إليكم الطاهر ساتي ديفيد جال ... ( فيك الخير) [email protected] ** هوية الأسلحة التي إحتلت بها قوات دولة جنوب السودان منطقة هجليج السودانية - يهودية كانت أو اسلامية - ليست مهمة..فالمهم هو : رفض هذا الاحتلال المستفز، حتى ولو استخدمت قوات دولة جنوب السودان في غزوها (سيف ابن الوليد ودرقة ابن أبي وقاص)..إذ تلك الأرض كانت ولاتزال وستظل سودانية، والدفاع عنها واجب لاشك فيه ولاتحفظ، بل قصف المحتل في عقر داره- وليس في الحدود فقط - حتى يعلن انسحابه منها ثم يندم على فعله، واجب أيضاً..هذا ما يعرف بالدفاع عن تراب البلد، وقد يكون هذا التراب بهجليج أو بحلايب أو بالفشقة.. إذ أينما أشهر جيش البلد سلاحه دفاعاً عن مثقال ذرة من هذا التراب ، يجب أن نشهر معه بلاتردد .. ولسنا ولاة أمر لنأمر الجيش باسترداد حلايب والفشقة بقوة السلاح ، ولكن لو هب الجيش لذلك لوجدنا من المناصرين لقتاله بلا تحفظ ، ولن نراوغ - تحت ستار كراهية الحكومة - كما يفعل البعض في أيام هجليج هذه..سواسية الدفاع عن هجليج وحلايب - وكل أرض البلد - في الوجدان .. ولاحياء في الدفاع عن كل أرض - أو مثقال ذرة منها - تحت أية رأية، ولو كان رافعها ( فرعون زاتو)، ناهيك عن يرفعها بعض بني جلدتنا الذين نختلف معهم ( سياسياً كان أو حتى عقائدياً)..فالدفاع عن تراب البلد لايقبل القسمة على المواقف السياسية، ولا يمكن التخلي عن ( بالحياء الصامت أوالتبرير الساذج)..وهذا ما يجهله البعض الموالي - بالحياء الصامت أو بالتبرير الساذج - لقوات دولة الجنوب الأجنبية منذ الأسبوع الفائت..!! **فالمعارضة الوطنية سميت بالوطنية لأنها تدرك - بحسها الوطني- خطوط الطول والعرض الفاصلة ما بين السلطة الحاكمة والوطن الحبيب، ولذلك تجلت مواقف زعماء المعارضة الوطنية المسؤولة بشكل مشرف ومسؤول ويليق بقاماتهم الوطنية..ومع ذلك، هناك فئة قليلة لاتزال غافلة، بحيث تظن بأن الدفاع عن قوات دولة الجنوب نوع من النضال ضد السلطة الحاكمة بالخرطوم، بل تظن بأن سلفا كير - قائد تلك القوات الغازية - هو صلاح الدين الأيوبي القادم لتحرير الخرطوم..وليس في أمرهم عجب، فالتنازل عن مبادئ الحياة الأساسية في - لحظات الطيش والغفلة والتفكير الساذج - ليس بجديد في حياة الناس والبلد..وتاريخ السودان القديم يضج بقصص التنازل عن تلك المبادئ الأساسية، منها أن الذي أرشد الفرنجة الى حيث مكان البطل ود حبوبة كان سودانياً أيضاً، ولكن بالشكل فقط وليس بالوجدان..وكذلك الذين تسببوا في بعض الهزائم لقوات الإمام المهدي والخليفة عبد الله، كانوا - للأسف - من بني جلدتنا، بالأشكال فقط وليس بالأفئدة..وهكذا، إذ كان ولايزال ( عمى البصيرة) من صفات أهل الأرض ..!! ** فلنتأمل موقف ديفيد ديل جال - الأمين العام لحزب جبهة الانقاذ الديمقراطية المتحدة - من احتلال هجليج ، عسى ولعل ( يختشي البعض)..فالرجل لم يتحدث من الخرطوم، حيث مكان رئاسة ومجلس وزراء وبرلمان سلطة الخرطوم الحاكمة، بل من جوبا حيث عاصمة بلده..إذ يقول واصفاً ما يحدث بالنص : ( نرفض المشاركة في الإستنفار ضد دولة السودان، ونرفض الاعتداء على الارض السودانية، ونرفض التدخل في شؤون هذه الدولة الجارة)، هكذا انحاز هذا القيادي السياسي للحقيقة، بشجاعة وصدق، وهو في عقر دار حكومة بلده المعتدية..بالمناسبة، ديفيد جال ليس سودانياً، ولم يتخلى عن جنسية دولة جنوب السودان، ولكنه نصر حكومة بلده حين رأى ظلمها، وذلك بعدم منصارتها على الظلم، ثم بمناصرتها بمنعها عن التمادي في الظلم، أي بالنصح القائل : (ما كان عليك الاعتداء على هجليج، ولا تتدخلي في شؤون السودان )..!! ** موقف ديفيد جال خير - للسودان - من مواقف بعض الملقبين ب(أبناء السودان)..نعم صكوك الوطنية لايوزعها زيد من الناس أو عبيد، ولكن المواقف والمحطات هي التي توزعها ثم توثقها في دفتر التاريخ، لتعلم الأجيال القادمة ( من صفق لقوات سلفاكير المهاجمة، ومن ناصر قوات بلده المدافعة )..فالمرء لايكتب أو يتكلم ليملأ فراغ حاضره فقط أو ليحاضر شعب زمانه، بل يكتب ويتكلم للمستقبل ولشعب الزمن الآت أيضاً، والمستقبل وشعب الزمن القادم لهما حق توزيع الصكوك (سودانية كانت أو جنوبية، صائبة كانت أم خائبة)..والماضي لم يرسم للحاضر فقط مشهد جنود الخليفة عبد الله وهم يستبسلون بثبات في خنادقهم، بل رسم أيضاً مشهد الذين غدروا بهم وهم يرشدون قوات الفرنجة الغازية الى حيث خنادقهم..ويوما ما سوف يكتشف البعض الغافل بأن مواقف السواد الأعظم من أهل البلد - في قضية احتلال هجليج - كانت منحازة لوطنهم فقط لاغير، وكانت قناعاتهم - كما أقدام جنود جيش وطنهم - ثابته وراسخة، بحيث لم ولن تزعزعها ( لحظة خلاف سياسي)..نعلم بأن المؤتمر الوطني - بكل تفاصيله الرعناء - لحظة عابرة في حياة شعبنا، ولكن الوطن باق في الوجدان الى يوم الدين، وهذا ما لم يفهمه البعض الذي لايزال يخبئ طرائق تفكيره تحت ( قُبعة سلفا كير)..!!