منصات حرة جباه للدستور نورالدين محمد عثمان نورالدين [email protected] هذا الصراع الماثل اليوم فى الساحة حول الدستور هو إنعكاس طبيعى لفشل النخب الفكرية على مر تاريخ السودان الحديث فمنذ أن نال السودان إستقلاله لم تستطيع هذه النخب وضع دستور دائم للبلاد يتفق عليه الجميع فكل الأنظمة التى تعاقبت على الحكم كانت تضع دساتير لتقضى حاجتها فقط وبهذا فقد السودان فرص كثيرة للإستقرار وبناء دولة المؤسسات ، واليوم سمعنا بالمؤتمر التأسيسى لجبهة الدستور الإسلامى كبداية لصراع جديد وإعادة إنتاج أزمة الدستور الإسلامى الذى يقابله فى الجانب الآخر الدستور العلمانى أو الدستور المدنى فنعود مرة أخرى لصراع فى المصطلحات دون الخوض فى المضمون والبحث عن الصيغ الضرورية التى تستوعب كل هذا التنوع الثقافى وتستوعب حتى أنماط التدين المختلفة ويبقى من المجحف فرض رؤية أحادية لكتابة دستور لبلد مترامى الأطراف كالسودان وفى ظل وضع غير ديمقراطى بالنتيجة سيبقى هذا الدستور كالدساتير السابقة التى تفتقد لصفة القومية وهذا يعتبر وضع طبيعى فى ظل نظام يتحدث عن دولة إسلامية وجمهورية ثانية بعد فصل الجنوب الذى يعتبر فى نظر النظام جنوب مسيحى والآن أصبح الشمال إسلامى ولكن يبقى التناقض فى تناول هذه الرؤية مايحدث اليوم من تكوين مايعرف بجبهة الدستور الإسلامى فهذا يعتبر إعتراف ضمنى بوجود إختلاف جوهرى فى هذا الطرح الإسلامى الذى يقابله طرح مدنى للدستور ولكن تكمن الخطورة هنا فى أن العمل الجبهوى هو عمل جماهيرى يحتاج بالضرورة لعمل إستفتاء للجمهور سيحتاج لدعاية وإعلام ومؤتمرات وندوات وعلى الرغم من صحية هذه الظاهرة سنعود لمربع الديمقراطية المفقودة والتى فى عدمها سيحرث الجميع فى الهواء وسيبقى من المزعج الحديث عن دستور فى ظل هذا الوضع الغير شرعى ، فنحن كجيل لم يشهد وضع ديمقراطى ولم يكتسب خبرة التعامل بديمقراطية مع كثير من الأمور قبلنا بهذا الإرث الثقيل من فشل النخب الفكرية والثقافية والحاكمة وقبلنا الرهان على الديمقراطية كمخرج وحيد من الأزمة الماثلة وكخيار شعبى يمهد لطريق التنمية والإستقرار والتقدم ونحن اليوم فى أشد الحوجة لحوار موضوعى وهادئ وهادف مع كل الأطراف دون إستثناء يكشف لنا بكل وضوح نوع التغير المنشود ويضئ لنا مسلكاً راسخاً لديمقراطية دائمة وإتفاق قومى شامل لشكل دستور يستوعب بداخلة كل هذا التنوع ، حينها فقط سيكون التعايش السلمى والإستقرار والإحترام المتبادل هو سيد الموقف . مع ودى .. الجريدة