن النفاق أمر كريه لدى الخالق سبحانه وتعالى أفرد له سورة كاملة هي سورة المنافقين مرتكزة على الإستراتيجيات الواجب التعامل بها لدرء أخطار المنافقين بعد أن فضح الله تعالى مواقفهم لرسوله ليمحق الله بها محقا المنافقين ويبدد عزمهم ويشتت قواهم ويجعلهم عبرة لمن اعتبر. وفي زمن تردى فيه الذوق العام وضعف إحساس المرء بأخيه وتلاشت مظاهر الحميمية الاجتماعية التي يا طالما أسعدت أهل بلادنا وعمقت من إحساسهم الوجداني بالآخر ، فإ‘نني أقترح على المسئولين إنشاء مفوضية لمكافحة النفاق الذي يكاد أن يفت من عضد المجتمع أسوة بمفوضيات حقوق الإنسان ومكافحة الفساد وبإمكان القائمين على الأمر عدم إظهار هوية هذه المفوضية ودسها دسا بين طيات جهازنا الحكومي المترهل والتظاهر بأنها مفوضية لمكافحة الجراد الصحراوي أو مفوضية\" رتق النسيج الاجتماعي في الأماكن التي يكون بها داعي \"، وربما أرادوا تسميتها تعمية ونفاقا \"مفوضية تعيين القوى المعادية \" أو \"مفوضية ما حك جلدك مثل ظهرك \" حتى يعلم السودانيون قبل فوات الأوان أن هناك شيء إسمه السودان من أغنياته الخالدة الأمان ....الأمان. وربما أراد أهل الحل والعقد إخفاء للمقاصد الحقيقية للمفوضية تسميتها \"مفوضية الذوق العام ..ليكون تمام التمام \". في حالة ملاحظة أى وهن أو تراخي في الأداء العام للدولة فإنه لمن المستحسن تكليف هذه المفوضية بإنشاء قسم فيها بعنوان \"إدارة العقل الناضج لمكافحة حمى السفر إلى الخارج\" برئاسة وزير دولة. 3 يقال نافق ينافق نفاقا ومنافقة ومصدر الكلمة عند بعض اللغويين مأخوذ من النافقاء وهو أحد مخارج اليربوع من جحره ، فإذا طلب من مخرج ، هرب إلى الآخر وخرج منه وقيل هو من النفق وهو السير الذي يستتر فيه .أما النفاق في الشرع كما يخبرنا أهل العلم فهو إظهار الإسلام والخير وإبطان الكفر والشر وسمى كذلك لأن المنافق يدخل في الشرع من باب ويخرج من باب آخر وعلى ذلك نبه الخالق جل وعلا رسوله بقوله \"إن المنافقين هم الفاسقون أى الخارجون من الشرع. إن للنفاق تداعيات إجتماعية خطيرة وهو \"فرّاق حبايب \" كالحساب في إمتحان الشهادة فصديقي المحسي كتب شعرا حزينا إلى حبيبة منافقة إمتصت خيراته وماله لتتزوج من منافس آخر بل ومن قبيلة أخرى فهو القائل: ليه يا حبيب تنافق وأنا أخلصت ليكا ولبستك مطارق وزورتك مسارح وفسحتك حدايق وما خطرت ببالي إنك يوم تنافق ويبقى شريك حياتك من ناسن \"شوايق\" رعاك الله يا وطني من يرابيع الساسة والدين والعلم والفن والذوق العام وأعادك إلى أيامك الحلوة وصرحك المتين.