قراءة تانية قانون الكرة السودانية .. (( وداعا )) السر قدور مصادفات قل أن تحدث .. فخلال متابعتي لإشارة إعلانية على قناة النيل الأزرق عن احتفال ( منتدى أبناء ام درمان) بأديب ام درمان والسودان الفذ فقيد الثقافة الدكتور علي المك .. تذكرت العديد من الشخصيات ذات الارتباط الثقافي والفكري والانساني بالاديب الكبير ،تذكرت الشاعر صلاح أحمد ابراهيم شريكه في كتاب ( البرجوازية الصغيرة ) وتذكرت عملاق الغناء عبد العزيز محمد داؤود الذي لم تتسع المقالات القصيرة لرثائه فألف علي المك كتابا فريدا شديد الشجن والحزن على رحيل عبد العزيز وتذكرت برعي أحمد البشير ( القانون ) وقد أطلق عليه هذا اللقب صديقه علي المك وتفسيره ان برعي هو القانون الذي يتحكم في حركة كل اللاعبين وسير أي مباراة يشارك فيها بل هو القانون الذي يتحكم في حركة ومشاعر الجماهير وهي تشاهده وتشاهد إبداعه في الملعب . وفي مساء اليوم الثاني الجمعة 6\4\2012سمعت نعي اللاعب الكبير برعي احمد بشير وامتلأ الخاطر بصور متتالية من إبداعاته وفنه .. وكنا نتابعه في دار الرياضة بام درمان في الدرجة الثانية ( جنوب ) نستمع الى تعليقات علي المك وصديقيه العقاد ومختار حيث تختلط صيحات الإعجاب بأهازيج الفنان علي ابو الجود وفرقته . ومن المواقف التي لا أنساها ذلك الموقف العجيب عندما فازت الموردة على المريخ . وفوز الموردة ليس عجيبا وإنما العجيب هو ان كل هجوم الموردة المؤثر لم يشارك في المباراة وغاب نجوم هجوم الموردة لأسباب مختلفة ، وفي هذه الحالة ظنت جماهير المريخ ان فوز فريقها بات أمرا مؤكدا ولكن الأمر العجيب حدث عندما لعب الكابتن ( عوض الكباكا ) في خانة قلب هجوم الموردة وفي بداية المباراة اعتبر الجمهور ان هذا يعتبر من طرائف المباراة ، ولكن ما حدث لم يكن يتوقعه أحد .. فقد استطاع ( عوض الكباكا ) ان يقود هجوم الموردة ويسجل لتنتهي المباراة بهزيمة المريخ . في عصر اليوم التالي للمباراة تجمع كبار المشجعين حول الحاج عبد الرحمن الشاذلي ( شاخور ) الأب الروحي للمريخ وكان للمريخ مباراة أخرى مع الموردة في ذات الأسبوع ( كأس السودان ) فقال الحاج شاخور لمن حوله اذا كنتم تريدون الفوز على الموردة اذهبوا وابحثوا عن برعي ، ولان برعي كان منقطعا عن التدريب منذ اكثر من شهر فإن الامر كان يبدو مستحيلا ولكن بعض كبار المشجعين قرروا ان يذهبوا الى برعي وإقناعه بأن يأتي للتمرين ليلعب المباراة امام الموردة . ورغم ان برعي لم يحضر للتمرين الا ان الجماهير في استاد الخرطوم فوجئت بدخوله في مقدمة فريق المريخ وكادت جماهير المريخ تصاب بالجنون وهي تشاهد عودة الكابتن ، ولم يلعب برعي اكثر من عشرين دقيقة سجل خلالها هدفا بالقدم وهدفا بضربة رأس لم يخدع بها حارس المرمى ( صفيحة ) فقط وانما خدع بها الآلاف داخل الاستاد .. وبعد تسجيل الهدف ذهب وحضن زميله ( جقدول ) الذي أرسل له تمريرة الهدف الأول والهدف الثاني .. وغادر الملعب .. يومها كتب مرسي صالح سراج قصيدة عن عودة برعي قال في مطلعها : عاد الاستاذ .. باصاته لذاذ ورانا الفن .. سوى الاعجاز بالرجل شديد .. بالهد ممتاز بلا كتر زعيق .. بلا جدع قزاز وذكر مرسي جدع القزاز ليداعب جمهور الهلال وكان قد ألقى الزجاجات الفارغة احتجاجا على الحكم خلال مباراة بين الهلال والنيل .. في القاهرة منذ سنوات احتفل الموسيقار الكبير بشير عباس بأحد علامات الكرة السودانية وكان في زيارة لمصر هو الكابتن صديق منزول وحضر الاحتفال العديد من أهل الفن .. وخلال الونسة تحدث صديق عن أبناء جيله من لاعبي كرة القدم وقال عن برعي ان برعي موهبة نادرة لن تتكرر وأنه اللاعب الوحيد الذي لا تعرف ماذا سيفعل عندما تصله الكرة ويتصرف بأسلوب لا يتوقعه أحد .. رحم الله قانون الكرة برعي احمد بشير والأمير صديق منزول وأبناء الأجيال المبدعة في كرة القدم . الراي العام