صدي هل نحن فاسدون؟؟!! (1) أمال عباس ٭ نتحدث عن الفساد.. ونشير إلى مظاهره التي لا تخفى على أحد في كل المجالات.. والحكومة نفسها تتحدث عن الفساد.. بل وكوّنت له آلية تبحث فيه وتحدد أماكنه.. ولكن الأمر لم يغادر محطات الحديث والهمس ولا محطات اللجان المكونة للتحقيق.. والذي يتزايد ويشمخ ويملأ كل الأرجاء هو الفساد نفسه.. الذي يبدأ بالمحسوبية.. والواسطة والمحاباة وينتهي بالاعتداء الواضح على المال العام بالنهب أو الاختلاس. ٭ من المؤسف ان الفساد اصبح حالة عامة في المجتمع السوداني.. جعلت البعض يتسامح معه.. ويقبله وكأنه امر واقع وطبيعة من طبائع البشر.. بل هناك طرفة تروى بلا ادانة ولا استغراب وهي ان احدى الامهات في تقديم ابنها لاهل العروس.. «وظيفته صغيرة الا مستفيد».. ٭ بهذا تكونت ثقافة الفساد واصبح التعايش معها امرا واقعا يسعى بيننا ولنتأمل فيما جد على حياتنا من تعامل.. الرشوة.. الواسطة.. المحاباة.. ٭ عبارات ومصطلحات احتلت مكانها البارز وسط لغتنا اليومية.. يستخدمها الموظف او الذي نرجو منه خدمة او حتى حق.. انظروا الى «ظرفي تعرفني» حق الفطور.. حق السجائر.. وفي هذا المنحى تنداح القصص عن الذين يفاوضون بالمكشوف ويحددون نسبة مئوية محددة متأخرات المعاش او استخراج سلفية.. مما يجعل الرشوة تقفز من خانة الآلاف الى خانة الملايين ومن هنا نجد ان الفساد هو «الظرف» والفاصوليا والمعلوم.. وحق السجائر وحق الفطور.. وهو مصطلحات عادية عابرة اصبحت تمر علينا ولا تستوقفنا ولا تثير انزعاجنا. ٭ من المؤسف ان الكثير من السودانيين يقدمون الرشوة ويسمونها تسهيلات.. ويظنون ان الفساد هو ان يتلقى الموظف او المسؤول الرشوة او العمولة مقابل مخالفة القانون فقط..ومن هذا المفهوم الحقيقي يعتقد البعض او الاغلبية انهم غير فاسدين بينما، ان المعنى الحقيقي للفساد.. هو كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة لنفسه او لجماعته او حزبه. ٭ ولكن حتى الذين يتحدثون عن الفساد.. وعن الوزير الفلاني او الموظف العلاني يقومون باداء بعض هذه المظاهر سواء بوعي او بدون وعي واهم هذه المظاهر الواسطة والمحاباة. ٭ الفساد وبكل صوره هو في الاصل وليد شرعي لسوء السياسات العامة والسياسات الاقتصادية على وجه التحديد.. وهذا هو السبب الحقيقي في خلق الواقع الذي نعيش فمثلا التجاوز يبدأ من القمة حيث التطلعات الكبيرة.. المنزل.. القصر.. والعربات الفارهة والمزارع الممتدة وتعدد الزوجات المستمر.. وينتهي بالموظف الصغير الذي يعتقد ان راتبه الصغير يبيح له ان يرتشي وان يختلس وان يفسد ليعوض نقص راتبه بدلا من ان يوجه جهوده للمطالبة بزيادة راتبه او ان يغير من الوضع الذي يجعل راتبه ضعيفاً. ً ٭ وذات الربكة تنعكس على المجتمع كله وتخلخل نسيجه الحي المتمثل في الأخلاق والقيم. أواصل مع تحياتي وشكري الصحافة