٭ التيار الكهربائى يمارس هذه الايام.. نوعاً من التمنع والدلال ما عرفتهما ساحة قطوعاته المتواصلة في جميع فصول السنة.. في الصيف قبل هطول الامطار يتعذرون بانحسار النيل وضعف طاقة التوليد وفي الخريف بسبب غرق المولدات في الطمي واعشاب الفيضانات.. وهذا العام لم يحدثنا احد عن السبب وتركت هيئة الكهرباء لتيارها خيارات التمنع والدلال والحرد والهجمة.. ليست هجمة النجمة.. نعم الهجمة هذه الايام التيار يغيب.. ويغيب ثم فجأة يهجم بلا استئذان.. ويسبب موت الاجهزة الكهربائية.. الثلاجات والمكيفات وحتى لمبات الاضاءة الموت الفجائي نتيجة السكتة القلبية الناتجة عن الصدمة. ٭ استغفر الله ما مناسبة هذا الحديث عن الكهرباء وعلاقته بعنوان هذا العمود (الفساد سيد الموقف).. التيار كان منسحباً كعادته مما جعلني اكف عن القراءة بسبب الحر والعرق.. واشارك في مجلس صغير كان كل الحديث فيه عن ظاهرة الرشوة التي اخذت تتفشى بصورة مزعجة في مكاتب الحكومة وفي كل منحى من مناحي الحياة في السودان. ٭ كل الذين تحدثوا سردوا العجائب من الاساليب المستحدثة لاخذ الرشوة والاسماء العديدة التي تطلق عليها إلا اسمها الحقيقي يسمونها تسهيلات ( إكرامية) (حاجة كده) (حقي وينو)؟ (حق الشاي) .. مسح الخشم (حق السجائر).. اسماء كثيرة وتبريرات اكثر. ٭ وكان الكل يتحسر ويستنكر تعاظم هذه الظاهرة في المجتمع السوداني.. المجتمع الذي كان يستهجن هذا السلوك ويضعه في خانة الفساد.. والحرام.. ويقول الاسلام دين الغالبية ان الراشي والمرتشي الى النار... ٭ اصبح هذا المجتمع وفي زمان المشروع الحضاري وتطبيق شرع الله يبرر الظاهرة بضيق الحال وانتشار الفقر والعوز وارتفاع الاسعار.. والوضع المتردي لموظفي الحكومة على وجه الخصوص.. وقالوا ان موظف الحكومة في اعلى درجات الوظيفة دخله لا يكفيه للربع الاول من الشهر.. وفريق آخر يرى انها كارثة ونذير شؤم ان تكون العلاقة بين المواطنين اصحاب الحاجات وبين الذين يشغلون مواقع حكومية تتصل بانجاز هذه الحاجات التي هى حقوق لهؤلاء المواطنين وواجبات على الذين يقومون بها. ٭ واتفق الفريقان في النهاية على ان التمادي في التعاطي مع هذه الظاهرة.. ظاهرة الرشوة هى اخطر مظاهر الفساد تختلط الأشياء وتغيب المباديء ويصبح الفساد هو السيد ولكن المأمول والمفروض شيء والواقع شيء آخر والحقيقة الكبرى هى ان اسقاطات الواقع الاقتصادي السلبية قد شملت كل شيء وهذا ما يجب ان يكون محل الوقفة والانتباهة. ٭ فالحديث عن فساد الكبار.. لا يصده ولا يقلل منه بلا آليات فاعلة تبدأ بالمحاكمات العلنية.. انعقاد محكمة علنية واحدة تبدأ المسيرة القاصدة.. مسيرة محاربة الرشوة والفساد. هذا مع تحياتي وشكري