زمان مثل هذا الشعب يترنح الصادق الشريف مجلة الإيكونومست البريطانية قالت إنّ الحكومة السودانية تترنح بفعل إيقاف تصدير النفط من قِبل دولة الجنوب.. والدخول في مواجهات عسكرية طويلة وفي مساحة واسعة. مجلة الإيكونومست تكذب وتتحرى الكذب.. فالحكومة السودانية لا تترنح بفعل إيقاف تصدير النفط!!!.. ولا الحرب المفروضة عليه في جنوبه الجديد!!!.. السودان ظلّ يترنح منذ استقلاله بفضل السياسيين السودانيين. صحيح أنّ الأزمة في هجليج سوف تستنزف موارد البلاد الشحيحة.. وسيزداد الصرف على البنود الأمنية والعسكرية. لكنّ مثل هذه الأحداث لا تجعل الحكومة تترنح.. فهي أزمات متكررة منذ أكثر من عقدين من الزمان.. عقدان ونيف يخرج فيها السودان من حربٍ ليخوض حرباً أخرى. وفي مرة من ذات (المرارير) واجهت القوات المسلحة السودانية الجيش الشعبي ومعه القوات اليوغندية بالجنوب.. وواجه إرتريا ومعها قوات التجمع الوطني الديمقراطي بالشرق.. وفُتحت عليه جبهة حلايب في ذات التوقيت. رُبّما ترنحت الحكومة ليومين أو إسبوعين أو شهرين.. ولكنّها عادة ما تتكئ على الشعب.. فتثبُتْ هيّ ويترنح الشعب. والدليل لن نسحبه من دفاتر التاريخ.. بل سنقدمه من الحاضر الأليم.. وعلى لسان السيد الأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني وأعلى شخصية نيابية في البلاد (يُفترض) أنّها تمثل الشعب. الأستاذ الطاهر قال إنّ (زيادة المحروقات قرار نافد).. وهو القرار الذي رفضه أعضاء برلمانه عند تقديم وزير المالية للموازنة بداية هذا العام 2012م.. وتصريح الطاهر هو تصريح استباقي لأيِّ (شنكبة.. عنكبة) من النواب لرفض القرار.. فهو إملاء لهم بتمرير القرار دون منح الفرصة لبعض النواب (حتى لادعاء البطولة) بانّهم رفضوا القرار الذي يضرُّ مصالح الشعب.. وبالطبع لا يبحث رئيس البرلمان عن أيِّة بطولة يذكرها له الشعب المسكين.. فهو لم يأتِ إلى البرلمان محمولاً على أكتاف الرضاء الجماهيري.. ولم يصبح رئيساً للبرلمان لتعاظم ثقة النواب في حنكته.. دخوله إلى البرلمان كان أمراً مخططاً له داخل دهاليز المؤتمر الوطني.. وصعوده لمنصب رئيس البرلمان لم يُستفتّ فيه أحدٌ من النواب.. مجرد قرار فوقي مرَّ بالإجماع السكوتي. الحكومة سوف تستغل أحداث هجليج.. وسوف تستغل التعاطف الجماهيري هذا لتمرير زيادة المحروقات.. وليحرق كلُّ من لا يجد قوت يومه. تكذب محلة الإيكونومست وهي تقول إنّ الاقتصاد السوداني يترنح.. نحنُ الذين نترنح.. نحن معشر المغلوبين على أمرهم الذين نترنح.. أمّا الحكومة ومسؤولوها فلا يترنحُ منهم أحدٌ.. هم ينالون أجورهم ومرتباتهم على داير المليم نهاية كلّ شهر ولا تتأخر مرتباتهم حتى لو كانوا مسؤولين ولائيين.. تتأخر مرتبات العمال والمعلمين في الولايات ولا تتأخر مرتبات الدستوريين فيها. ولا يشترون الوقود من مصاريف جيبهم ولا خصماً على بند الخضار أو العلاج.. بل ينالون الوقود كجزء من مخصصاتهم الحكومية التي لا تنفذُ أبداً.