ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصورة والفيديو.. على أنغام أغنية (حبيب الروح من هواك مجروح) فتاة سودانية تثير ضجة واسعة بتقديمها فواصل من الرقص المثير وهي ترتدي (النقاب)    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    هل رضيت؟    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العنصريه.. محل الرهيفه تنقده
نشر في الراكوبة يوم 17 - 02 - 2012


[email protected]
.
ما يحدث الآن فى الجنوب ، دارفور ، جبال النوبه والنيل الازرق هو نتيجة نظرة اهل الشمال العنصريه المتعاليه نحو الآخرين . ولان البهيقى قد اورد احاديثاً مثل ان الاسود لفرجة ولبطنة . والحديث الآخر ، الاسود اذا جاع سرق واذا شبع زنا . ونسب الحديثين الى ام ايمن والسيده عائشه رضى الله عنها . يحاول الشماليون بكل الطرق ان يخرجوا من تحت عباءه السود . وان يلبسوا هذه العباءه للأخرين . ويمارسون ضدهم ما يمارسه العرب نحو الشماليين .
ولقد قال الفارس عنترة العبسى مدفوعاً بكره العرب للسود ، هاجياً والدته زبيده قائلاً .
والساق منها مثل ساق نعامة
والشعر منها مثل حب الفلفل .
وهجا شاعر عربى آخر قائلاً ،
وامك سوداء مدونه
كأن اناملها الحنطب
يبيت ابوك بها معرساً
كما ساور الهوة الثعلب .
الشماليون قبل الاوربيين مارسوا استعباد الآخرين . فى سنه 1840 بدأ الدنقلاوى خيرى بانشاء الكبانيات او كومبنى او شركه . واستورد السلاح النارى واستعبدوا الآخرين . ولان الدناقله كانت لهم درايه بالابحار فكانوا من اكبر تجار الرقيق . اكبرهم كان ادريس ابتر وشقيقه اسماعيل . وكان يعمل تحت امرة الزبير باشا ثم غدر به . وكان السبب فى موت ابنه سليمان . وهو جد والدتى امينه ابتر . وكان ادريس ابتر حاكماً على جنوب السودان فى التركيه .
كرم الله وشقيقه الكركساوى كانا من اكبر تجار الرقيق فى المهديه . وهنالك حي فى امدرمان وفريق كرة قدم اسمه الكراكسه . وكان ابو قرجه من ا كبر تجار الرقيق وكذلك عثمان دقنه . ما نحتاجه ا لآن هو ان ندفن هذه العقليه ونعيش فى مساواه والا لن يرتاح السودان .
.............................................................................................................
الموضوع ادناه نشر قبل عشر سنوات .....
المسكوت عنه في شأن العنصرية في السودان ..
( 1 )
في يوم الاثنين 28/9/1964 في شارع اسبالينا و في المستشفي و نحن في انتظار الدكتور شرايبر الطبيب المسئول عن الطلبه الاجانب في براغ ، التفت الينا مجموعه من الطلبه السوريين سائلين (الشباب عاراب ؟ ) و عندما لم يرد شقيقي الشنقيطي بالايجاب كان ردهم ( ليش عم تحكو عارابي ؟) .
الاستاذ عبدالله رجب صاحب جريدة الصراحه قال ان التاجر السوري كان يقول لهم في سنجه ( انتو مو عرب ، و ما بتحكو بالفِصحي – بكسر الفاء-).
و بعد اسبوعين من هذا التاريخ قالت مدرسة اللغه الشيكيه في مدينة تبليتسي في شمال بوهيميا مشيره نحونا ( انتم عرب ) فاصلحت خطأها و وافق شقيقي الشنقيطي فاستغربت لان السودانيين الذين كانوا قبلنا كانوا يقولون انهم عرب ، منهم محمود جمعه المليجي و عبدالله زاويه شقيق عبداللطيف عباس الملاكم المشهور و الذي كان يحمل علم السودان في الاولمبيات . و حفيد الزبير باشا و يوسف بطرس و وداعه محمد يوسف من المورده و حتي ارصد حمد الملك الدنقلاوي كانوا يقولون انهم عرب .و احتج اصدقائنا اليمنيون منهم يحي الوزير و الجرموزي و شرف الدين الصايدي السفير الحالي و احمد الجبلي وزير الزراعه الحالي و اخرين . انا لم يكن عندي اي شك في افريقيتي منذ صغري و عندما يحسب البعض مثل الرجل العلامه الدكتور عبدالله علي ابراهيم الذي نحترم علمه و فهمه يتكلم عن النيقروفوبيا او هوس الزنجيه . انا افضل ان اكون مهووسا بالحقيقه و هي انني زنجي افريقي من ان اصاب بالوهم والخيال في انني عربي .
الكاتب المبدع محمد محمد خير المتمكن من مادته يقول:
أنا لست من مواليد جوبا وليس لي حبوبة دينكاوية ولم أنشأ في الكمبو من مواليد مروي ولي جدة مشلخة الى خلف اوداجها وولدت ميلاداً شهدت عليه أفواف النخيل وأحس انني عربي وأعتز بعروبتي وأدافع عن لساني وأحاول تحسين مضابط الضاد فيه وأطرب لكل سلم موسيقي عربي. وانا سوداني إذا زاد النيل قطرة تزيد دموعي فرحة فهل لي مكان في السودان الجديد، أم انه يطردني لأنني لست من مواليد جوبا
يفتخر بشلوخ جدته .و اختي فاطمه ابراهيم بدري كانت مشلخه عارض و الغريب ان زوجة والدي منقله عمر مرجان ابنة السلطان عمر مرجان من بحر الغزال كانت كذلك مشلخه عارض فالسلطان مرجان و الذي بايع المهدي و تغير اسمه من نقور الي مرجان كان مسلما و حفيدته منقلا والدة عمر ابراهيم بدري .
و نحن احفاد الشماليات الذين شلخوا و خفضوا فرعونيا و دقت شلاليفهم او وشمت شفاههم بالكحل و الابر . و عادة وشم الشفاه كانت موجوده في امدرمان الي فتره قريبه . و هي عمليه مؤلمه يغنون فيها للبنات ( دقولا ست الناس ، دقولا ست ابوها ، دقولا ما بتبكي ) . اليس من الغريب ان شخص في ذكاء محمد محمد خير او في علم الدكتور عبدالله علي ابراهيم يمكن ان يعيش الوهم انه عربي و جدته او امه مخفوضه فرعونيا و مشلخه و شلوفتها مدقوقه !! هل هناك اي دليل اكبر من هذا علي افريقيتنا . اذا كان علمائنا و كتابنا يعيشون هذا الوهم فما الغرابه في ان الجنجويد يذبحون اشقائنا و يغتصبون شقيقاتنا و بناتنا في دارفور . ما هو شعور محمد محمد خير اذا اغتصب الدينكا بنات مروي ، الدامر، شندي و كبوشيه .
لقد شاهدت مذيعة التلفزيون السوداني تبكي عندما عرضوا صورة جثمان الدكتور الرنتيسي زعيم حماس . و لا احد يبكي علي ضحايا مذابح الضعين و اطفال الجنوب الذين اكلتهم الجوارح و هم ما زالوا علي قيد الحياة . فلنتالم لالم الفلسطينيين و لكن( الما كفا البيت حرم علي الجيران) .فلنذرف دموعنا علي اشقائنا في الاول و ما بقي من الدمع سنجود به علي الاخرين .
لاكثر من اربعين سنه تحدثت و كتبت عن افريقيتي . الاهداء في روايتي الحنق التي كتبتها و انا في الثامنه عشر من عمري كان ( الي مليكي شاكا ......الي دمائي الافريقيه الفائره ، الي عنصري الزنجي الاقوي .... الي شقيقتي انجيلا ديفس ) . نحن لا نمتطي الموجه الان تزلفا او تقربا لقرنق . لقد واجهنا الاستخفاف و السخريه و الاستفزاز في بعض الاوقات . و الغمز و اللمز و الوصف بالجنون . و لو لم تكن لي مقدره علي المواجهه ، و ان من يحاول سيدفع الثمن لتعرضت للضرب . و يسعدني اليوم ان ابنائنا مثل فرح و دينق و عاطف عبدالله و طناش و بكري الجاك و بشاشه و كمال عباس و كثيرون قد حملوا الرايه . و المفهوم بالسودان الجديد هو السودان الذي يقبل بالجميع و من يريد ان يصير عربيا او صينيا او ارنئوطيا فذلك خياره . و لكن لن نسمح بان يستعبد بعضنا الاخرين او ان يستغلوهم او يفرقوهم او يضطهدوهم لانهم ارنئوط .
العاوز يلبس طاقية العرب بخيت و سعيد عليه ، بس طاقيتنا لو هبشته منها خيت ما بنخليك . و البجر خيشك بتجر حريره.
اليوم في هذه اللحظه هنالك سودانيون مستعبدون في اماكن في السودان . و في اي لحظه يشتم البعض و يحتقروا لانهم غرابه او لانهم جنوبيين . في سنة 1997 قال لي الاخ السر قدور الذي لا يحتاج الي تعريف ردا علي مقالاتي حكاوي امدرمان التي نشرت في جريدة الخرطوم قبل ان تطبع في كتاب (لكن يا شوقي امدرمان الانته بتعرفا دي ما راحت . اسي امدرمان ما اتملت عبيد و غرابه ) . فقلت له ( طيب ، انا اهلي و اهلك ما جو من الشماليه ، امدرمان دي ما حقت كل زول ) . فنظر الي ليتأكد من انني لا امزح و عندما واجه نظرتي الغاضبه تحدث عن امدرمان زمان و اهلها .
السر قدور بدأ كفراش في نادي حي البوسته و لكن لانه من الوسط فلقد ساعده ذكائه و المعيته ان يصير رمزا كبيرا في وجدان الشعب السوداني . صديقي الذي احبه و اعزه ابن امدرمان معتصم قرشي قال لي قبل بضع سنوات في التلفون ( يا شوقي الدنيا اتغيرت ، بنات البلد الصفر ديك بقيت تلقاهم قاعدين في سوق الناقه مع اولاد الغرب ) فقلت له ( ده شئ جميل ، معناها الناس فتحت و في وعي و تداخل) .
سنه 1995 و انا في طريقي لمقابلة والدتي و شقيقاتي و ابنائهم في القاهره طلب مني الاخ حسين المحسي ان اوصل ابنه الذي كان في الثامنه عشر الي اهله في القاهره . و عندما تحدثت الي الابن بالسودانيه لم يفهم شيئا فقال والده ( ده بتكلم محسي و دنماركي بس ) . الاخ حسين المحسي هو صاحب الكفتيريا الكبيره في شارع الحريه .
السنه الماضيه اتصل بي حسين و معه احد اقربائه و اسمه عكاشه ادريس طالبين مني ان اوصلهم الي شركه سويديه تبيع معدات كاتربيلر المستعمله . فاعتذرت لان السودانيين عادة غير جادين و يحرجوننا مع السويديين فقال عكاشه ادريس ( انا عندي اوناش و معدات كتربيلر شغاله في الرنك اسي دي) . فمس كلامه فؤادي لان الرنك هي مكان ميلاد شقيقي و شقيقتي الكبار و عاصمة اهلي الدينكا ابلانق. فقلت له ( يعني معناها بتعرف اخوي الناظر يوسف نقور- ولدي القدامي ده اسمه فقوق نقور- ) فضحك باستخفاف و كانني مجنون و قال ( ما قالوا لي انته من ناس بدري ، شنو البلمك مع العبيد ديل ) . فاوضحت له انه من قلة الادب ان يضحك و يسخر من اسم شقيقي المتوفي و هو كمحسي يجب ان لا يكون عنده شعور استعلائي و المحس و الدناقله يحملون اسماء مثل سوركتي و ساتي و نقد و هذه اسماء ليست عربيه .
الاخ حسين يروي باستمرار كيف انه في اول يوم ينزل الي بيروت ان التفت سائق التاكسي نحوه قائلا ( فين بدك تروح يا عبد ) و رد حسين المحسي الذي يعتبر نفسه اصفرا او ابيضا ( خلي عندك الفاظ) و الرد كان ( ليش ، انته مو عابيد؟) . و هذا الذي سيواجهه الدكتور عبدالله علي ابراهيم و الصحفي الهميم محمد محمد خير حفيد ام شلوخ . و نصيحتي له ان يحمل معه صوره فوتغرافيه لجدته حتي يثبت نسبه العربي.
ابنتي نضيفه تدرس الان في ميامي و هي في الثامنه عشر من عمرها و في يوم من الايام سالتني والدتها السويديه عندما كانت البنت في الثانيه من عمرها هل اسم نضيفه هذا يطلق فقط علي الرقيق في السودان و هل نضيفه التي شاهدتها في السودان من الرقيق ؟ فلقد ذكر لها احد السخفاء ان هذا الاسم يطلق علي الاماء .
لقد قال لي احد السخفاء ( كيف تسمي للمره السويديه الجميله دي بتها نضيفه ؟ ده اسم خدم .) و اظن ان الرجل الي الان ندمان علي ما قال .ففي هذه الاشياء لا يمكن المجامله او الغفران .
بعد وفاة يوسف بدري الكبير صارت فضل الموجود و صافيات و ابنائهم يسكنون عند ابراهيم بدري و نضيفه عبدالله هي ابنة فضل الموجود . و عندما افتخر اقول ( انا اخو نضيفه ) . و كما كنت اخشي الشنقيطي و لا اجرؤ علي معارضته بالرغم من انه يكبرني بسنتين فقط الا ان الشنقيطي كذلك كان لا يجرؤ علي التطاول علي نضيفه . و كل ما افكر في تصرف اظن انه سيغضب نضيفه اتراجع ، الا ان المجتمع و الذين يحملون افكار الصحفي و الدكتور ينظرون الي العظماء مثل نضيفه بعين الاحتقار . و انا صغير عندما كان يلم بي حلم مزعج لا اذهب الي سرير والدتي و لكن حضن شقيقتي الكبري نضيفه و هذا هو حال الاخرين من اخوتي و شقيقاتي و اكثرهم التصاقا بنضيفه كان شقيقي محمد سعيد العباسي (اسعد) و قبل ثلاث سنوات قامت زوجة اسعد التي اتي بها من الاقاليم في شمال السودان بطرد نضيفه من منزل الاسره في امدرمان فبالنسبه لها نضيفه لا تعدو كونها خادم و يجب ان تعامل كالخدم . و في يوم ممطر و علي ظهر بوكسي مكشوف تذهب نضيفه لاختي الهام في الخرطوم اتنين . و اخفي الامر عني الي ان وجدت نضيفه من كتب لي رساله . تقول فيها ان الداعيه الاسلامي محمد سعيد ابراهيم بدري و زوجته قد طردوها من المنزل .
نضيفه قد عادت الي المنزل و لكن انا قد دفنت احد اشقائي بالرغم من ان شقيقاتي قد قلن ان اسعد مسكين و بسمع كلام مرته .....الخ .و انا في السابعه من عمري ماتت فضل الموجود و كنت اعرف انها عمتي او اخت ابراهيم بدري . و كنا وقتها نسكن في حي الملازمين جنوب السوق مباشره . فاتي شخص يعمل كخادم ليسالني عن الميت علي صوت البكاء والنواح . فقلت له ان عمتي قد ماتت . و بعد فتره اتت بعض النسوه و قابلتهم امراه خارجه من دارنا و قالت لهم ( هي ارجعن ، الماتت دي خادم ) فقلن ( هي العب المجنون مل قال لينا اخت ابراهيم بدري ).
في احدي الاجازات ذهبنا لزيارة عمتنا زينب موسي شقيقة الساره موسي والدة قاسم بدري و هي كذلك امرأه صفراء مشلخه . فلامت زينب موسي والدتي لعدم زيارتها فقالت والدتي انها مشغوله . فقالت زينب موسي ( مشغوله كيفن ، انتي ما عندك الفرخه في البيت ) فاكتفيت بان نظرت اليها نظره خاصه و خرجت من دارها و انتظرت والدتي في الخارج . و تجنبت بعدها ان اقابل زينب موسي رحمة الله عليها .
موسي خالد كان رباطابيا ضخم الجسم ، كان من اللذين يصطادون العبيد في جنوب السودان . فليس من الغريب ان تكون ابنته تفكر بهذه الطريقه .سمعت ان موسي خالد ضرب احد العبيد بمركوبه المنقل علي راسه فوقع المسكين ميتا . و عندما صار له متجرا في الدكان الذي في ركن منزل عبدالكريم بدري غرب السينما الوطنيه ان اتته بنت صغيره من اصل جنوبي و هي شقيقة حواء ادم اول مساعدة حكيم سودانيه و قدمت له كوريه قائله ( الحكيمه قالت ليك ادينا سمن بقرشين ) فطوح جدنا الرباطابي الصميم البطل صائد الرقيق بالكوره قائلا ( سمن بقرشين يا خادم يا غلفاء ، انتو لمن تاكلوا سمن نحنه ناكل شنو ؟. امشي يا خادم اشتري ليك زيت بملينتين.) .
شقيقتي ليمياء ابراهيم بدري التي تحاضر الان في الاحفاد . كانت تشارك طالبه كويتيه السكن في بريطانيا . و في احدي الايام حضرت بنت الساده الكويتيين مخموره و اوصلها مسكنها اثنين من الزنوج الامريكان السود .فقامت شقيقتي بغسل وجه البنت بفوطه مبلوله لازالة المكياج . و تكررت هذه العمليه عدة مرات . و صار عندما اهل البنت يتصلون هاتفيا، تقول شقيقتي انها نائمه او في الحمام و الكويتيه تطارد الفاكهه المحرمه (الرجل الاسود) . و شقيقتي ليمياء بطيبة السودانيات تغسل لها وجهها و تزيل المكياج ، و احست ابنة الساده ان شقيقتي تتشرف بخدمتها فقالت لها في احدي المرات و هن ذاهبات الي الكليه بكل عفويه ( يللا يا فرخه ) و عندما غضبت ليمياء بدري قالت الكويتيه ان فرخه في الكويت تعني صديقه . فافهمتها ليمياء ان الكلمه تستعمل في السودان ، و افترق طريقهن لان شقيقتي لم تقبل ان تصف بالفرخه .
كنا كالعاده نقضي الاجازه في منزلنا في شارع جسترفيلدهيل رقم عشره في ميفير بلندن و في بداية الثمانينات رفضت نضيفه الحضور قائله (ولدي عيان ) و كانت تقصد مختار ابراهيم بدري الذي كان يعاني من الازمه الحاده . و منذ ان ولد مختار بعد وفاة والدي كان هو الابن المدلل لنضيفه . و بعد ان تزوج مختار بابنة احد شيوخ انصار السنه صارت هي المتحكمه في المنزل . و قررت نزع البلاط من الحوش و نثر رمل كما في منزل والدها في شمال السودان . و عندما احتجت نضيفه لم تفهم ابنة الساده كيف تتحكم الخادم في البيت .
و اخيرا وافقت نضيفه علي مضض لان الرمل يمتلئ ببراز القطط و طلبت من مختار ان يحتفظ بالبلاط حتي يعيدوا وضعه مره اخري ، فقال مختار بكل صفاقه و بمساخة الرباطاب ( بعد ما نطلعوا حندخلوا ليك الفريزر) .
هل هذه طريقة للتعامل مع والد او والده . مختار قد انتقل الي منزلنا في في المقرن الذي كانت تستاجره المؤسسه العامه للبترول و يسكن في جزء بسيط و هنالك حوالي عشرين غرفه مؤجره . و بالرغم من انني قد تنازلت عن حقي في الميراث لشقيقتي نضيفه الا ان حقها لا يصلها فزوجات اشقائي لا يفهمن كيف يصير للخادم حق .
و حتي عندما ارسل حر مالي لا يصل نظيفه حقها كاملا و بعض الخالات و الجارات و الاهل يقلن ( نضيفه ما خادم ، يدوها ليه ! ) . الي ان قلت علي رؤوس الاشهاد ( انا لست ملزم باي شخص سوي امي و اختي نضيفه ، و اذا لم يصل اختي حقها فلن ارسل لاي انسان ) .
في بداية الثمنينات و خاصه بعد الحرب في 83 حاولت ان اتي بوالدتي منقلا من رمبيك . و لان اخي عمر كان قد صار مدمنا للخمر فكل الذين اتي بهم و اخذوا نقودا لاحضار والدتي اختفوا ، ثم حضر ابن خالته بيتر الذي كان يعمل في شيفرون و هو شخص مسئول . و اقترح الاتصال بقريبهم الحاج اوتر و هو شخص متدين الا ان اوتر خذلني كذلك . فلقد قال لي انه في طريقه للحج و في عودته سيحضر والدتي . الا انه توفي في الحج .
و بعد جهد احضرت والدتي . و بالرغم ان اي انسان لم يجروء علي مواجهتي الا ان البعض كان يقول ( شوقي ده ، يجيب الخادم دي يسكنها مع امه ، جنا !!) و كنت انا اقول قبل ان يتزوج والدي امي كانت منقلا زوجته . و منقلا بت السلطان و ابراهيم بدري جده تربال ما فكه الخط ، اهله الرباطاب شردوا من الجوع و الجرب في الشماليه . بابكر بدري كتب في مذكراته انه من شدة ما كان بجوعوا كان اخوهم موسي الكبير بجيب الصمغ في ثوبه ، امه بتصوتو مع شوية الدقيق العندهم و بسوهو مديده . و هو طفل صغير كان من الجوع يمص الصمغ البكون لاصق في ثوب اخوه .
عندما اخذ والدتي منقلا الي بنت خالتها والدة مريم النجومي كابتن فريق الباسكت بول . كانت توقفني عند الاسكله و تذكر لي كيف كانت تحضر في الدرجه الاولي بالباخره من الجنوب و ينزلون في الاسكلا ثم تتوجه الي منزلها الضخم و هو اول منزل في شارع العرضه بعد تقاطع شارع الاربعين .
و قبل ان اترك السودان قررت ان تتقاضي مبلغ 300 جنيه شهريا من مكتبي في شارع واحد الذي يلاصق فندق الارز . الا انه بعد سفري و تاكد ابن عمتي المدير المالي و بقيه الاهل انني لا استطيع الرجوع لم تكن والدتي تستلم مرتبها .فهي قبل كل شئ خادم .
قبل سنين حضرت اسره لالحاق ابنهم بمدرسة الاحفاد للاساس فاخبرتهم شقيقتي الهام بدري بانه لا توجد اماكن شاغره . فقالت والدة الطفل (نحنه ساكنين جنبكم هنا في زقاق خلف الله . بتعرفي زقاق خلف الله ؟ ) . فقالت الهام ( خلف الله ده اخوي ) . خلف الله هو خلف الله ود صافيات . خلق لنفسه اسما في امدرمان و عرف الزقاق بزقاق خلف الله بالرغم من ان موسي راس حربه المخنجي و البلطجي كان يسكن في هذا الزقاق . خلف الله بدأ صفر اليدين و ارتبط اسمه بالقنيص و كانت له لواري و كان نديم والدنا عمر البنا و الشيخ تاتاي و كل كبار رجال القنيص.
جدتي كانت تحب فضل الله شقيق اختي نضيفه و خلف الله جدا. و قامت بادخالهم المدرسه و ثار الجميع ضدها قائلين ان المدرسه بتخرب العبيد و ببقوا قليلين ادب . فاضطرت جدتي لاخراجهم من المدرسه و بالرغم من هذا كان خلف الله مبرا جدا بجدتي و لا يعص لها امرا و يحبها و عندما يكون مسافرا تفتقده كثيرا . و تخرج سكينه التي كانت قد صادرتها و تقلبها و تحتضنها . و في احدي المرات اشتبك خلف الله في مشاده مع احد تجار امدرمان و بعد انصراف خلف الله قال ابن العرب التاجر ( العب ابن ال......) فقال له الشيخ تاتاي ( العب ده احسن منك، و ارجل منك ، و لو كترته كلامك يقطعك و يقسمك لحم لجيرانك الهنود ديل ) . في احدي المعارك استل خلف الله سكينه و لم يكن هنالك طريقه لايقافه الا ان بعد ان داسوه بسياره . خلف الله ترك من زوجته فضيله اربعه من الابناء و هم محمد،مدثر، مصطفي و ابنته سميه .
هناك الكثير من المنبتين او من بقايا الرق الذين شقوا طريقهم في امدرمان و خلقوا لنفسهم اسما . بالرغم من ان كل الظروف و البشر كانوا ضدهم .
صديقي و زميل دربي و ابن عمتي عثمان عبدالمجيد علي طه و هو الوحيد من ال بدري الذي ربطتني به صداقه في صغري عمل في مصنع المؤسسه الغذائيه في بحر الغزال . و لقد عرف كل حياته بجيمس و هذا الاسم اطلقه عليه جاره و ابن خالته ابوقرجه كنتباي ابوقرجه تأثرا بافلام سينما العرضه في الخمسينات . ثم نقل الي المصنع في كريمه . و تعرف هنالك بتاجر شايقي و احتاج التاجر لخدمه في الخرطوم فارسله عثمان الي شقيقه الاصغر مامون الذي كان ضابطا في الجيش . و الذي ساعد التاجر مساعده عظيمه .
طه هو صاحب العماره طه البلده بالقرب من الحصاحيصا و هؤلاء جعليون لا يخالطهم ادني شك بان العباس جدهم . و منهم الضابط الكبير عبدالرزاق علي طه و وزير المعارف الاول و مؤسس بخت الرضا عبدالرحمن علي طه . و عبدالمجيد علي طه والد عثمان هو اول سوداني يصل الي رتبة ميجر و عرف بالبطوله و لقب بالهرماس . و عبدالحليم علي طه و بابكر عبدالمجيد علي طه هو اول الدفعه العاشره في الكليه الحربيه التي حكمت في ايام مايو .
و شاهد عثمان (جيمس ) فتاة جميله فاتحة اللون . و عندما عرف انها ابنة اخ صديقه التاجر تقدم لخطبتها . و عثمان كان مسكونا منذ صغره بفكرة الزواج من بت بيضاء لانه ( اخضر ) . فثار عم البنت و هدد بقطع راس عثمان عبدالمجيد لانه عبد يتجرأ علي شرف الشايقيه و ان اسمه جيمس . و انه قد قابل اخوه العبد الضابط الذي هو اكثر منه سوادا .
و حضر وفد للتأكد من مزاعم العبد و قابلوا يوسف بدري و تاكدوا انه ابن اخته ام سلمه ( غير الشقيقه ) . و ذهبوا للعماره طه . و قال احد شيوخهم لعم البنت ( تقول لينا الود عبد ، ده طلع احر منك ) .
لجيمس الان مجموعه من الاولاد من تلك البنت .و جيمس كان يقول ( بلاهي شوف ديل ، انا مولود في بيت بالطوب الاحمر و الاسمنت في شارع العرضه ، عم البت دي مولود في بيت مزروق بالشوك و برضوا ما راضين بي !) .
اليس هذا شئ مخجل يحدث في مجتمعنا .
عندما حضرب لبراغ قابلت زميل اسمه عابدين . فقال لي حسين علي ساخرا و هو جعلي من المحميه والده تاجر عيش في كسلا ( ده ما اخو المحامي الجده خميس في القضارف ) . و عرفت ان شقيق عابدين كان قد تقدم لفتاة الا ان احد اهل العروس قال لهم ( كدي ربعوا الاسم ). و عندما عرف انه خميس صار الزواج في حكم اللاغي .
شقيق عابدين الضابط صلاح الجنتلمان الذي حاز علي حب و احترام الجميع كان من الدفعه العاشره . اقترح علي احد زملائه عندما كانوا في معسكر جبيت فكرة الزواج بشقيقة زوجته . فجمع صديقه كل الضباط في حفل ثم عرض عليهم الاهانه التي وجهها له صلاح الذي يحمل احد جدوده اسم خميس . و الغريب ان وقتها كان القائد هو الاخ فابين اقامالونق .
اذا كنا ان نريد ان نبني امه فيجب ان نتخلص من هذا العفن ، لان حسين علي الجعلي من المحميه عندما تخلي عنه كل السودانيين بسبب سكره و مشاكله كان صديقه الوحيد في براغ هو عابدين حفيد خميس .
شوقى بدرى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.